14 Jun
14Jun

بعد أكثر من 25 عاماً على ارتكابه أول جريمة قتل، انتهت فجر يوم الجمعة الماضي، حكاية أشهر سفاح في محافظة ميسان، إذ أردي قتيلا على يد قوة أمنية في المحافظة، بعملية نوعية أتت ثمارها بعد سنوات طويلة من ملاحقته ومحاولة القبض عليه.

"أبو ذويل"، وهي الكُنية التي يعرف بها جعفر الياسري دون معرفة السبب، المولود في منتصف سبعينيات القرن الماضي، والذي بدأت حكاية تحوّله إلى أخطر مطلوب للعدلة داخل المحافظة الجنوبية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، لينتقل بعدها كمسؤول عن أهم خط لتوريد المخدرات للعراق.

ومنذ يوم مقتله مع نجله ونجل شقيقه، شهدت مدينة العمارة مركز محافظة ميسان، وضعا أمنيا متوترا وتصعيدا كبيرا، حيث أقدم مجهولون على محاولة اغتيال أحد شيوخ عشيرة آل ازيرج رعد شواي، لكنه نجا منها وأصيب نجله وقريبه فيها وقتل ابن عمه، وذلك بعد أن اتهمت آل ازيرج بالمشاركة في قتل جعفر، عبر تبليغ القوات الأمنية عن مكان تواجده.

ولم يتم التاكد من هوية الجناة غير أن مصدرا أمنيا محليا، أكد اعتقال ثلاثة مشتبهين في مدينة العمارة، أحدهم قريب لجعفر، والآخران ينتميان لمجموعته المسلحة.

وما يزال الإرباك مسيطرا على المحافظة، وبدأت المدينة تشهد استعراضات مسلحة، كما طالب حيدر محمد چثير، وهو أحد شيوخ آل ازيرج، وعضو في البرلمان، أمس الأول، رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بفرض حظر للتجوال في المحافظة، وأكد له أن الوضع متجه لصراع مسلح كبير ويجب إرسال تعزيزات أمنية كبيرة للسيطرة عليه.

بداية التحول
ونسرد حكاية "سيد جعفر"، وعلاقته المتوترة بعشيرة آل ازيرج، وكيف بدأت عمليات الثأر بينه وبينها منذ سنوات طويلة، فضلا عن كشف عدد من جرائم القتل التي ارتكبها إلى جانب ضلوعه بتجارة المخدرات.

ويقول مصدر مطلع في المحافظة إن "جعفر الياسري، ارتكب أول جريمة في العام 1998 ضد أحد أفراد عشيرة آل ازيرج بمحافظة ميسان، حيث هرب بعد ذلك، إلى مناطق الأهوار، وكان أساس الجريمة هو الخلافات بين العشائر على الأراضي والمواشي".

ويضيف المصدر، "بعد 2003 عاد الياسري إلى الساحة في ميسان، لكنه بقي حذرا من الأخذ بالثأر العشائري منه، حتى أعيد فتح ملفه الأمني مرة أخرى وقامت السلطات الأمنية بملاحقته بتهم ارتكابه جرائم قتل، فعاد مجددا للاختفاء منذ العام 2004 وحتى ظهوره الثاني في العام 2014، حين أعلن انضمامه لقوات الحشد الشعبي بعد فتوى الجهاد الكفائي، ويومها كانت البلاد مسرحا لعمليات تنظيم داعش، لكنه انسحب سريعا حين تمت مطاردته والقبض عليه".

ويردف أن "أبو ذويل، نفذ هجمات كثيرة على العشائر، وقتل الكثير من رجالها بمساعدة شقيقه الوحيد، الذي يقضي محكوميته الممتدة لـ10 سنوات، وتنتهي بعد أشهر قليلة"، مبينا أن "أبو ذويل، أصبح في إحدى الفترات مسؤولا عن حل مشاكل المواطنين الذين يلجأون إليه، وكان يقوم بذلك دون مقابل بسبب سمعة عائلته التي تنتسب للسيد سروط (أحد أبرز الشخصيات الروحية في محافظة ميسان في بدايات القرن الماضي)".

ويكمل المصدر سرد الحكاية: "سرعان ما تحول جعفر، إلى قاتل مأجور، حيث بدأ يحل مشاكل المواطنين مقابل الحصول على المال، ومن ثم بدأ ينحو للتدخل في مجمل القضايا التجارية والاقتصادية والسياسية لمختلف الجهات والتيارات السياسية التي تستعين به، حتى أصبح شبحه المرعب يطارد سكان العمارة (مركز محافظة ميسان) وشخصياتها، ومن ثم انتقل إلى تجارة المخدرات، وأصبح مسؤول خط تهريبها للعراق عبر إيران عن طريق الأهوار، وكان مسيطرا على هذا الخط لمعرفته الدقيقة بهذه المنطقة وطرقها".

ويتابع "عاد جعفر، مرة أخرى للتخفي في مناطق الأهوار، وهذه المرة ليس بسبب جريمة قتل واحدة، بل بات مطلوبا للدولة ومختلف العشائر الأخرى في المحافظة، والتي قتل العديد من أفرادها على يديه لأسباب مختلفة، إذ يقدر ما قام به من عمليات بنحو 50 جريمة، وإدخال مئات الكيلوغرامات من المخدرات".

ويكشف أن "أبو ذويل، ارتبط خلال السنوات الأخيرة بأكثر من جهة، وكان ينفذ لها ما تريده، وخاصة الجماعات المسلحة أو التيارات الفاعلة بالجنوب، وذلك لقاء تقديم المال، وليس لارتباط عقائدي كما قد يظن البعض".

تطورات سريعة
وكان شيخ عشيرة آل ازيرج رعد شواي، قال في مقطع فيديو، اطلعت، أنه تعرض لمحاولة اغتيال ذهب ضحيتها ابن عمه وأصيب نجله، فيما وجه عتبا للقوات الأمنية وخاصة قائد شرطة المحافظة.

وأكد شواي: "قبل يومين من تعرضنا لمحاولة اغتيال، كانت هناك مؤشرات، حيث جاء شخصان لمنزلي وكان فيه عمال بناء، وطلبا من أحد العمال أن يناديني، لكني لم أسمعه، فطلبا منه إرسال رسالة لي، حيث أبلغاه بانهما يحملان هدية لي".

وتابع: "على أساس هذا التهديد تم إرسال مفرزة لحماية منزلي، لكن في اليوم التالي صدر أمر بانسحاب القوة الأمنية وإعادتها لموقعها ولا نعرف السبب".

وتشهد محافظة ميسان وضعا أمنيا حذرا منذ سنوات، نتيجة للنزاعات العشائرية وتنفيذ عمليات الثأر فيما بينها، وحاولت القوات الأمنية الحد من هذه النزاعات لكنها لم تنجح.

ويعد قضاء الميمونة في المحافظة، معقلا لعشيرة آل ازيرج التي ينتشر العديد من أبنائها في العاصمة بغداد أيضا، رغم أن الأحداث الجارية كانت خارج القضاء وبالتحديد في مدينة العمارة، لكن بالتوجه لقائممقام قضاء الميمونة صبري الشرع، فإنه يؤكد أن "قضية قتل الياسري، والنزاع العشائري جميعها حصلت خارج نطاق قضاء الميمونة والنواحي التابعة له".

ويضيف أن "قضاء الميمونة شهد تظاهرة لأفراد عشيرة آل ازيرج، احتجاجا على محاولة قتل وإصابة عدد من شيوخهم بهجوم في العمارة، وكانت التظاهرة منضبطة ولم تشهد أي مظاهر خارج نطاق القانون".

ويوضح، أن "القوات الأمنية تحكم قبضتها على كافة مداخل ومخارج القضاء ولن تسمح بزعزعة استقرار المدينة، على حساب حياة الناس الآخرين والوضع في الوقت الحالي مستقر".

ماذا سيحدث؟
وبالعودة لجعفر الياسري "أبو ذويل"، فإن مصدرا آخر في المحافظة، أشار إلى أن "الأوضاع الحالية، حتى وإن هدأت تقريبا، فإن المحافظة على موعد مع صراع كبير قريبا، بعد الخروج الوشيك لشقيق أبو ذويل من السجن".

ويبين، أن "شقيقه سيكون عازما على الأخذ بثأره وثأر نجله، أو تتجه الأحداث إلى قتله مباشرة بعد خروجه من السجن قبل أن يتمكن من أخذ الثأر، وفي الحالتين فإن المحافظة تطفو على صفيح ساخن من المفاجآت".

يذكر أن مقتل "سيد جعفر"، أثار ردود أفعال مختلفة في وسائل التواصل، بين من عده "بطلا" ومدافعا عن حقوق المظلومين، وبين من وجده مجرما وأنه يستحق هذه النهاية، كما ضجت وسائل التواصل بفيديوهات كثيرة حول سيرة حياته لتعريف المواطنين به.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة