نحو 250 ألف طالب يتخرجون سنويًا من الجامعات الحكومية في العراق، مما يزيد الضغط على سوق العمل ويثير مخاوف بشأن تفاقم البطالة بين الشباب المتعلم.لحظة احتفال تخفي القلقفي كل عام، يعيش الطلبة أجواء الفرح عند ارتداء زي التخرج ومشاركة أسرهم هذا الإنجاز.
لكن خلف الابتسامات، يختبئ قلق عميق بشأن المستقبل. فاطمة حيدر، خريجة قسم الرياضيات، تعبر عن هذا الشعور قائلة: “فرحة التخرج تبقى ناقصة بسبب خوفي من المستقبل المجهول. البطالة تتزايد، وأصبحنا فائضين عن حاجة السوق.”
فاطمة تدرك أن النجاح اليوم لا يتوقف عند الشهادة الجامعية فقط، بل يشمل المهارات الشخصية وبناء العلاقات المهنية، لكنها لا تزال تتساءل: “هل هناك فرص حقيقية تنتظرنا؟”رؤية بديلة
مقتدى العبودي، طالب في كلية اللغات، يعكس نظرة مختلفة: “لم أسعَ لوظيفة حكومية، بل كنت أطمح للمعرفة والثقافة. أرى القطاع الخاص فرصة للنمو رغم التحديات.”
هذا التوجه يبرز بين الشباب الباحثين عن الإبداع والتغيير بعيدًا عن الوظائف التقليدية.تحديات سوق العمل
وفق الجهاز المركزي للإحصاء، يبلغ معدل البطالة في العراق 16.5%، مع ارتفاع كبير بين النساء (28%) مقارنة بالرجال (14%). وعلى الرغم من تخريج ربع مليون طالب سنويًا، فإن السوق غير قادر على استيعاب هذا العدد، ما يدفع الكثيرين للعمل في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم.ضعف القطاع الخاص
يعاني القطاع الخاص في العراق من ضعف في الهيكلية وغياب التشريعات المحفزة للاستثمار، مما يقلل من فرص التوظيف. الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش يشير إلى أن الاعتماد على دعم الرعاية الاجتماعية بدلًا من خلق فرص حقيقية يساهم في الركود الاقتصادي.
مبادرات حكومية
تعمل وزارة العمل على تدريب الشباب ومنحهم قروضًا بدون فوائد لدعم المشاريع الصغيرة، في حين تركز الحكومة على تعزيز القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. المستشار الاقتصادي مظهر محمد صالح أكد أن الهدف هو خفض البطالة إلى أقل من 4% بحلول 2028 من خلال استراتيجيات شاملة للتنمية المستدامة.
آثار اجتماعية واقتصادية
البطالة لا تؤثر فقط على الاقتصاد بل تفاقم الفقر، الهجرة غير الشرعية، والجريمة. ومع انخفاض الاستهلاك وإضعاف القطاعات الإنتاجية، يخسر العراق كفاءاته، مما يعيق التحول إلى اقتصاد متنوع ومستدام.بينما تسعى الحكومة والشباب على حد سواء للتغلب على هذا التحدي، يبقى الأمل في تضافر الجهود لتجاوز هذه الأزمة وتحقيق مستقبل أكثر استقرارًا.