16 Aug
16Aug

تتواصل ملاحقة المسؤولين البارزين في حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، إذ وصلت إلى مرحلة إبلاغ الشرطة الدولية "الإنتربول" للقبض عليهم، لكن عارفا في الشؤون الأمنية حدد اشتراطات لتحرك الإنتربول قد تحول دون رغبة الحكومة والفرقاء السياسيين الداعمين لها، وفيما عزا محلل سياسي، أهداف تلك الخطوة إلى منع الكاظمي من العودة إلى الحياة السياسية، اعتبره مقرب من الإطار التنسيقي "شجاعة حكومية" غير مسبوقة.

ويقول الباحث في الشأن السياسي والأمني سرمد البياتي، خلال حديث لـه إن "مخاطبات الشرطة الدولية (الإنتربول) ينبغي أن تكون مستندة إلى أدلة قضائية، وهذا يبدو أنه قد تحقق فعلا، حيث تمت مخاطبة الشرطة الدولية".

ويشير البياتي، إلى أن "هناك مشكلة، وهي أن الإنتربول لا يأخذ بمخاطبات الحكومة العراقية، فهو يعلم جيدا بوجود صراعات سياسية كبيرة في العراق، ولذا يجب انتظار ما إذا كان الإنتربول سيصدر نشرة حمراء على هذه الأسماء، فإذا أصدر هكذا نشرة، فإن ذلك يعني أن الإنتربول مقتنع بالمخاطبات".

ويتابع أن "الكثير من خطابات العراق الرسمية لم يستجب لها الإنتربول، بسبب علمه بوجود مشاكل وصراعات سياسية بين الفرقاء، كما أن تلك الأوامر صدرت بحق فريق الكاظمي، وليس لشخصه، فكما نظن أن رئيس الوزراء السابق ابتعد عن السياسة"، داعيا إلى "إبعاد القضاء عن أي صراعات وخلافات سياسية".

وكان الادعاء العام العراقي، أرسل أربع مذكرات قبض إلى الشرطة الدولية "الإنتربول" لاعتقال مسؤولين كبار في الحكومة السابقة بتهم تتعلق بقضية سرقة الأمانات الضريبية، أو ما تعرف إعلاميا بـ"سرقة القرن".

ووفقا للمذكرات الأربع المذيلة بتوقيع رئيس الادعاء العام القاضي نجم عبد الله أحمد، بتاريخ 8 آب أغسطس الحالي، فإن المتهمين هم كل من رئيس جهاز المخابرات السابق القاضي رائد جوحي حمادي الساعدي، ومدير المكتب الخاص لرئيس مجلس الوزراء السابق، ومستشار رئيس الوزراء السابق مشرق عباس حسن حسين الجنابي، ووزير المالية السابق عبد الأمير حسون علي طه.

واستندت مذكرات القبض إلى كتاب من هيئة النزاهة لملاحقتهم خارج العراق عن تهم تستند إليهم وفق أحكام المادة 316 من قانون العقوبات العراقي.

من جانبه، يبين المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه، أن "هيئة النزاهة أعلنت في بيان لها مؤخرا، عن صدور 8 مذكرات قبض بحق وزراء في حكومة الكاظمي والحكومات التي سبقتها، وبعضها حكومات إطارية، وهذا يعني أن الهيئة تحقق في ملفات تتعلق بالفساد ولا تتعلق بجوانب سياسية".

ويضيف الدعمي، أن "هذه المذكرات ليست شرطا للإدانة، فهناك عشرات المذكرات تم الإفراج عمن صدرت بحقهم، وهناك تحقيقات تجري في هيئة النزاهة وتعرض على الجهات القضائية المختصة، وعلى هذا الأساس ليس في مذكرات القبض بحق عدد من أعضاء فريق الكاظمي أي جنبة سياسية".

ويلفت إلى أن "الكتل السياسية تسعى بشكل أو بآخر إلى عدم تمكين الكاظمي من العودة إلى العمل السياسي، خصوصا وأنه رئيس الوزراء الوحيد بعد 2003 الذي يقطن خارج العراق، فجميع رؤساء الوزراء السابقين ظلوا داخل البلاد، ولديهم عمل سياسي، وهذا يعني أن هناك اتفاقا سياسيا وليس قضائيا على إبعاد الكاظمي عن أي عمل سياسي".

وأرجع مراقبون في تقرير سابق، القرار القضائي بملاحقة مقربين من رئيس الحكومة السابق، إلى عملية "ثأر" من حكومة مصطفى الكاظمي، شملت الفريق الأضعف بحكومته ولم تشمل الأطراف العاملة معه والمقربة من الإطار التنسيقي، ما دعا الإطار الراعي للحكومة الحالية إلى نفي التدخل السياسي في الأوامر القضائية أو قيامه برفع دعاوى، مؤكدة أن ما يجري هو إجراءات قضائية بحتة.

يشار إلى أن الحكومة السابقة برئاسة الكاظمي، اتهمت بالعديد من صفقات الفساد، وكانت أبرزها ما بات يعرف بـ"سرقة القرن"، وهي سرقة 2.5 ملياري دولار من أمانات هيئة الضرائب العامة، وجرى حديث عن تورط وزراء ومقربين من رئيس الحكومة، لكن لم يتخذ أي إجراء وسلمت الحكومة مهامها إلى السوداني بشكل رسمي، من دون محاسبة أي مسؤول فيها أو استدعائه من الجهات المختصة.

من جانب آخر، يفيد المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، خلال حديث لـه، بأن "استهداف شخصيات ذات مناصب عليا في الحكومة السابقة يعطي رسالة إلى الشعب العراقي بأن الحكومة الحالية جادة في قضية تحجيم الفساد المالي والإداري وملاحقة الفاسدين أيا كانت مناصبهم".

ويوضح فضل الله، أن "إبعاد الكاظمي وفريقه عن العمل السياسي، مرتبط بإثبات القضاء تهم الفساد الموجهة إليهم، فالإبعاد سيكون وفق القانون بسبب الإدانة بقضايا جنائية، وهي تعد قضايا مخلة بالشرف، وبالتالي لا يمكن لهذه الشخصيات المدانة العمل السياسي".

ويشير إلى أن "خطوة ملاحقة كبار فريق الكاظمي، هي خطوة شجاعة من حكومة السوداني، لملاحقة أصحاب المناصب السيادية والمهمة في الدولة العراقية، وهذه رسالة إيجابية بأن السوداني وحكومته جادان في ملاحقة الفاسدين ومحاربة الفساد، وهذه الحالة الإيجابية ستكون شاملة لكل الفاسدين خلال المرحلة المقبلة، وهي لا تتعلق فقط بالفترات الماضية".

يشار إلى أن رؤساء الحكومات السابقة، جرى توجيه اتهامات عديدة لهم من قبل نواب وسياسيين، أبرزها التسبب بهدر المال العام عبر الصفقات والسرقات الكبرى، إضافة إلى تهاونهم بملفات أمنية خطيرة، ومنها دخول داعش للبلد إبان فترة تولي نوري المالكي لدورته الحكومية الثانية عام 2014، وهذا الأمر جرى التحقيق فيه وصدر تقرير عن اللجنة التحقيقية المشكلة لمعرفة الأسباب، لكن لم يفعل ولم تجر إدانة شخصيات على مستوى رفيع.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة