باتت انتخابات برلمان إقليم كردستان، أزمة عصية على الحل، رغم دخول واشنطن على الخط ومحاولتها حل الخلاف بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، إذ استبعد الاتحاد الوطني ومراقبون سياسيون إجراء الانتخابات بسبب المشاكل القائمة ورجحوا إجراءها العام المقبل، بينما رأى الديمقراطي الكردستاني، إمكانية أن تجرى هذا العام، بعد إشارته إلى قرب إرسال وفود إلى السليمانية لحلحلة الخلاف.
وتقول عضو الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ داير، خلال حديث له إن "الانتخابات لن تجري خلال العام الحالي لأن الأحزاب السياسية في الإقليم لديها مشاكل وخلافات حول إجرائها، والشيء الأهم هو تعديل قانون الانتخابات، فحتى الآن اقليم كردستان يتكون من دائرة واحدة، والبعض يريد تقسيمه الى أربع دوائر، وآخرون يريدونه دوائر على أساس الأقليات أيضا".
وتضيف شيخ داير، أن "هذه المشاكل تصعب من إجراء الانتخابات في الاقليم وليس من صالح الحزبين في الأساس اجراؤها لاسيما في ظل هذه المشاكل"، لافتة إلى أن "الزيارة الامريكية لن تساعد أيضا في إجراء الانتخابات العام بل هي تركز على أمور اخرى".
يشار إلى أن رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، التقى يوم أمس المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، ومبعوث الرئيس الأمريكي لشؤون البنية التحتية العالمية آموس هوكستاين، والسفيرة الامريكية لدى العراق الينا رومانوسكي، وبحث اللقاء الوضع في إقليم كردستان، حيث أكد بارزاني أنه يجب إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في الإقليم خلال هذه العام، وأنه لن يتم قبول أي عذر لتأجيلها.
كما التقى ماكغورك، يوم أمس، رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، وبحسب مصادر مطلعة، فإن الاجتماع "شهد التأكيد على تحديد موعد للانتخابات خلال الشهرين المقبلين، وأن يبادر الحزب الديمقراطي للتهدئة وعقد لقاء مع الاتحاد الوطني".
وتابعت المصادر خلال حديث له، أن "من مخرجات الاجتماع أيضا، عودة الفريق الحكومي والوزاري التابع للاتحاد، إلى عملهم، لكن دون أن يشاركوا باجتماعات المجلس الوزاري".
وتجدد الخلاف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، أمس الأول، بعد إصدار رئيس حكومة الإقليم بيانا مطولا هاجم فيه الاتحاد الوطني، وتطرق إلى قضية الواردات من منافذ السليمانية واغتيال الضابط الكردي هاوكار الجاف.
وعلى إثر البيان، انسحب أعضاء حكومة الإقليم المرتبطين بالاتحاد الوطني، من المجموعة الخاصة بالحكومة بتطبيق الواتساب.
بدوره، يبين عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، خلال حديث له، أن "الانتخابات في الإقليم ستجري خلال العام الحالي، وإن المشاكل الموجودة سيتم حلها خلال الفترة المقبلة من خلال وفود ستذهب الى السليمانية لحلحلة الأمور".
وعن أبرز المشاكل الحالية بين الحزبين، يفصل عبد الكريم، أنها تتعلق بـ"الانتخابات والمفوضية وملف الطاقة والرواتب وهذه كلها سيتم مناقشتها وإيجاد الحلول لها عبر وفود ستذهب للسليمانية من الحزب الديمقراطي خلال الايام المقبلة".
ويتابع "لا صعوبة في إجراء الانتخابات، وهو ما أكدته قيادة الحزب الديمقراطي وستنفذ الانتخابات في وقتها والنتائج ستكون مرضية والمشاركة فعالة فيها".
وكانت المحكمة الاتحادية، ألغت في تشرين الأول أكتوبر 2022، مفوضية انتخابات إقليم كردستان، بناء على الدعوى التي رفعتها رئيسة كتلة الجيل الجديد في مجلس النواب وأربعة نواب عن الكتلة، ضد رئيسة برلمان الإقليم للمطالبة بإلغاء مفوضية انتخابات إقليم كردستان، وتضمن بيان المحكمة، أن "من أهم السبل لتحقيق الديمقراطية هو إيجاد هيئة مستقلة تتولى إدارة العملية الانتخابية وعدم التدخل بشأنها من قبل سلطات الدولة أو الكتل السياسية وأن جعل مرجعية تلك الهيئة للجهات السياسية المشاركة في العملية السياسية يفقدها حياديتها واستقلالها".
وكان رئيس الإقليم، وقع في 24 شباط فبراير 2020، أمرا يقضي بتحديد الأول من تشرين الأول أكتوبر الماضي، موعدا لإجراء انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كردستان، لكن جرى تأجيلها.
ومن ضمن المشاكل بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني حول انتخابات الإقليم، هي إصرار الاتحاد الوطني على تعديل قانون الانتخابات، فيما يرفض الحزب الديمقراطي هذا الطرح، ويصف دوافع الاتحاد الوطني بأنها "حجج واهية" لتأجيل إجراء الانتخابات.
يشار إلى أن رئاسة إقليم كردستان، عقدت في آب أغسطس من العام الماضي، اجتماعا بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت، مع الأطراف السياسية الكردستانية للتباحث بشأن الانتخابات في الإقليم، وفيه عبر رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني عن أمله في أن تتوصل الأطراف السياسية إلى تفاهم حول تحديد موعد إجراء الانتخابات وحل المشاكل، عاداً تأخير الانتخابات بأنه "يسيء إلى سمعة ومكانة إقليم كردستان".
إلى ذلك، يستبعد المحلل السياسي الكردي كوران قادر، خلال حديث له، أن "تجري الانتخابات في الإقليم بظل هذه الأجواء المتشنجة بين الحزبين الرئيسين، لاسيما إذا بقيت الأمور على حالها، وهذه التشنجات ليست مجرد اختلاف في الآراء، فالاختلاف في التوجهات أمر طبيعي في العملية السياسية خصوصاً حول موضوع الانتخابات والقانون الخاص بها وأيضاً حول الجهة المسؤولة أو المشرفة على سير العملية الانتخابية سواء في الإقليم او في بغداد أو في أي مكان آخر".
وحول زيارة المبعوث الأمريكي، يؤكد قادر "إمكانية أن يكون لهذه الزيارة تأثير ومساهمة في تقريب وجهات النظر بين الحزبين، ولكن يتوقع أن يجتمع ماكغورك بكل حزب أولاً وبعد ذلك يتم التمهيد لانعقاد اجتماع بينهما سواء بحضور ماكغورك أو بدونه"، مشيراً إلى أن "احتمالات رأب الصدع تأخذ مدةً من الزمن قد تمتد لشهور، وإذا توصلوا إلى إتفاق حول إجراء الانتخابات سيتم تحويل الملف إلى برلمان كردستان ثم إلى المفوضية وبالتالي هذه الإجراءات بحاجة الى الوقت، فمثلا تحديث سجلات الناخبين والأمور الأخرى بحاجة في أقل تقدير الى ما لا يقل عن ستة اشهر، ولهذا فالاحتمال الأقرب إلى الواقع هو تأجيلها للعام المقبل".
يذكر أن بلاسخارت، أكدت في إحاطتها بمجلس الأمن الدولي في تشرين الأول أكتوبر الماضي، أن الأطراف السياسية في كردستان لم تتوصل لحلول مشتركة حول الانتخابات بالإقليم.
وأجريت انتخابات برلمان كردستان الدورة الخامسة عام 2018، أي بعد عام من استفتاء الانفصال الذي أجراه الإقليم ولم يتم الاعتراف به قانونيا.
وقد شارك في انتخابات 2018 نحو 3 ملايين ناخب، لانتخاب 111 نائبا من بين 673 مرشحا ينتمون إلى 29 كيانا سياسيا في حينها.