25 Jul
25Jul

على الرغم من تبوء العراق المرتبة الرابعة عربيا بإنتاج القطن، إلا أن زراعة هذا النوع المستخدم في الصناعات الإنتاجية، تواجه تحديات جمة، لا تتعلق بآثار وتداعيات الجفاف فقط، بل بعزوف الفلاحين لذات الأسباب التي أدت إلى تراجع الزراعة والصناعة بعد 2003، وهي فتح باب الاستيراد على مصراعيه، من دون دعم حقيقي من قبل الدولة، قد يسهم بتقليل كلف الإنتاج، لإحداث منافسة حقيقية مع المستورد.
وفي العام 2023 حلّ العراق بالمرتبة الرابعة عربيا بإنتاج القطن بعد مصر والسودان وسوريا، حيث بلغ إنتاجه 15 ألف بالة (تزن بالة القطن الواحدة نحو 218 كيلوغراما)، وفقا لما ذكرته منصة هيئة خدمة الزراعة الأجنبية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية.
وبهذا الصدد، تقول نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، سوزان كوجر، خلال حديث لـه، إن “القطن يعتبر من المحاصيل الضرورية جدا لاقتصاد البلد، لأنه يزيد من الوارد الاقتصادي، ويجب أن يكون هناك اهتمام بزراعة هذا المحصول، لأنه من المنتجات المهمة، وأيضا يدخل كمادة أولية وأساسية في العديد من الصناعات النسيجية”.
وتضيف كوجر، أن “تنشيط زراعة هذا المحصول يمكننا من تشغيل الكثير من المنشآت والمعامل الصناعية التي تعتمد على القطن كمادة أولية لمنتجاتها، حيث أن زراعته ستغني البلد عن استيراد مثل هكذا مواد، كما أن توفره في الأسواق سيلبي الحاجة المحلية ويوفر فرص عمل أيضا للمنطقة والمجتمع التي تكون فيها هذه المزارع والمصانع”.
وتعزو أسباب عزوف بعض الفلاحين عن زراعة القطن، إلى أن “الظروف التي مر بها البلد في الآونة الأخيرة وبالأخص شح المياه، أدت إلى تراجع الزراعة عموما، بالإضافة إلى أن القطن من المحاصيل التي تحتاج لعناية مستمرة لأجل حمايتها من الحشرات والآفات الزراعية، كونها تشكل ضررا كبيرا على الفلاح”.
وتنصح بأن “يكون هناك تشجيع للفلاحين من قبل الحكومة عبر توفير طرق الري الحديثة لتأمين المياه لحقول القطن، فضلا عن توفير بذوره للأصناف ذات إنتاجية عالية تتلاءم مع الظروف الطبيعية والمناخية في العراق، إلى جانب تأمين الأسمدة والمبيدات، كل هذا سيشجع الفلاح، وبالتالي سيكون هناك إنتاج وفير وجيد، ومن الضروري وجود مخازن لاستلام القطن”.
يشار إلى أن زراعة القطن محصورة في المنطقتين الوسطى والشمالية، ويزرع بشكل محدود في المناطق الجنوبية، وشهد العامان الماضيان انحسارا بإنتاج هذا المحصول بسبب عوامل عديدة منها الجفاف وعدم الاهتمام وغياب دور الدولة في دعم قطاع زراعة القطن في العراق.
وعن أسباب ارتفاع أسعار القطن، يوضح الخبير الاقتصادي، حسن حسين، خلال حديث له ، أن “عزوف الفلاحين عن زراعة هذا المنتج المهم يرجع إلى سياسة الاستيراد والبدائل الرخيصة التي تدخل إلى العراق، مثل الديباج والإسفنج وغيرها من المواد، حيث أن هذا الاستيراد يلغي المنتج المحلي الذي من خلاله يتنوع الإنتاج، كما أن البلد يعيش بحالة من الانهيار بسبب تدخل قوى اقتصادية خارجية هدفها أن يكون العراق بؤرة استهلاكية لتصريف السلع والبضائع”.
ويشير إلى أن “تكاليف الصناعة المحلية تزيد على 60 بالمئة مقارنة بأسعار السلع والبضائع المستوردة، وهذه سياسة خاطئة، كما أن زراعة القطن تحتاج إلى أسمدة معدنية مثل النيتروجين وغيره وجميعها يتم استيرادها، كذلك الدور السلبي للتغير المناخي وقلة المياه، كل هذه العوامل لا تشجع على زراعة القطن، ما أدى إلى هجرة ذوي الاختصاص بسبب عدم دعمهم من قبل الدولة وهذه خساره للبلد”.
ويضرب مثلا بمصر التي “جعلت من القطن موردا اقتصاديا للدولة واهتمت به من جميع النواحي حتى باتت مُصدرا رئيسيا للقطن إلى مختلف أنحاء العالم”.
ويعد القطن محصولا زراعيا صناعيا ذا أهمية كبيرة في الاقتصاد العالمي، حيث يلعب دورا فاعلا في التجارة الخارجية، فهو من محاصيل الألياف الرئيسة ويدخل في صناعة الأنسجة المختلفة والورق والسليلوز وبعض المركبات الكيميائية كما يستخرج من بذوره زيت الطعام وبقاياها تستخدم كأعلاف للحيوانات.
بدوره، يؤكد الخبير الزراعي عادل المختار، خلال حديث له، أن “كل المحاصيل الصناعية في العراق أصبحت متعثرة، وتكاد أن تكون انتهت، ويرجع هذا إلى سبب تكلفة الإنتاج المرتفعة، حيث أن المحاصيل الصناعية مثل القطن، وكسرة القطن، وعباد الشمس، كل هذه المحاصيل تنتج من أجل الصناعات الزيتية”.
ويلفت إلى أن “الكثير من المحاصيل الصناعية توقفت وأصبحت قليلة جدا، ومنها العصف، وفول الصويا، حيث أن أكثرها تقريبا تلاشت، وخير مثال على ذلك هو أن دائرة المحاصيل الصناعية غير فعالة ومهملة بالكامل وهذا هو واقع الحال بالنسبة للقطاع الزراعي وبالذات زراعة المحاصيل الصناعية”.
وتُزرع في العراق عشرة أصناف من القطن، بينما انخفضت المساحات المزروعة خلال العقدين الماضيين في مناطق إنتاج القطن في العراق بسبب السياسة الزراعية واختلال التوازن بين الإيرادات والمصروفات مقارنة بالمحاصيل البديلة الأخرى.
وتعتبر مصر والسودان وسوريا من أكثر الدول العربية إنتاجا للقطن بمعدل 600 ألف بالة، 350 ألف بالة، 160 ألف بالة على التوالي، ومع ذلك فإن زراعة القطن في الدول العربية الثلاث تعاني من المشاكل والاضطرابات الداخلية، وهذا الأمر ينطبق على العراق الذي حل رابعا بـ15 ألف بالة كأكبر منتج للقطن للعام الماضي، ويليه اليمن بمعدل 8 آلاف بالة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة