25 Jun
25Jun

الهجوم الذي شنه نائب عن كتلة صادقون المرتطبة بحركة عصائب أهل الحق، ضد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أظهر للسطح عمق الخلاف بين الطرفين، على الرغم من رفض الحركة لتصريحات النائب وخروجه منها، وفيما يجري ترطيب الأجواء بينهما، توقع مراقبون، اتساع رقعة الخلافات بينهما، بفعل غياب خصمهما المشترك، وهو التيار الصدري، من المشهد السياسي.

ويقول المحلل السياسي غالب الدعمي،إن "الخلاف بين حركة العصائب ودولة القانون موجود ولا يمكن أن ينكر، فالمعروف أن قوى الإطار التنسيقي لاسيما العصائب ودولة القانون كان يوحدهما وجود التيار الصدري، وبرحيل الأخير بدأت الخلافات تنشب، خصوصا أن المرحلة الحالية هي مرحلة مغانم وجمع المزيد من المناصب والمكاسب".

ويستدلّ الدعمي، عن وجود الخلاف، بأن "النائب علي تركي عندما هاجم المالكي، لم ينطلق من فراغ، إنما كان كلامه نابعاً من حوارات داخل العصائب، بعيدا عن الإعلام"، لافتا إلى أن "الخطأ الذي حدث هو أن النائب نقل هذا الحديث الداخلي عن المالكي للعلن".

ويضيف أن "الخلاف بين العصائب ودولة القانون، موجود وواضح، ويمكن استشفافه من خلال تصريحات المسؤولين في الجانبين"، مشيرا إلى أن "هذه الخلافات قد تقود الإطار إلى التفكك في الأيام المقبلة، وأنا أرى أن هذا التفكك يصب في صالح الحكومة والدولة من أجل المضي بالمشاريع والتنمية وعدم بقاء الحكومة أسيرة لهذه الأحزاب".

ولا يستبعد الدعمي، أن "ينسحب تأثير هذا الخلاف على التحالفات المقبلة في انتخابات مجالس المحافظات، إذ ستترك العصائب دولة القانون وتدخل وحيدة أو تشترك مع حزب آخر".

وكان النائب عن كتلة صادقون، التابعة لحركة عصائب أهل الحق علي تركي هاجم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في تصريحات متلفزة متهما إياه بسقوط "ثلث العراق" بيد داعش وأنه يمثل مرحلة من الفساد، فيما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي ردود فعل متبادلة بين جمهوري الطرفين وكذلك بين النائب نفسه وأحد أعضاء ائتلاف دولة القانون الذي دافع عن زعيمه نوري المالكي.

وأعلنت كتلة صادقون النيابية، بزعامة قيس الخزعلي، التبرؤ من تصريحات تركي، ووصفتها بأنها غير مسؤولة وغير منضبطة ولا تنسجم مع توجهات الحركة ولا متطلبات المرحلة ووحدة الموقف والمصير المشترك لتخلق أزمة أو تفاعل موقف غير مسؤول، في إشارة إلى تصريحات النائب عنها علي تركي.

وسرعان ما أعلن تركي انسحابه من كتلة صادقون النيابية والإطار التنسيقي، وفيما أكد أن أصوات التَّخوين ارتفعت لمجرد آراء ضمن الواقع والقانون لتتهجم علينا بأبشع النُّعوتِ مِن قبل كتلة دولة القانون ونوابها، أضاف أنه "لرفع الحرج عن كل الأطراف في هذه المرحلة أعلن انسحابي من كتلة الصادقون وتحالف الإطار وأعلن نفسي نائبا أتحمل كلُّ تصريحاتي ومواقفي السياسية والإعلامية".

بدوره، يعتقد المحلل السياسي نزار حيدر، أن "قوى الاطار ما كان يمكن أن يجمعها شيء لولا التحدي الخطير الذي شكله فوز التيار الصدري في الانتخابات النيابية الأخيرة والذي هدد سلطتهم ونفوذهم وامتيازاتهم، ولذلك رأيناهم كيف استنجدوا بالخارج وبالقوة والعنف لإزاحة التيار عن طريقهم للتشبث بالسلطة".

ويضيف حيدر: "أما العامل الآخر فهو جواب المرشد الإيراني الأعلى على استفتائهم له في ما إذا كان يمكن لبعض عناوين الإطار الالتحاق بالتيار لتشكيل الحكومة، والذي كان بالنفي، وهو الجواب الذي لم يكن لأحد منهم تجاوزه لمعرفته المسبقة بعواقبه الوخيمة".

ويتابع، "كلما شهدنا استحقاقاً انتخابياً، نشهد ظهوراً واسعاً لهذه الخلافات ليس بين قوى الإطار فحسب وإنما بين مختلف القوى السياسية، وعادة ما يصل الأمر إلى حد التسقيط والتُّهم بالخيانة والارتباط بالأجنبي وغيرها".

ويرجح المحلل السياسي المقيم في واشنطن، أن "الخلافات التي انطلقت مبكراً هذه المرة بين قوى الإطار ستتسع أكثر، وأن نواباً آخرين سيفصحون عن مواقفهم الوطنية في الأيام القليلة القادمة"، لافتا إلى أن "الخلاف الحالي الذي تفجر بسبب تصريح النائب كشف عن مدى خوف الفاسدين والفاشلين من كلمة الحق وخاصة اذا جاءت من الداخل".

غير أن حيدر، لا يظن أن "هذه الخلافات ستؤثر بشكل واضح على طبيعة تحالفات ما بعد الانتخابات، خاصة إذا بقي التيار خارج الحلبة الانتخابية، وذلك لأن طهران هي اللاعب الأكبر في ساحة أحزاب السلطة، وهي التي تربط بين قوى شيعة السلطة، لذلك فالنتيجة واحدة في نهاية المطاف".

يشار إلى أن الإطار التنسيقي، تشكل في العام 2019، وخلال ذروة التظاهرات في حينها، وكان آنذاك يضم كافة الكتل الشيعية، بما فيها التيار الصدري في البداية، قبل أن ينسحب بعد فترة وجيزة.

أخذ الإطار التنسيقي على عاتقه اختيار رئيس الحكومة، وكان أول نتاج له هو مصطفى الكاظمي، الذي تسلم رئاسة الحكومة خلفا لعادل عبدالمهدي، وبعد التظاهرات التي شهدت مقتل نحو 800 شخص وإصابة 25 ألفا آخرين.

ومؤخراً، بدأت خلافات كبيرة تظهر داخل كتل الإطار التنسيقي، ومن أبرزها الخلافات مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، والتي تمحورت حول عدم "خضوعه" لقرارات الإطار في القضايا الداخلية.

من جانبه، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، أن "البحث عن المواقع يترك حالة من التشظي في أي ائتلاف، خصوصا أن هناك من يحاول إثبات الوجود، لكن في هذه الحال على الجميع أن يحذر لأنه إذا تم استخدام الدم ستدور الدائرة على الجميع، فعلى العقلاء ضبط البوصلة والعودة إلى الحوار في مثل هذه الخلافات".

ويضيف جودة، أنه "على الرغم من حدوث مناوشات بين الطرفين في جنوب البلاد، لكن الأمر جرى حسمه في بغداد على صعيد القادة وطوي الملف وتم التنبيه على عدم استخدام الإعلام في مثل هذه القضايا"، لافتا إلى أن "العصائب سارعوا إلى امتصاص الأزمة عبر بيان وجرى إصدار عقوبة بحق النائب المخالف وإن كان قد خرج عن الائتلاف، لكنه تسرع ولم تكن لديه نظرة بعيدة".

ويتابع أن "الخلاف الذي حصل أمر طبيعي يحدث في أي حزب أو ائتلاف تتعدد وجهات النظر فيه على إدارة الدولة، ومثال ذلك حزب الدعوة الذي تشظى إلى أجزاء كثيرة، لكن العمل السياسي يحتاج إلى تعزيز ثقافة الحوار كي لا تنزلق الأمور كما حصل في السودان أو ما تمر به روسيا حاليا لا سيما مع وجود الأجنحة المسلحة في العراق".

ويعد ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، من أكبر قوى الإطار، وصاحب أعلى عدد مقاعد بين قواه، ويليه تحالف الفتح الذي يضم كافة الكتل التي لديها أجنحة مسلحة ومنها حركة عصائب أهل الحق.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة