عشرون يومًا تفصلنا عن الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تأتي في ظل تحديات جيوسياسية معقدة.
فقد أثرت الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط على الاستقرار النسبي الذي كانت تنعم به الحكومة العراقية، والذي دفع السوداني إلى وصف العراق بأنه “ركيزة الاستقرار في المنطقة”.
بعد مرور أقل من عام على تشكيل الحكومة، بدا واضحًا أن الهدوء الذي شهدته البلاد كان مؤقتًا، إذ ازدادت هجمات الفصائل المسلحة ضد القوات الأمريكية في العراق، وذلك على خلفية الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل. وقد ردت الولايات المتحدة بقصف واغتيال قيادات من الفصائل العراقية في عمليات جوية وسط بغداد.
هذه الأحداث دفعت القوى السياسية ضمن الإطار التنسيقي، التي تمتلك السيطرة على القرار الحكومي، إلى المطالبة بإنهاء مهمة قوات التحالف في العراق. ومع ذلك، ظلت هذه المطالبات محصورة في الإعلام دون اتخاذ خطوات عملية، حتى إن البرلمان لم ينجح في عقد جلسة لإقرار قانون يُلزم الحكومة بإخراج القوات الأمريكية، على الرغم من أن الإطار التنسيقي يمتلك الأغلبية اللازمة لتحقيق النصاب القانوني.
وفي ظل تصريحات السفيرة الأمريكية في العراق، إلينا رومانوسكي، حول صعوبة انسحاب القوات الأمريكية، يبدو أن السوداني سيواجه تحديات كبيرة خلال لقائه بالرئيس الأمريكي جو بايدن وعدد من المسؤولين الأمريكيين لمناقشة وضع القوات الأمريكية في العراق. وتدرك الحكومة العراقية أن الولايات المتحدة قد تشدد الخناق عليها، خاصة فيما يتعلق بالدولار والإعفاءات من التعاملات التجارية مع إيران، وهو الأمر الذي يضعها بين خيارات صعبة أحلاها بطعم العلقم.
وفي هذا الشأن، أفادت لجنة الأمن والدفاع النيابية بأن الحكومة لم تتخذ قرارًا حاسمًا بعد بشأن جدولة انسحاب قوات التحالف من العراق، مشيرةً إلى أن السيطرة الأمنية الكاملة لا تزال خارج نطاق الحكومة في الوقت الحالي.
وقال ياسر وتوت، عضو اللجنة، في حديث لـه، بأن “الحكومة لم تُبدِ يقينًا بعد حول موعد انسحاب قوات التحالف، على الرغم من وجود خطة مُعدّة للانسحاب وتشكيل لجنة برئاسة رئيس أركان الجيش، إلا أن توقيت هذا الانسحاب لا يزال غير محدد”، مؤكدًا أن “القرار لم يُتخذ بعد، ولا يُعرف إذا كان الانسحاب سيحدث خلال عام أو عامين”.
وأشار وتوت إلى أنه “في ظل التوتر الأمني في المناطق التي تنشط فيها خلايا داعش الإرهابية، لا يُستبعد حدوث خروقات أمنية متزامنة مع انسحاب قوات التحالف”.
وأضاف: “قرار انسحاب قوات التحالف يعود حصرًا إلى الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة، ولا علاقة لفصائل المقاومة بهذا القرار، فهو قرار دولي يخص العراق والولايات المتحدة”.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن “خروج قوات التحالف الدولي والمستشارين في الوقت الراهن يُعد أمرًا صعبًا نظرًا لعدم امتلاك العراق السيطرة الكاملة على أجوائه من الناحية الأمنية، وهناك نقص في الدفاع الجوي والقوة الجوية والطائرات، كما أن الرسالة الأخيرة من السفيرة الأمريكية للحكومة تُشير إلى أن خروج قوات التحالف يُعد صعبًا في الظروف الراهنة”، مُلمحًا إلى أنه “في المستقبل، لا أحد يعلم متى قد يحدث هذا الانسحاب، إن حدث”.