28 Mar
28Mar

فتح تعديل قانون الانتخابات، واعتماد نظام سانت ليغو، الأبواب أمام عودة الزعماء السياسيين للواجهة، في محاولة لكسب الأصوات وتوزيعها على مرشحي القائمة، كما يرى مراقبون للشأن السياسي، إذ أكدوا أن تجارب 2010 و2014، ستكرر في الانتخابات المقبلة، حيث سيكون الاعتماد على "الزعيم" لكسب أكبر عدد من الأصوات، وهذا بجانب استبعادهم فوز "الزعامات"، نظرا لرفض الناخبين للكتل الكبيرة المسيطرة على المشهد.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـه إن "واحدا من أهم أهداف الزعامات السياسية لتمرير نظام سانت ليغو، هو أن تعود إلى الواجهة من جديد، على مستوى الرمزية ومن أجل تحكمها بالقوائم والأشخاص الفائزين، إذ أن هذه الزعامات ترغب في التخادم في ما بينها، ولهذا تجد هذا القانون وفق القاسم الانتخابي، سيتكون بما لا يقبل الشك من أوائل الذين سيرشحون".

ويبين الشمري، أن "بعض الناخبين يعتمدون الرمزية في عملية التصويت أكثر من اعتماد النائب المرشح، ولهذا كانت الرمزية والزعامات خلال انتخابات 2014 و2018 هي المتحكمة بفوز القائمة".

ويضيف أن "سانت ليغو سيفتح الباب مجدداً لعودة تلك الزعامات السياسية للمشهد الانتخابي، رغم أنها لم تشارك في الانتخابات الأخيرة التي جرت وفق الدوائر المتعددة، خشية من عدم حصولها على الأصوات الكافية للفوز بعضوية مجلس النواب".

وصوت فجر يوم أمس الإثنين، مجلس النواب على تعديل قانون الانتخابات المحلية والنيابية، واعتمد نظام سانت ليغو وفق نسبة تقسيم الأصوات 1.7، والعودة للدائرة الواحدة، وهو النظام الانتخابي ذاته الذي كان معمولا به طيلة السنوات الماضية في العراق، باستثناء انتخابات 2021، التي جرت وفق نظام الدوائر المتعددة والترشيح الفردي.

وشهدت الانتخابات السابقة، تنافس نواب ووزراء سابقين، في دائرة انتخابية واحدة، ما حجّم نسب فوزهم على عكس جميع الانتخابات التي مرت، فضلا عن غياب الزعامات السياسية عن السباق الانتخابي واكتفت بدعم وقيادة مرشحي الكتلة فقط.

وحملت نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت وفق نظام الدوائر المتعددة مفاجآت عديدة، أبرزها فوز نحو 40 مرشحا مستقلا بمقاعد نيابية، فضلا عن حصول حركة امتداد المنبثقة من تظاهرات تشرين على 9 مقاعد، فيما حصل تحالف الفتح، المكون من القوى السياسية الممثلة لفصائل المقاومة، على 15 مقعدا، فيما حصلت الكتلة الصدرية على 73 مقعدا.


من جهته، يؤكد المحلل السياسي، علي البيدر، خلال حديث لـه أن "نظام سانت ليغو، سوف يدفع الزعامات السياسية، خصوصاً تلك التي حاولت أن تعتكف أو تكتفي بدور إشرافي، للعودة مجددا للساحة الانتخابية، بل ستعمل بعض الكتل على استقطاب بعض الشخصيات لقوائمها من أجل الحصول على الأصوات".

ويبين البيدر، أن "الكتل السياسية ستعمل على الحصول على أعلى فائض للأصوات من أجل ضمان الحصول على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات المقبلة، خصوصاً أن نظام سانت ليغو لا يبدّد الأصوات، فالفائز بالانتخابات سوف يمنح أصواته المتبقية للمرشح الآخر ضمن قائمته، ولهذا فأن الزعامات ستعود للمشهد الانتخابي حتى تعطي أصواتها للمرشحين الآخرين ضمن القائمة".

ويضيف أن "الانتخابات المقبلة سوف تشهد صراعا جديدا تحت عنوان (عودة الزعامات)، وهذه الزعامات سوف تُجبَر على التواجد قرب المواطنين في الشارع، كونها خلال الفترات الماضية كانت في أبراج عاجية ولهذا هي ستكون مجبرة لتكون قريبة من الشارع العراقي من أجل ضمان حصولها على الأصوات".

كما أن نتائج الانتخابات الأخيرة لم تكن مفاجئة لبعض الكتل السياسية، بل شملت العديد من الوجوه السياسية المعروفة التي تسلمت مناصب عليا عديدة منذ سنوات طويلة، ومنيت بالخسارة، وأبرزها: عبد الحسين عبطان، وعدنان الزرفي، وهيثم الجبوري، وسليم الجبوري، وأسامة النجيفي، ومحمد الكربولي، ومحمد صاحب الدراجي، وآلا طالباني، وبهاء الأعرجي، ومزاحم التميمي، وكاطع نجمان الركابي، واراس حبيب، وخلف عبد الصمد، وظافر العاني، وسلمان الجميلي، وصلاح الجبوري، وعدنان درجال، وعبد الأمير التعيبان، وسارة أياد علاوي.

يذكر أن القوى السياسية الشيعية، كانت تحظى بأغلبية مقاعد البرلمان في أغلب الانتخابات، وخاصة عام 2018، وغالبا ما تتجه الى التوافق فيما بينها لتشكيل الحكومة، فضلا عن التوافق مع الكتل الكردية لتمرير رئيس الجمهورية، لكن الانتخابات السابقة أدت لتقارب مقاعد هذه القوى مع مقاعد المكونات السنية والكردية.

وكانت تقارير صحفية قد سلطت الضوء على هذا القانون، ووفقا لمراقبين بالشأن السياسي فأنه سيؤدي إلى خفض نسبة المشاركة بالانتخابات لمستوى أقل من الانتخابات الأخيرة، والتي عدت في حينها بأنها أقل نسبة مشاركة منذ العام 2003، كما أكد ناشطون أنهم لن يقفوا متفرجين لتمرير القانون، وسيكون هناك حراك لمنع تمريره.

بالمقابل، يعتقد الباحث في الشأن السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه أن "هناك زعامات لن ترشح في الانتخابات المقبلة وهم كل من نوري المالكي، عمار الحكيم، وهادي العامري، كونهم ليسوا بحاجة إلى ذلك فهم يرشحون كتلا ومرشحين مطيعين لهم وينفذون ما يردون، لكن نظام سانت ليغو سيعزز من تواجد الزعامات السياسية".

ويبين الدعمي، أن "قانون الانتخابات الجديد، فيه فقرات واضحة تعزز تواجد الزعامات السياسية في المشهد الانتخابي والبرلماني، فهذا القانون يعطي قوة أكبر للقوى السياسية الكبيرة وزعاماتها، وحتى البدلاء لن يكونوا بحسب الأصوات، بل باختيار زعيم الكتلة، وهذا الأمر ربما أيضا يفتح بابا للتزوير باعتماد العد اليدوي".

ويضيف الباحث في الشأن السياسي أن "نظام سانت ليغو يعزز السيطرة الحزبية الكاملة على المشهد الانتخابي والبرلماني، لكن هذا لا يعني أن بعض الزعامات قد تفوز بالانتخابات المقبلة، فهناك رفض وامتعاض شعبي من بعض الزعامات وربما بوصلة الناخب ستكون نحو جهات أخرى، وهذا يعتمد على مشاركة فاعلة بالانتخابات وهذا غير مضمون حتى الساعة، خصوصاً بعد فرض سانت ليغو من قبل بعض الأطراف".

و"سانت ليغو" طريقة حساب رياضية تُتبع في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، وتعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4، وفي هذه الحالة، تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز، لكن العراق اعتمد سابقاً القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة