26 Apr
26Apr

في ظاهرة جديدة، برزت مؤخرا لدى محال الصاغة، وهي انتشار سبائك الذهب، إلى جانب الحلي والمصوغات الذهبية التقليدية، بعد أن كانت حكرا على أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والبنوك، لكن وبحسب أصحاب محال الصاغة وخبراء بالاقتصاد، فإن التوجه للسبائك، يعد الاستثمار الأمثل للأموال.
الأمر أظهر تحولا في ثقافة شراء المعدن الأصفر، ففيما كان ينظر للذهب كـ”زينة وخزينة” على حد تعبير المثل الشعبي في العراق، ظهر الإقبال على هذه السبائك، لعدم احتوائها على أجور الصياغة، على عكس المصوغات الأخرى، وبالتالي اعتبرت نوعا من أنواع تنشيط الاقتصاد والحفاظ على الأموال.
ويقول الخبير الاقتصادي منار العبيدي، خلال حديث لـه إن “الاستثمار بالذهب يعتبر من الاستثمارات الناجحة، خصوصا مع قله الفرص الاستثمارية بالعراق، ولكن سابقا كانت هناك مشكلة ما يعرف بقيمة الصياغة، التي تشكل عاملا مثبطا للاستثمار في الحُلي، حيث كان الجزء الأكبر من الذهب يتوفر بهذه الطريقة، أي صياغة الخواتم والعقود وغيرها”.
ويضيف العبيدي، “من أجل تقليل تأثير كلف الصياغة لجأ الكثير إلى شراء السبائك، والتي لن يتأثر سعر بيعها أو شرائها بعامل قيمة الصياغة، لذلك وجدت رواجا للاستثمار بها، بدلا من الحلي الذهبية”.
وتعد سبائك الذهب فائقة النقاء، الخيار الأفضل والأنسب من أجل الاستثمار والإدخار، نظرا لوجود نسبة عالية من خام الذهب بها تتعدى 99.9 بالمئة، كذلك انخفاض قيمة المصنعية على السبائك وإعفائها من الضرائب مقارنة بغيرها من المشغولات والقطع الذهبية.
وأدت المخاوف الجيوسياسية إلى ارتفاع أسعار الذهب بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، بما في ذلك حرب روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل على غزة، والهجوم الإيراني على إسرائيل، إلى جانب الانتخابات الرئاسية الوشيكة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، إلى قائمة الشكوك التي تدفع المستثمرين إلى التحول إلى الذهب.
وحول هذا الأمر، يبين محمد علي (64 عاما)، وهو صاحب محل صياغة ذهب في منطقة المنصور غربي العاصمة بغداد، أن “هناك إقبال على شراء سبائك الذهب من قبل المواطنين، فهذه السبائك هي ذهب خالص مضمون ولا يمكن أن تتعرض للغش”.
ويوضح علي، خلال حديث لـه، أن “هذه السبائك هي أداة من أدوات الاستثمار، وهي قابلة للبيع والشراء وهناك تسويق لها حتى عبر صفحات التواصل الاجتماعي في عملية بيع وشراء السبائك الذهبية، لأنها أسهل من شراء باقي المنتجات، فمثلا تكون أسهل من عملية شراء سيارة، والتي تحتاج إلى فحص وتدقيق كثير للتأكد من سلامتها، أما السبيكة الذهبية فيمكن بسهولة بيعها وشراؤها لأنها لا تحتاج إلى ضمانات للتأكد من صحتها وسلامتها كما هو الحال مع باقي المنتجات الاخرى”.
ويتم صنع سبيكة الذهب عن طريق صهر الذهب وصبِّه في قوالب معينة وفق معايير صارمة، وتُدمغ بعد ذلك حسب القوانين المرعية في الدولة، وتعاقب القوانين على أي تلاعب بمواصفاتها المحددة، وبالنسبة لسبائك الذهب ذات الأوزان الخفيفة، تُصنع من صفائح الذهب، وذلك بطريقة ختمها أو طبعها ودمغها للحصول على الشكل المراد، بينما يتم تذويب الذهب وسكبه في قوالب معينة للحصول على السبائك ذات الأوزان الثقيلة.
وشهدت تجارة الذهب في العراق ازدهارا كبيرا في السنوات ما بين 2010 لغاية 2014، إذ كانت تلك الفترة أشبه بـ”الذهبية” في ظل استقرار الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط العالمية وعدم وجود مشاكل في دخل المواطن، الأمر الذي شجع الكثيرين من أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في سوق الذهب، حيث شهد افتتاح محال بيع المفرد أو الجملة.
وانتشرت مؤخرا عملية ترويج كبيرة لسبائك الذهب من قبل محال الذهب في مختلف مناطق بغداد، وتم عرضها على وسائل التواصل الاجتماعي، وبأوزان مختلفة، جميعها تحتوي على ختم رسمي، حتى وصل الحال بصاحب أحد المحال إلى تقديمه عرضا للدولة بتجهيز البنك المركزي بسبائك الذهب.
إلى ذلك، يخالف علي عامر (52 عاما) وهو صاحب محل لبيع الذهب، زميله السابق بالقول “أنا لا أعمل في بيع السبائك الذهبية على الرغم من انتشارها في الآونة الأخيرة، وذلك لأنه حسب رأيي أن المصوغات الذهبية تكون أكثر طلبا من السبائك الذهبية باعتبارها زينة، فالأغلبية يتجهون لشرائها”، مؤكدا أنه “في الوقت الحالي يوجد إقبال على السبائك الذهبية، لكن ضمان شراء وبيع المصوغات الذهبية أفضل وأكثر استخداما”.
ويستدرك عامر خلال حديث لـه أن “انتشار السبائك الذهبية، تعتبر ظاهرة صحية للاقتصاد العراقي، لأن الذهب من أفضل الموارد المستخدمة لتخزين القيمة، حيث يحمي الذهب أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وحتى القليلة، من تقلب أسعار العملة ومن التضخم، كونه يحافظ على قيمة ما يمتلكونه من ثروة”.
وسبق أن أعلنت هيئة المنافذ الحدودية في الثالث من كانون الأول ديسمبر 2023، الرسوم والتعرفة الكمركية على حاويات البضائع والذهب الداخلة للعراق، مشيرة إلى اتخاذ الحكومة مجموعة قرارات للسيطرة على الإيرادات والتحويلات.
يذكر أن مديرية المنافذ الحدودية، قالت في بيان سابق، إن ما يتعلق بالذهب المستورد، صدر قرار مجلس الوزراء المرقم (23671) لسنة 2023، نص على أن يكون المستورد للذهب شركة مسجلة رسميا في دائرة تسجيل الشركات ويسمح لها بالتحويل الخارجي، والسماح باستيراد الذهب من خلال المنافذ الجوية حصرا وترسم من قبل الكمارك وتفحص وتوسم من قبل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية الاتحادي.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة