04 Dec
04Dec

دخل السجال العسكري بين "فصائل المقاومة" في العراق والقوات الأمريكية مرحلة جديدة، فبعد تنفيذ ضربة أمريكية استهدفت عناصر من حركة النجباء في كركوك أمس، أكد مراقبون أن الموقف الأمريكي أصبح واضحا بالرد على أي فعل بضربة "مميتة"، فيما طالب مقرب من الفصائل بموقف من الحكومة، لأن القوات الأمريكية "قتالية، وليست استشارية"، بحسب وصفه.

ويقول المحلل السياسي فلاح المشعل، خلال حديث لـه إن "هذه الضربة كانت متوقعة رداً على الاستهداف الذي شهدته قاعدة حرير في أربيل، والقرار الأمريكي أصبح واضحا منذ الآن، أي ضربة على المصالح الأمريكية ستواجه بضربة مقابلة، لكن الإشكالية هنا أن الضربات التي توجهها فصائل المقاومة للقواعد والمصالح الأمريكية هي غير مؤثرة وغير مميتة، في مقابل ضربات أمريكية عنيفة وقاتلة".

وكانت قاعدة حرير الأمريكية في أربيل، أسقطت في 22 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، طائرة مسيرة مفخخة حاولت استهداف القاعدة.

ويضيف المشعل، أن "زعماء فصائل وقادة عراقيين، أشاروا إلى أن أمريكا تكيل بمكيالين، فالمقاومة التابعة إلى إيران حينما تتعرض إلى القواعد الأمريكية في سوريا لا تواجه ما تتعرض له الفصائل العراقية عندما تضرب القواعد الأمريكية لديها".

ويشير إلى أن "هذه الأحداث تنذر بتصعيد أكبر لمسار التصادم المسلح والقصف المتبادل بين الفصائل المسلحة والقواعد الأمريكية، وأثر هذا التصادم سيكون بالتأكيد سلبيا على الوضع العراقي، في الجانب السياسي والجانب الاقتصادي أيضا، لأن ملف الاقتصاد مرتبط عضويا بالبنك الفيدرالي الأمريكي".

ويرى المحلل السياسي، أن "هذا الصدام بالنتيجة ليس بصالح العراق، لأننا نفقد عراقيين وهذه خسائر لأبناء الشعب العراقي في النهاية، ونأمل أن يتم تجاوز هذه الصراعات المسلحة، وتنتهي الأمور إلى حوار سلمي وهو الأجدى لمصلحة الطرفين".

وأعلنت حركة النجباء التي يتزعمها أكرم الكعبي أمس الأحد، أن 5 من عناصرها قضوا في ضربة أمريكية في قضاء الدبس بمحافظة كركوك.

يذكر أن مسؤولا عسكريا أمريكيا، أكد أن الولايات المتحدة نفذت ضربة "دفاعا عن النفس في العراق ضد تهديد وشيك في موقع يستخدم لإطلاق طائرات مسيرة"، بحسب ما نقلت وسائل إعلام.

وكانت فصائل المقاومة أعلنت مسؤوليتها عن أكثر من 70 هجوما مماثلا على قوات أمريكية منذ 17 تشرين الأول أكتوبر الماضي، على خلفية دعم واشنطن إسرائيل في قصفها على غزة، لكن مسؤولا في البنتاغون، أكد منتصف الشهر الماضي تعرض قوات بلاده في العراق وسوريا لـ 61 هجوما على الأقل خلال شهر.

من جهته، يرى المحلل السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـه، أن "الرد الأمريكي كان متوقعا في ظل سكوت حكومي يكتفي بالشجب والاستنكار والإدانة، وبالتحديد في ظل عدم تفعيل القرار البرلماني الذي طالب بخروج القوات الأمريكية في عام 2020".

ويضيف الحكيم، أن "وزير الخارجية الأمريكي بلينكين في زيارته الخاطفة إلى بغداد، حذر الحكومة العراقية من هذا الرد وطالبها بالتزام اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وكذلك فعل الرئيس الأمريكي بايدن، في اتصال هاتفي مع السوداني قبل شهر، محذرين من أن أي قصف على القواعد الأمريكية سيواجه بردة فعل مباشرة، إذا لم تتمكن الحكومة العراقية من الالتزام بتعهداتها في حماية القواعد الأمريكية داخل العراق طبقا للاتفاقية الإستراتيجية".

ويتابع، "كان ينبغي على الحكومة على الأقل أن يكون لها موقف شجاع تجاه حماية المواطنين والعسكريين العراقيين في ظل فشل دبلوماسي خجول"، معتقدا أن "تشهد الساحة استمرار القصف على القواعد، وفي الوقت نفسه نشهد ردة فعل أمريكية والضحية هو المواطن والعسكري العراقي".

ويكمل الحكيم، أن "استمرار هذه الضربات والتصعيد من قبل الطرفين لا يصب في صالح العراق، وقد نشهد في أي لحظة انزلاق الأوضاع إلى منحدرات خطيرة، لذلك ينبغي أن تتضافر الجهود لعدم القيام بتصعيد قد يخسر العراق فيه كثيرا من الضحايا".

وكان وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، زار بغداد في 5 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وكشفت أوساط حكومية واسعة الاطلاع، في تقرير سابق، أن اجتماعه بالسوداني، تركّز حول منح واشنطن لبغداد "فرصة أخيرة"، من أجل تحييد الفصائل، ومنعها من النشاط ضد المصالح الأمريكية قبل أن يأتي الرد العسكري.

من جهته، يذكر المحلل السياسي المقرب من الفصائل المسلحة علي فضل الله، خلال حديث لـه، أن "أمريكا لا تحترم القوانين المحلية والدولية والاتفاقات، ومن يعتقد ذلك أو يعتقد بأنها تعمل لاستقرار البلاد أو المنطقة فهو واهم".

ويضيف فضل الله، أن "الولايات المتحدة تعتاش على الأزمات والحروب، ولا تريد أن تكون هناك قوة تواجه هذا الاستكبار سواء في الشرق الأوسط أو العالم، وأصبح من غير المستغرب استهداف فصائل المقاومة أو ألوية الحشد باعتبارها قوى مناوئة من حيث العقيدة للوجود الأمريكي".

ويعتقد أن "ما أقدمت عليه الولايات المتحدة أمس، يبين النوايا السيئة لها تجاه العراق، فهي لا تريد أن يكون بلدا قويا أو يمتلك مؤسسة أمنية قادرة على حمايته، لذلك تعمل على إجهاض أي نقاط قوة موجودة في العراق".

ويخلص إلى أن "الحكومة الاتحادية اليوم في حرج كبير، فالقوة الموجودة في العراق واضح أنها قتالية وليست استشارية"، مشيرا إلى أن "الجانب الأمريكي رغم ابتعاد الفصائل عن الاستهداف مؤخرا واحترام الهدنة في فلسطين، أو التوصية من قبل القائد العام للقوات المسلحة، بادر الجانب الأمريكي لاستفزاز فصائل المقاومة، وهو هتك لحرمة القانون والسيادة العراقية، لذلك فالحكومة مطالبة بموقف صريح من وجود القوات الأمريكية على الأرض العراقية".

وغالبا ما تثير الردود العسكرية الأمريكية على هجمات الفصائل، عاصفة من المطالبات والدعوات بإخراج القوات الأمريكية من العراق، لكن مراقبين للشأن السياسي، أكدوا في تقرير سابق ، صعوبة تحقيق هذه المطالب، لاسيما أن وجود القواعد رسمي بطلب من الحكومة، وعدم خضوع الولايات المتحدة إلى إرادة الدول لأنها تعمل وفقا لاستراتيجيتها الخاصة.

وكانت كتائب حزب الله، أعلنت الأسبوع الماضي، خفض وتيرة تصعيد العمليات على قواعد الاحتلال الأمريكي في المنطقة، وإيقافها ضد إسرائيل، لحين انتهاء مدة الهدنة في فلسطين.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة