ارتفع مستوى الجرائم بشكل ملحوظ مؤخرا، لتشمل عمليات القتل، الأصدقاء والأقارب والأزواج، في ظاهرة، أرجعها باحثون ومراقبون، إلى التفكك الأسري وتراجع مستوى الردع من قبل الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى تفشي الفساد الذي يؤدي لإطلاق سراح المتهمين.
ويقول العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان أنس العزاوي، خلال حديث لـه، إن "ارتفاع مؤشرات الجريمة في المجتمع العراقي، تعود بالأساس إلى التفكك الذي يسود المجتمع العراقي، ووجود عوامل أثرت سلبا على سلوك الفرد، أبرزها انتشار المخدرات والدور السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي وازدياد حالات الطلاق وتراجع الواعز الديني".
ويضيف العزاوي، أن "من الأسباب أيضا هو ضعف معاقبة مرتكبي الجرائم، الأمر الذي فسح المجال لإرتكاب الجرائم، تحت عنوان من آمن العقاب أساء الأدب"، مبينا أن "هناك شكلا من إشكال الإرهاب المجتمعي، وهي ما تعرف بالدكة العشائرية، ورغم توجيه مجلس القضاء الأعلى بإعتبارها ضمن المادة 4 إرهاب، إلا أنها موجوة لغاية الآن، وهي تمثل تهديدا للسلم المجتمعي وتحديا للقانون".
وخلال الأيام الماضية فقط، جرى تسجيل العديد من الجرائم، ففي يوم أمس الخميس، أصاب رجل، امرأة ورجل كان برفقتها، بعد مشاجرة بينهما ولاذ بالفرار، وهذا في منطقة الحرية ببغداد.
وفي محافظة النجف، قتل شخص وأصيب آخر، على طريق الحولي في قضاء المناذرة -حيرة، بعد أن أطلق شخص مجهول الهوية النار عليهما.
وبالعودة إلى يوم أمس الأول الأربعاء، فقد شهدت بغداد إصابة 3 اشخاص في حصيلة أولية لهجوم مسلح استهدف عجلة في منطقة الغزالية، شمال غربي بغداد، كما قتل شخص وأصيب 4 آخرون بقنبلة يدوية استهدفت أحد المنازل في منطقة المعامل شرقي بغداد.
وفي كركوك، فقد جرى اعتقال متهم بقتل صديقه طعنا بسكين وحرق جثته جنوبي المحافظة.
من جهة أخرى، أفاد مصدر أمني، اليوم الأربعاء، بمصرع شرطي خلال عملية "صيانة وإدامة سلاح كلاشنكوف" في كركوك، وفي كربلاء، قتل شخص بهجوم مسلح من قبل مجهولين في قضاء الهندية بالمحافظة.
وسجل العراق خلال العام الماضي، أكثر من 5300 جريمة قتل جنائية وبنسبة سنوية تصل الى اكثر من 11,5 لكل مائة الف نسمة وهي اعلى نسبة لجرائم القتل في العراق. بحسب احصائيات رسمية.
إلى ذلك، يبين الباحث الاجتماعي ورئيس مركز الرفد للدراسات عباس الجبوري، خلال لـه أن "الجريمة أصبحت ظاهرة خطيرة بالمجتمع، ومن المعلوم أن القوانين النافذة هي التي تضبط المجتمعات، وكلما كانت رادعة وقوية كلما قل مستوى الجريمة، إلا أن كثرة الجهات الأمنية وتعدد قراراتها، أضعف سطوة الدولة، لذا غاب الرادع للجريمة".
ويؤكد الجبوري، أن "قف الجريمة لا يتم إلا بتفعيل القوانين الرادعة ومتابعة مرتكبي الجريمة بشكل جدي"، مضيفا أن "الفساد المستشري في الأجهزة الأمنية، هو أيضا من أسباب زيادة معدلات الجريمة، فمراكز الشرطة تتلقى الرشى وحين يتم القبض شخص بتهمة معينة يخرج بعد فترة وجيزة لورود اتصالات من جهات عليا، وهذا الأمر أدى إلى تفشي الجريمة في مجتمع يمر بظروف قاسية وخاصة الاقتصادية".
ويشير إلى أن "انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والمتاجرة بها بشكل كبير، من الأسباب أيضا، فالمتعاطي يعتبر فاقدا للوعي، وهو عامل اساسي حاليا بزيادة معدلات الجريمة، كما أن عدم حصر السلاح بيد الدولة، من المسببات لأرتفاع مستوى الجريمة، فضلا عن انتشار ظاهرة الدكة العشائرية، التي لم يوضع لها حل رفم قرارات القضاء العراقي بشأنها".
ويعد السلاح المنفلت في العراق واحداً من أخطر مشكلات البلاد، لما له من تأثيرات كبيرة على الأمن المجتمعي. ومنذ عام 2005 وحتى اليوم، رفعت الحكومات العراقية شعار "حصر السلاح بيد الدولة"، فيما لا يبدو أن هناك خطوات فعالة لتنفيذه.
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قطع السلاح الموجود داخل المجتمع العراقي، لكن التقديرات تتحدّث عن أرقام متفاوتة بالعادة بين 13 إلى 15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق الكلاشنكوف، و"بي كي سي"، و"آر بي كي" الروسية، إلى جانب مدافع الهاون وقذائف الـ "آر بي جي" التي باتت تُستخدم أخيراً بكثرة في النزاعات القبلية جنوب ووسط البلاد.
والدكة العشائرية، هي هجمات مسلحة على منازل الخصوم من العشائر الأخرى، وتعتبر كتهديد شديد لإرغامهم على الرضوخ للحكم العشائري، وتستخدم فيها الأسلحة الخفيفة، إذ لا يراد منها القتل أو إلحاق الضرر بالشخص المعني الذي لم يرغب بالرضوخ والجلوس وفق التعليمات العشائرية.
يذكر أن وزارة الداخلية، كشفت سابقا، أنه خلال العام 2023 تم القاء القبض على 14 ألفاً و857 متهماً بجريمة المخدرات بينهم 140 تاجراً دولياً.
كما تعد مادتا الكريستال والحشيشة من أبرز أنواع المخدرات المنتشرة في وسط وجنوب البلاد، وتدخلان عن طريق محافظة ميسان والبصرة الحدوديتين مع إيران.