30 Jun
30Jun

لم تكن حادثة حرق نسخة من المصحف في العاصمة السويدية استوكهولم على يد المتطرف عراقي الأصل سلوان موميكا هي الأولى، بل سبقتها حوادث شبيهة عديدة، منها الإساءة إلى النبي محمد والدين الإسلامي والقرآن الكريم.
ففي يناير/ كانون الثاني الماضي، وقعت حادثة شبيهة نفذتها حركة "اليمين المتطرف" في مدن مالمو ولينشوبينغ، مخلّفة وراءها موجة من الغضب لدى المسلمين في أنحاء العالم كافة، وإدانات عربية ودولية ودعوات إلى وقف المظاهر المحرضة على العنف والإساءة إلى الأديان، وانتقاد التماهي السويدي مع هذه الأفعال ومنح التراخيص والتصريحات لإقامة الاحتجاجات ضد الإسلام وممارسة الانتهاكات بحق مقدسات المسلمين.
وأقدم سلوان موميكا، أمس الأربعاء، على حرق نسخة من المصحف خارج مسجد في استوكهولم، بعد أن حصل على تصريح من الشرطة السويدية لتنظيم تظاهرة ضد الإسلام والمسلمين، حيث ألقى سلوان موميكا المصحف على الأرض قبل أن يحرقه ويدلي بكلمات مسيئة إلى الإسلام.
قبل ذلك كتب موميكا (37 عاماً) في الطلب الذي قدمه إلى الشرطة: "أريد التظاهر أمام المسجد الكبير في استوكهولم وأريد التعبير عن رأيي حيال القرآن. سأمزق المصحف وأحرقه". رغم ذلك، فإن الشرطة وافقت على التظاهرة، وهو ما دفع الدول العربية إلى إدانة هذا الفعل، فيما توجه العراقيون إلى التظاهر أمام السفارة السويدية ببغداد، والمطالبة بطردها من البلاد.
موميكا، الذي أحرق نسخة من المصحف عندما كان يتزعم مليشيا ضواحي الموصل عام 2017، وبسبب صراع النفوذ مع زعيم مليشيا "بابليون" ريان الكلداني، انتهى بمغادرته العراق تاركاً مليشياً "صقور السريان" ليتوزع أفرادها على مليشيات أخرى في سهل نينوى.
ويُعرّف موميكا نفسه على قناته في "يوتيوب" بأنّه "مفكر وكاتب ملحد تنويري ثائر على كل شي في الحياة، ومشكك في كل شي". ويقول إنّ "العراق ليس وطني ولن يكون كذلك فقط لأنني ولدت به بالصدفة"، ويضيف أنّ "السويد ومجتمعها هو وطني وبكل فخر، لكنني أدافع عن كل المظلومين أينما وقع الظلم هناك تكون قضيتي".
وقالت مصادر سبق لها أن كانت قريبة من موميكا، حين كان يستقر في سهل نينوى شرقيّ الموصل، إنّه "لا يحمل فكراً واضحاً وتقلب كثيراً في مواقفه بالسنوات الأخيرة، محاولاً الوصول إلى أي منصب داخل نينوى، ويكاد يكون من أكثر الأشخاص غير المنضبطين فكرياً، حتى إنه في وقتٍ سابق حاول أن يتقرب من التيار الصدري، بعد أن كان قريباً من فصائل عدة توصف بأنها حليفة لطهران، ثم أقام علاقات مع الجناح المحلي لحزب العمال الكردستاني في سنجار (وحدات حماية سنجار) وحاول أن يتحول إلى مؤثر سياسي، بقيادة حراك بهوية مسيحية سريانية، لكنه فشل في الحصول على أي دعم من الطيف المسيحي بالموصل ونينوى عموماً، حتى أسس مليشيا مسلحة بالعراق في عام 2016 باسم (صقور السريان) نشطت بمناطق سهل نينوى".
وأضاف أحد المصادر أنّ موميكا المتزوج عراقية وله ابنان، وهو من أهالي بلدة الحمدانية في سهل نينوى شرقيّ الموصل، ولد عام 1986، ويواجه اتهامات ودعاوى قضائية سابقة في سهل نينوى والموصل تتعلق بانتهاكات حقوقية ومخالفات قانونية مختلفة، وأنه حين وصل إلى السويد تطوع في حزب يميني متطرف يعادي الإسلام والمسلمين ويسعى لطرد المهاجرين العرب".
وقال صباح كرم، عضو مجلس بلدة الحمدانية السابق في تصريح: "هذا الشخص منبوذ وسيئ السمعة ومطلوب بقضايا بعضها نصب واحتيال. لا ينبغي أن يُحسب على أحد من أهالي سهل نينوى أو الحمدانية المعروفة بطيبة أهلها"، مضيفاً: "إن كانت بغداد تريد استعادته، عليهم أن يفعلوا ذلك لكن لا يعيدوه إلى هنا. لا أحد يرغب برؤيته".
في السياق، قال عضو البرلمان العراقي مهدي تقي، إنّ "العراق على علاقة جيدة بالسويد، لكن الأخير ثبت أنّه لا يحترم البلدان العربية والإسلامية ويسمح بالمجال أمام شخصيات متطرفة كي تثير أزمات وتشحن التوتر والتطرف باسم الديمقراطية، بالتالي فإنّ الشعب العراقي لا يقبل بهذه الممارسات التي تستهدف دينه وكتابه المقدس".
وأوضح أنّ "الاحتجاج أمام مبنى السفارة السويدية هو أقل فعل مدني سلمي قاده العراقيون عقب حادثة حرق المصحف الشريف، في حين أنّ المطالبة بغلق السفارة السويدية وطرد السفير هو مطلب آخر يمثل وجهة نظر شعبية وسياسية ودينية".

من جانبه، بيَّن عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، أنّ "احترام الدول الأوروبية لمبادئ حرية التعبير والرأي أمر جيد، لكن ليس على حساب الأديان السماوية، وأنّ حرق المصحف لا علاقة له بحرية التعبير، بل إنه يأتي ضمن الاستهداف الواضح للمسلمين، وهذا ما يبدو أنّ السويد تدعمه بشكل كبير، ضمن حملة دعم الإسلاموفوبيا"، موضحاً أنّ "المدعو موميكا لا يمثل المسيحيين العراقيين الأصلاء، بل هو حالة شاذة، ونحن بانتظار القضاء العراقي وما سيتوصل إليه من متابعة هذا الملف، ومحاولة استقدام المجرم ومحاسبته".
وأعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، اليوم الخميس، اتخاذ إجراءات قانونية بحق "موميكا"، مؤكداً أنّ الإجراءات تتضمن طلب استرداده من السلطات السويدية ومحاكمته وفقاً للقانون العراقي. وأعربت وزارة الخارجية العراقية عن استنكارها لسماح السلطات السويدية لأحد المتطرفين بإحراق نسخة من المصحف الشريف، مؤكدةً أن "هذه الأحداث من شأنها تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم وتشكل استفزازاً خطيراً".
بدوره، رأى الناشط السياسي العراقي حسين الأسدي، أنّ "السويد وألمانيا والدنمارك وبعض دول أوروبا تمارس وتدعم نشاطات تستهدف الإسلام والقيم العربية والدينية للعرب، من خلال السماح للمنظمات والجمعيات المتطرفة والأشخاص المنحرفين للتعبير عن وجهات نظرهم بطرق غير لائقة، إذ ليس من المنطقي اعتبار حرق المصحف آلية لحرية التعبير"، موضحاً، أنّ "السويد لديها تاريخ سيئ في احتواء المنحرفين الذين يعادون الإسلام والمسلمين، وهذا يتطلب إجراءات سياسية تتخذها الحكومة العراقية، وأولها طرد السفارة السويدية، في سبيل تصحيح الإجراءات الأوروبية في التعامل مع العرب والمسلمين".
وطالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بتظاهرات غاضبة أمام السفارة السويدية في بغداد على إثر جريمة "إحراق المصحف"، مشدداً على قطع العلاقات مع السويد. وقال الصدر في بيان نشره على حسابه في "تويتر": "إذا كانت حرية التعبير مكفولة ومقرة عراقياً وعالمياً، فعلى المؤمنين التعبير عن رأيهم بخصوص إحراق الكتب السماوية، ولا سيما القرآن الكريم، أمام المساجد والسفارات وفي أعياد المسلمين".
في السياق ذاته، دانت الحركة الديمقراطية الآشورية، وهي واحدة من الحركات المسيحية في العراق، حرق المصحف في العاصمة السويدية، مشيرةً في بيان لها، إلى أنّ "مثل هذه التصرفات غير الأخلاقية لا تمت إلى المكون المسيحي بأي صلة ولا إلى المفاهيم السمحاء للديانة المسيحية وتعاليم السيد المسيح، وإنّ الهدف من هذا التصرف الهمجي إثارة النعرات الطائفية والدينية وخلق بلبلة مجتمعية تهدف إلى ضرب السلم الأهلي بين مكونات المجتمعات المتآخية".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة