وسط حالة من الجدل التي أثارها مشروع إقرار قانون الخدمة المدنية والذي يعدّل بدوره سلّم رواتب الموظفين، يؤكد أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب، أهمية أن يكون الحد الأدنى للراتب يسد حاجة المواطن بسبب الظروف الصعبة وتقلبات السوق، لكن خرج خبير اقتصادي وقال ان سلّم الرواتب الجديد "بنج" أو "انتحار اقتصادي" دون تجاوز برميل النفط 100 دولار، ما ثار حالة من الاستياء لدى العراقيين.
ويصطدم هذا القانون الذي سحبته الحكومة بخلافات سياسية واعتراضات وزارية من المحتمل ان تؤخر تشريعه، كونه يهم شريحة واسعة الا وهي الموظفين، وتحديدا اصحاب الدخول الضعيفة والبسيطة، وبحسب أعضاء مجلس النواب فإن سلم الرواتب الجديد قد يقر في نهاية السنة الحالية او بداية السنة المقبلة.
من الناحية القانونية يقول خبراء، انه لا يوجد سند قانوني يمنح الوزارات الحق في عدم الامتثال لسلم الرواتب الجديد لا سيما وان البرلمان يمثل الجهة التشريعية في الغاء وتعديل القوانين في البلاد.
ولا يزال الموظف العراقي، ينتظر سماع الاخبار عن سلم الرواتب الجديد، على أمل ان تحمل بشرى حكومية تزف له الخبر الموعود الذي غاب لسنين وغاب معه "الإنصاف والعدالة" والمساواة مع أقرانه في الرواتب والحوافز وغيرها من المخصصات.
* سلّم الرواتب الجديد "بنج" أو "انتحار اقتصادي"
وفي تغريدة عبر صفحته في الفيس بوك، خرج الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، وقال ان سلّم الرواتب الجديد "بنج" أو "انتحار اقتصادي" دون تجاوز برميل النفط 100 دولار.
وأضاف، "إذا كان تطبيق سلّم الرواتب يتطلب إضافة تخصيصات مالية تصل إلى 11 ترليون دينار إلى الموازنة المثقلة أصلا بالعجز والديون، فهذا يعني أن سلّم الرواتب لن يُقر لا في هذا العام ولا في الأعوام القادمة، إلا إذا ارتفع سعر برميل النفط إلى أكثر من 100 دولار، وبخلاف ذلك فهو إما بنج عام أو انتحار اقتصادي!!".
في تغريدة أخرى، بين المرسومي، "إذا كان البرلمان والحكومة جادين فعلا في اعداد سلّم جديد للرواتب يحقق نوع من العدالة الاجتماعية بين الموظفين فأنه يمكن تحقيق ذلك من دون اضافة تخصيصات مالية جديدة الى الموازنة العامة وذلك من خلال الغاء الرواتب المكررة والمزدوجة التي تصرف لبعض فئات المجتمع لأسباب سياسية وكذلك تخفيض رواتب ومخصصات الدرجات الخاصة وبعض فئات الموظفين في الدرجات العليا واستخدام الفائض المالي المتحقق في رفع رواتب الشرائح الدنيا من الموظفين لتحقيق نوع من التوازن في الرواتب".
ويوم أمس 26 أبريل/نيسان 2023، بين عضو لجنة المالية النيابية عدي عواد في تغريدة ان "تطبيق سلم الرواتب الجديد يحتاج لإضافة مبلغ 8 إلى 11 تريليون دينار والعمل مستمر لإقراره".
وسابقاً، شدد النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، على ضرورة تحديد جداول زمنية متفق عليها تشريعياً وتنفيذياً لحسم سلم الرواتب.
*أخر الإجراءات
قالت اللجنة المالية مؤخراً، أن "سلَّم الرواتب هو خارج الموازنة حتى الآن؛ كون الموضوع متعلق بلجنة تم تشكيلها بواسطة أمر ديواني"، لافتة إلى، أن "الحكومة هي درست وأعادت تقييم سلم الرواتب وتوزيع المصروفة خلال السنة المالية على الموظفين أنفسهم بدرجات ومبالغ متفاوتة".
وذكرت، أن " هذا الأمر ما زال قيد الدراسة من قبل اللجنة التي تمت استضافتها في اللجنة المالية لمعرفة ما هي خطواتهم المتخذة والاستماع لملاحظاتهم". وأشارت إلى، أن "موضوع سلم الرواتب لم يعرض على مجلس الوزراء للآن"، لافتاً إلى أنه "ينتظر الرأي الاستشاري الاقتصادي بخصوص التعديل الاخير وكذلك ملاحظات الأمانة العامة لمجلس الوزراء".
كما أوضح النائب يوسف الكلابي ان سلم الرواتب لا علاقة له بالموازنة وبعد الموازنة سنستلم قانون سلم الرواتب".
*رواتب الدرجات الدنيا ستزداد
وفقا للسلّم الجديد بنسبة 150 بالمئةفيما أعلنت اللجنة المالية النيابية سابقاً، أن رواتب الدرجات الدنيا ستزداد وفقا للسلم الجديد بنسبة 150 بالمئة، فيما أشارت إلى أن القانون الجديد سيمنح مخصصات 50 بالمئة لجميع الموظفين.
وقال رئيس اللجنة عطوان العطواني، "إننا ماضون بخطوات تعديل سلم رواتب موظفي الدولة بما يحقق العدالة"، مبينا أن "سلم الرواتب الجديد معروض حاليا على لجنة من الخبراء لإعطاء الراي الاخير ومن ثم يتم تحويله الى مجلس الوزراء للمصادقة عليه".
وأضافت أن "الزيادة في رواتب الدرجات الدنيا وفقا للسلم الجديد ستكون بنسبة 150 بالمئة"، مشيرا إلى أن "الحد الأدنى للراتب الإسمي (الدرجة العاشرة) سيكون 425 ألف دينار". وذكر أنه "بموجب القانون الجديد سيمنح مخصصات تحسين معيشة بنسبة 50 بالمئة لجميع الموظفين".
يشار إلى أن هناك تباينا كبيرا بين رواتب موظفي الدولة العراقية، إذ إن موظفا بدرجة وظيفية معينة في إحدى الوزارات يتجاوز راتبه المليون ونصف المليون دينار في حين لا يتقاضى نظيره في وزارة أخرى نصف هذا الراتب، وتتصاعد الرواتب بتصاعد الدرجات الوظيفية واختلاف المخصصات الشهرية فضلا عن الأرباح السنوية في بعض الوزارات المنتجة.
على إثر هذا التباين يعرب الموظفون في الوزارات ذات الرواتب المتدنية منذ سنوات عن استيائهم مما يصفونه بـ "الإجحاف والتمييز" بين موظفي الدولة، مما دفع الحكومة إلى إعداد مسودة قانون لسلّم رواتب جديد يحقق العدالة بين الموظفين.
في وقت سابق، تظاهر عشرات الموظفين وسط العاصمة بغداد احتجاجا على سلم الرواتب مطالبين بتعديل بعض فقراته.
جدير بالذكر، أن رئيس مجلس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، قد أعلن قبل أيام قليلة وصول أعداد موظفي الدولة العراقية إلى عتبة الـ 5 مليون موظف، إضافة إلى نحو 3 مليون متقاعد، الأمر الذي يعني أن أكثر من نصف موازنة العراق التي تعتمد بنسبة 92 بالمئة على واردات النفط تذهب لسد رواتب الموظفين.