تحشد بعض الشخصيات المؤثرة على تنظيم تظاهرات في بعض محافظات العراق الجنوبية والوسطى، والتي اتخذت من نقص الخدمات وتردي الواقع المعيشي منطلقا لها للمطالبة بتغيير الحكومات المحلية الجديدة التي لم يمض على تشكيلها سوى بعضة أشهر.
وجاء هذا التحشيد بعد بيان آمر لواء أنصار المرجعية حميد الياسري الذي دعا لتظاهرة كبيرة يوم الأربعاء المقبل على خلفية معلومات عن فتح مكاتب سياسية في محافظة المثنى لتقاسم أموال المشاريع ضمن الموازنة الجديدة، ودعا إلى طرد أعضاء مجلس المحافظة، فيما طالب بإرسال حاكم عسكري نزيه للمحافظة.
وبهذا الصدد، يقول عضو مجلس محافظة المثنى محمد عربود، خلال حديث لـه ، إنه “لا توجد دعوات صريحة وواضحة لتغيير الحكومة المحلية في المثنى وإنما مجرد انتقادات للأداء الحكومي والخدمي والمواطن بالأساس لديه نواقص كثيرة خاصة فيما يتعلق بالكهرباء والمياه والقطاع الصحي”.
ويضيف أن “ما يجري هو تعبير عن خيبة أمل مما تعيشه المحافظة من واقع متردي والمواطنين تأملوا خيرا بعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات وتشكيل حكومات جديدة بناءً على اختيار الشارع إلا أن ذلك لم يحصل ولا توجد بوادر واضحة للعمل الحقيقي أو مشاريع إستراتيجية أو بنى تحتية تغير من معادلة نقص الخدمات”.
ويلفت إلى أن “هذه الانتقادات والتظاهرات هي منطقية وجاءت نتيجة لمعاناة حقيقية يعيشها المواطنون منذ سنين عدة ولم يلسموا لغاية الآن أي تغيير على أرض الواقع”.
يشار إلى أن المثنى من بين أقل المحافظات تنفيذا لمشاريع البنى التحتية بحسب تصريحات لمسؤولين محليين ونواب عن المحافظة، كما أنها تشهد منذ سنوات تلكؤا في الإنجاز ومن أبرز تلك المشاريع شبكة مجاري السماوة، ومجسر الصدرين، وغيرهما.
من جانبه، يؤكد الناشط علي الدهامات، خلال حديث له، أن “ما يجري من دعوات للتظاهر هي تراكمات لسنين من الإهمال، وكل شخص لديه حد للتحمل ومن ثم ينفجر، وحميد الياسري هو تابع للمرجعية الدينية وقائد لواء معروف وبالتالي فإن التشكيك بما يريده أمر غير منطقي”.
ويشير إلى أن “مدينة السماوة شبه منكوبة ولا يوجد فيها حدود ولا منافذ، كما أن غالبية المحافظات الجنوبية والوسطى بانتظار شرارة التظاهر كما أن المؤيدين لها جميعهم من تشرين، أما بخصوص الياسري فلا أعتقد أنه يطمع بمنصب سياسي وحسب ما ورد إلينا فأنه عُرض عليه مناصب عدة لكنه رفضها جميعا”.
وكان النائب عن محافظة المثنى، باسم خشان، قد قال في تصريح سابق، إن المحافظة مهملة منذ سنوات، لأن الحكومة لم تراعِ حجم المثنى الكبير نظراً لقلّة عدد سكانها وعدد ممثليها، لذلك في كل تشكيلات الحكومة يكون تمثيل هذه المحافظة محدود أو معدوم، وكذلك الأمر في الموازنات، مشيرا إلى أن المحافظة عانت في عهد النظام السابق من الإهمال وما زال الحال كما هو عليه بعد زوال ذلك النظام.
بدوره يشرح المحلل السياسي محمود الهاشمي، خلال حديث له، أن “الحكومة العراقية لديها خصوم في الشارع العراقي وحينما تحدث أي مشكلة حتما يجري استغلال أي نشاط جماهيري وتدفع الخصوم بهذا الخلل لصالحها والطعن بالحكومة ورفع مستوى الخلافات وعليه لا نريد الإشارة إلى جهة سياسية بعينها ولكن يوجد خصوم لا يجب منحهم مثل هكذا فرص”.
ويردف “واحدة من تجليات التظاهرات المرتقبة أيضا أننا لغاية الآن لم نوصل الخدمات الحقيقية إلى مناطق الجنوب وحينما استلم النواب جداول الموازنة للعام 2024 قاموا بتصعيد منسوب إعلامهم من خلال الطعن بهذه الموازنات وأنها أهملت الوسط والجنوب وذهبت معظم الأموال إلى إقليم كردستان وأن معظم هذه التصريحات أثرت على واقع الشارع في الجنوب”.
ويدعو الهاشمي “الحكومة إلى قراءة مشهد التظاهرات بعناية كبيرة حتى لا تتحول إلى أزمة أكبر كما حصل في السنوات السابقة خلال تشرين”.
وكان العديد من المسؤولين المحليين والنواب من المحافظات الوسطى والجنوبية قد اعترضوا على توزيع الأموال في موازنة 2024 بين المحافظات والوزارات، وأكدوا في تصريحات صحفية وبيانات أن الحكومة “أجحفت” حقوق هذه المحافظات في التخصيصات المالية، مشددين على أن استحقاقات هذه المحافظات هي أعلى مما وضعته الحكومة في جداول الموازنة.
من جهته، ينبه الناشط المدني محمد عفلوك، خلال حديث لـه، إلى أن “تظاهرات الأربعاء المقبل لن تقتصر على محافظة المثنى بل ستشمل واسط وذي قار وبابل ومحتمل أن تخرج النجف أيضا، ولا شك كل هذه الحركات هي امتداد لتشرين”.
ويتابع “من المؤسف أن تختزل تشرين في شهر واحد فقط وهذا الحراك الشعبي الناقم الساخط على الأحزاب الحاكمة هو مستمر ما قبل وما بعد تشرين، ومن يطلع على واقع هذه المحافظات وخصوصا المثنى يجد فيها طوابير نساء تصل لكيلومترات من أجل انتظار سلة غذائية”.
ويستدرك “جميع من في هرم السلطة يدعون الحمية لهذه الشريحة إلا أن المحتاج من هذه الشرائح الكبيرة لا يجد حاجته سوى أن يذهب إلى أربيل لبيع كليته وهذه المعاناة تدفع المواطنين للانتفاض والاحتجاج في كل وقت”.ويرى عفلوك أن “كل من تكهن بما سيفعله العراقيون فشل، ولا نستبعد عودة الحراك بصورة أكبر من حراك تشرين الذي خرج عام 2019”.
وكانت صحفات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وشخصيات مؤثرة اجتماعيا قد بدأت التحشيد منذ أيام لتنظيم تظاهرات في المحافظات الوسطى والجنوبية، احتجاجا على نقص الخدمات وتفشي البطالة وعدم قيام الحكومات المحلية ومجالس المحافظات الجديدة بأي نشاطات لتغيير الواقع المتردي في هذه المحافظات.