بدأ الحرص المتزايد للمسؤولين في حكومة إقليم كردستان على المشاركة في المؤتمرات الدولية يثير نوعا من الاستغراب والانتقاد في ان واحد لدى المراقبين للشأن السياسي في العراق، فالاستغراب من ناحية تعدد هذه المشاركات واللقاءات الدولية في فترة قصيرة ومحاولة ابرازها وتغطيتها إعلاميا اما الانتقاد فسببه خرق هؤلاء المسؤولين وحكومة إقليم كردستان وعدم التزامهم بالمواد الدستورية التي تشير الى ان رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية هي اختصاص حصري للسلطات الاتحادية.
وفي هذا الشأن وصفت النائب السابق يسرى رجب مشاركة المسؤولين في حكومة كردستان في المؤتمرات الخارجية والدولية بالمخالفة الصريحة لبنود الدستور العراقي والمتعلقة حول الصلاحيات الدستورية الحصرية في موضوع التمثيل الخارجي والسياسية الخارجية.
وقالت رجب، وهي عضو مجلس نواب كوردية مستقلة إن “رسم السياسات الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والحضور والمشاركة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وفقاً للدستور، يعد من صلاحية الحكومة الاتحادية وفقا للفقرة أولا من المادة 110 من الدستور”، مشيرة الى أن “العتب الاكبر يقع على الدول التي تتجاوز بنود الدستور العراقي، فضلاً عن العتب الاخر على حكومة اقليم كردستان، على اعتبار انها تعلم وتعرف بنود الدستور الذي يوضح ما لها من اختصاصات ومهام وما يضمن للحكومة الاتحادية من واجبات واختصاصات حصرية، فمن غير الممكن ان تقبل حكومة الاقليم لنفسها ان تتجاوز على الصلاحيات المرتبطة بالحكومة الاتحادية بشكل حصري، ولا تقبل هي “حكومة كردستان” للحكومة الاتحادية ان تتدخل او تتجاوز الصلاحيات المرتبطة بالاقليم”.
وأشارت رجب ان نتيجة ” هذا العناد والسياسة الفاشلة التي تنتهجها حكومة إقليم كردستان تجاه بغداد، سيجعل حكومة بغداد ستتعامل مع إقليم كردستان وفق الدستور العراقي لعام 2005 ولم تعد تقبل بالسلطة المفرطة للإقليم”.
وتعتقد رجب ان ” انسحاب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في اللحظة الأخيرة من المشاركة في اعمال القمة العالمية للحكومات التي عقدت في دبي كان بسبب مشاركة رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني “
وأضافت أن “قرار عدم مشاركة رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني بفعاليات أعمال القمة العالمية للحكومات كان صائباً جداً وفي محله”.
وشهدت مدينة دبي يوم الاثنين الماضي، عقد القمة العالمية للحكومات 2024 تحت شعار “استشراف حكومات المستقبل، بمشاركة أكثر من 25 رئيس دولة وحكومة.
وكان من المقرر أن يزور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، دولة الإمارات العربية المتحدة، للمشاركة في اعمال هذه القمة الا ان مكتب رئيس الوزراء أعلن في الساعات الأخيرة اعتذار السوداني والغاء زيارته لدولة الإمارات العربية”.
وكان رئيس إقليم كردستان قد “سوق” هو الاخر رئيس الوزراء السوداني الى مؤتمر الامن المنعقد في مدينة ميونيخ بألمانيا حيث عقد اجتماعات متعددة على هامش المؤتمر برؤساء حكومات ودول، ثم تبعه رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني لينشر هو الاخر صورا للقاءاته بالمسؤولين من مختلف دول العالم على هامش المؤتمر نفسه.
وفيما يعتقد بعض المراقبين ان مشاركة المسؤولين الكرد في تلك المؤتمرات هو بدافع شرح الوضع في إقليم كردستان وخشية عدم وصول صوت الشعب الكردي يرى كثيرون ان ان هذه الخشية غير مبررة لاسيما ان جهاز الدبلوماسية العراقية برمته تحت سيطرة المكون الكردي متمثلا برأسها وهو وزير الخارجية بالإضافة عدد كبير من السفراء والقنصليات الى جانب طبعا ممثليات إقليم كردستان التي تشبع وضع سفارة كاملة الصلاحيات في اكثر من 15 دولة في العالم .