04 Nov
04Nov

حصل الطالب عمار باسم، على معدل 99.4 بالمئة ضمن نتائج الثانوية الأخيرة، لكن حتى هذه الدرجة لم تشفع له في دخول كلية الطب العام، التي تمثل حلمه وطموحه منذ أن بدأ الدراسة.

عاش الطالب باسم، إحباطا كبيرا مع أسرته بعد ظهور اسمه ضمن المقبولين في كلية طب الأسنان، وليس الطب العام، عقب جهود عامين وتضحيات مادية كبيرة تكبدتها عائلته في توفير المستلزمات الدراسية وأجور مدرسي "معاهد الدراسة الخصوصية".

يقول والد الطالب، خلال حديث لـه، إن "عدم حصول ولدي عمار، على القبول في الكلية التي يطمح إليها رغم معدله العالي، ولّد إحباطا كبيرا لديه، ما يضطرني للتفكير الآن بالتقديم على التعليم الموازي على الرغم من التكاليف المادية الكبيرة".

"سأشتري درجة مقابل 25 مليون دينار"، يضيف الرجل الأربعيني، مبينا أن "الدراسة في التعليم الموازي تكلف خمسة ملايين دينار (أكثر من ثلاثة آلاف دولار) للسنة الدراسية الواحدة في كلية الطب".

وشكا أهالي الآلاف من الطلبة من نتائج القبول المركزي في الجامعات والمعاهد العراقية لاسيما أصحاب المعدلات العالية بعد عدم حصولهم على المجموعة الطبية، أو القبول في كليات أدنى مما يتوقعون أنه استحقاقهم.

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أعلنت عن إطلاق استمارة التقديم الإلكتروني إلى قناة التعليم الحكومي الخاص الصباحي؛ (الموازي)، في الجامعات الحكومية للسنة الدراسية 2023- 2024.

ويرد المتحدث باسم وزارة التعليم العالي حيدر العبودي، خلال حديث لـه، بأن "جميع القبولات المركزية للجامعات الحكومية تتم وفق آلية شفافة وعادلة، والفرص متاحة لجميع الطلبة أصحاب المعدلات العالية، ولهم الأولوية لحجز مقاعد المجموعة الطبية في الجامعات الحكومية".

ويتابع العبودي: "لا يوجد ظلم في مسألة القبولات، وليس هناك طالب يستحق معدله القبول في جامعة حكومية ولم يقبل، لكن الأمر يبقى اختياريا للمعني بالتقديم"، مؤكدا أن "هناك اكتظاظا في عدد الطلاب تطلب استحداث جامعة حكومية و10 كليات و129 قسما علميا مختلف لمعالجة هذا الزخم".

كما رفض المتحدث، التعليق على سؤال حول الربط بين رفع معدلات القبول في كليات الطب والهندسة الحكومية، والقبول بالكليات الأهلية التي تسمح لذوي المعدلات المنخفضة بالدراسة مقابل أجور مرتفعة.

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي نعيم العبودي، أعلن الأسبوع الماضي قبول 245.291 طالبا وطالبة في الجامعات الحكومية ضمن قنوات القبول المركزي للسنة الدراسية 2023- 2024، لافتا إلى قبول 237.066 طالبا ضمن قناة القبول المركزي للقناتين العامة وذوي الشهداء وقبول 7998 ضمن قناة القبول المباشر، و227 ضمن قناة النخبة.

ووفقا لوزارة التعليم العالي، فإن أعداد الطلبة المقبولين ضمن قناة القبول المركزي في المجموعة الطبية بلغت 9333 بواقع 4931 طالبا في كليات الطب و2019 طالبا في كليات طب الأسنان و2383 طالبا في كليات الصيدلة، فيما أشرت الحدود الدنيا لكليات الطب 99,43 وطب الأسنان 98,86، والصيدلة 98,43.

من جانبها، توضح التدريسية في الجامعة المستنصرية، أماني عماد لعيبي، خلال حديث لـه، أن "القبول المركزي عادل ولم يظلم طالبا، فهذه المعدلات هي مخرجات وزارة التربية، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي تقوم بتوزيعها على المؤسسات التعليمية المتوفرة لديها فحسب".

وتؤكد لعيبي، أن "الطاقة الاستيعابية للجامعات الحكومية محدودة، مقارنة بأعداد الطلبة الحاصلين على معدلات عالية، ورغم ذلك حاولت وزارة التعليم العالي استيعاب الجميع، وتوفير مقاعد للمجموعة الطبية في الجامعات والكليات الخاصة بالمجان للطلبة الحاصلين على معدلات عالية من 97 وأعلى".

وترى التدريسية في الجامعة المستنصرية، أن "الحل يمكن في تحسين وزيادة جودة التعليم في وزارة التربية، لكي تكون المخرجات ذات جودة عالية ونوعية وليست كمية".

ويلجأ متخرجون كثيرون إلى كليات الطب الأهلية أو ما يسمى بالتعليم الموازي بسبب عدم قبولهم بالكليات الحكومية، وعلى الرغم من عدم وجود مانع قانوني لافتتاح كليات أهلية لتدريس الطب البشري العام، كانت نقابة الأطباء حذرت في تقرير سابق من هذا التوجه خشية تخريج أطباء غير كفوئين، فضلا عن أن هذه الكليات ستخرج أعدادا كبيرة فائضة عن الحاجة، وبينت النقابة أن موافقة وزارة التعليم العالي آنذاك على افتتاح عدد من كليات الطب الأهلية مخالفة لقرار حكومي بهذا الشأن.

وكان وزير التخطيط السابق خالد بتال، قد كشف العام الماضي، أن التعليم الجامعي الحكومي لم يعد قادرا على استيعاب الطلبة المتخرجين من الدراسة الإعدادية، حيث تتضاعف أعدادهم كل عام، وذلك في وقت بلغت حصة التعليم الجامعي الأهلي حوالي 30 بالمئة من الطلبة المقبولين سنويا، والهدف هو رفع هذه النسبة إلى 50 بالمئة، لكن بلا تهاون في تحقيق الرصانة العلمية المطلوبة للجامعات الأهلية.

بدوره، يتحدث جهاد العكيلي الأكاديمي في إحدى الكليات الأهلية، عن "معضلة أساسية تسبب هذه الجدلية وهي التعيين في دوائر الدولة، فلو كانت الدولة تمتلك التخطيط والإدارة الصحيحة مع وجود تنمية حقيقية لتطوير البلد لكانت كل الاختصاصات العلمية والإنسانية مهمة للطالب المتخرج".

ويضيف العكيلي، أن "الطالب الآن يفكر بفرصة عمل، إذ أصبح الطب وفروعه المختلفة مع بعض العلوم تحت طلب كبير مع قلة قدرة الجامعات الحكومية على استيعاب الأعداد الكبير للطلبة، إضافة إلى سهولة امتحانات التي منحت أكثر المتخرجين معدلات عالية".

ويتابع: "ظهرت الدراسات الأهلية كباب من أبواب بعض المتنفعين في الدولة أو واجهة لغرض الاستثمار والحصول على الأموال، وكل هذه السياسات يدفع ثمنها الطالب".

ويؤكد الأكاديمي، أن "الدولة لا تمتلك القدرة على بناء جامعات ولا مدارس، ويعود السبب إلى الفساد المالي والإداري والتخبط في إدارة ملف التعليم والتربية، ما أثر على الأسرة والطالب في آن واحد، فكيف للأسر أن تتحمل مبالغ كبيرة لإدخال أبنائها إلى جامعة أهلية لاسيما أن الفرق بين المعدلات أعشار من الدرجة مقابل ملايين من الدنانير بين الأهلي والحكومي".

وفي السنوات الأخيرة، افتتحت في العراق مئات الكليات الأهلية وبمختلف الاختصاصات، وبدأت باستقبال خريجي الدراسة الإعدادية من أصحاب المعدلات المتدنية، أو الذين يرغبون بدراسة اختصاص معين، لكن معدلهم أقل من المسموح به في الجامعات الحكومية.

يذكر أن عضو لجنة التعليم النيابية السابقة رياض المسعودي، أكد في حديث سابق أن أعداد الجامعات في العراق تبلغ الآن 37 جامعة، فيما تبلغ الحاجة الفعلية للبلد 80 جامعة، ما يجعل العجز كبيرا.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة