اصطدم عناصر الأمن العراقي مع متظاهرين غاضبين، في بلدة الإصلاح بمحافظة ذي قار، جنوبي البلاد، خرجوا للمطالبة بالخدمات وتوفير مياه الشرب لبلدتهم، ما تسبب في ارتباك أمني في البلدة، وسط انتقادات للجوء عناصر الأمن إلى العنف واستخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين.
وتظاهر، اليوم الأربعاء، العشرات من أهالي قضاء الإصلاح شرقي محافظة ذي قار، احتجاجا على تردّي الخدمات وانقطاع المياه عن بلدتهم منذ أكثر من 10 أيام.
وتتفاقم أزمة المياه في مختلف مدن البلاد، بعد تراجع مستويات نهرَي دجلة والفرات، لكن مدن جنوبي العراق بدت الأكثر تضررا في الأيام الأخيرة، خاصة على مستوى الفلاحين ومربي المواشي، كما توقفت عدد من محطات ضخ مياه الشرب للمناطق السكنية، بسبب تدني مستوى النهر عن أنابيب سحب المياه الخاصة بمياه الشرب.
وعلى الرغم من الانتشار الأمني في البلدة، وتدفّق عناصر الأمن إليها لمحاولة منع التظاهرات، إلا أن تزايد أعداد المتظاهرين، قبل ظهر اليوم، مكّنهم من الاندفاع نحو دوائر الدولة في البلدة، ومنها مركز شرطة البلدة، واقتحموها وأخرجوا موظفيها منها.
وسجلت اشتباكات بين عناصر مكافحة الشغب والمتظاهرين، إذ أطلق عناصر الأمن القنابل المسيلة للدموع، والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، ومحاولة إخراجهم من الدوائر وإنهاء التظاهرات.
من جهته، استغرب الشيخ علي الكعبي، وهو أحد وجهاء المحافظة، من مواجهة الأمن للمتظاهرين المطالبين بالمياه الصالحة للشرب، مبيناأن "المتظاهرين ليسوا خارجين عن القانون، كما أنهم لم يطالبوا بأشياء غير ضرورية، بل إن مطالبهم منحصرة في توفير المياه فقط، وهي أقل ما يفترض على الحكومة توفيره للأهالي".
وشدد على أن "البلدة تعاني من انقطاع تام للمياه منذ أكثر من 10 أيام، وأن الحياة أصبحت لا تطاق بالنسبة لأهالي البلدة، فلا يمكن أن يتحملوا ذلك"، معتبرا أن "التظاهرات هي تظاهرات مشروعة، ويجب على الحكومة أن تعالج مشاريع المياه وتوفرها للأهالي بأسرع وقت، وأن تتجنب الصدام معهم".
وسط ذلك، توجه العشرات من عناصر الأمن نحو البلدة، للسيطرة عليها ومنع خروج التظاهرات عن سلميتها. وقال ضابط في قيادة شرطة المحافظة، مشترطا عدم ذكر اسمه، إن "التوجيهات صدرت بالسيطرة على أمن البلدة، إذ لا يمكن للمتظاهرين اقتحام الدوائر الحكومية وتعطيل المؤسسات"، مؤكدا أن "عناصر الأمن تجنبوا الصدامات مع المحتجين، وأن التوجيهات التي صدرت الآن هي عدم الاشتباك معهم".
وشدد على أن "الانتشار العسكري يأتي لضبط أمن البلدة، ومنع المتظاهرين من الخروج عن سلمية التظاهرات"، داعيا المتظاهرين إلى "الالتزام وعدم الاندفاع نحو دوائر الدولة أو قطع الشوارع العامة، وأن مطالبهم المشروعة ستتخذ الحكومة المحلية الإجراءات اللازمة تجاهها، من دون الحاجة إلى غلق دوائر الدولة".
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، انتقد ناشطون ومدونون اللجوء إلى العنف من قبل عناصر الأمن لمنع التظاهرات، وقال المدون علي السومري، في تغريدة له، "بعد أزمة مياه الشرب وتوقف مشاريع إسالة الماء وجفاف المزارع، وبدلا من توفير حلول للأزمة وتوفير المياه، تقوم الحكومة بإرسال أرتال عسكرية إلى قضاء الإصلاح في ذي قار لقمع الأهالي ومنع خروجهم في تظاهرات تطالب بمياه الشرب".
يذكر أن ملف الخدمات يعد أحد أبرز أسباب التظاهرات في المحافظات العراقية، حيث إن الفساد المستشري في البلد منذ سنوات عدة، تسبب في انعدام الخدمات وعدم تطوير البنى التحتية، فضلا عن عدم إدامة المشاريع الموجودة التي باتت لا تستوعب الكثافة السكانية المتزايدة في البلد.