11 Apr
11Apr

يعود مشهد توتر العلاقات بين الحزبين الكرديين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني إلى الواجهة، وذلك بعد اشتداد أزمة قرارات المحكمة الاتحادية العليا، والتي يعتبرها الديمقراطي جاءت بعد تحريض من نظيره الاتحاد الوطني.
وبالرغم من إغلاق تسجيل المفوضية العليا للانتخابات لباب الترشيح لانتخابات إقليم كردستان أمام الكيانات السياسية، إلا أن الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني قرر المضي بقراره واستمراره بمقاطعة الانتخابات وعدم التنافس بها، بسبب قرار المحكمة الاتحادية إلغاء مقاعد المكونات، وتقسيم الإقليم إلى أربع دوائر انتخابية.
وتحذر أوساط سياسية من عودة سيناريو الإدارتين للواجهة، وذلك في ظل العتب الكبير من الديمقراطي الكردستاني على نظيره الاتحاد الوطني، واتهامه بأنه يسعى لتقويض الكيان الدستوري للإقليم، ويتعاون مع “أطراف معادية لكردستان”.
وحول هذا الأمر، يقول عضو الاتحاد الوطني الكردستاني برهان الشيخ رؤوف، خلال حديث له، إن “التجربة الديمقراطية يجب أن تحترم، ومن يقاطع الانتخابات ويريد الذهاب إلى المعارضة فرأيه محترم”.
ويضيف “نرفض سياسة لي الأذرع، ومحاولة إعاقة إجراء انتخابات برلمان كردستان، وأي محاولة لهذا الأمر سنلجأ إلى المحكمة الاتحادية، ونحن لم نلجأ لها إلا لغرض إحقاق الحق، وليس إضعاف الإقليم”.
ويؤكد “الاتحاد الوطني لم يمنع الديمقراطي من المشاركة في الانتخابات، ولكن هو من اختار هذا الطريق، وبالتالي يجب السماح للمضي بالتجربة الديمقراطية وعدم عرقلتها”.
ويشير الشيخ رؤوف إلى أن “الاتحاد الوطني الكردستاني ليس حزبا مناطقيا، بل نحن من كان صاحب النفوذ في أربيل حتى استعان الحزب الديمقراطي بنظام صدام حسين في آب أغسطس 1996، ولذلك لا توجد أي مشكلة في أن يكون رئيس الإقليم ورئيس الحكومة من الاتحاد الوطني إذا حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات”.
ويعود أول خلاف بين الحزبين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، والديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، إلى آيار مايو 1994، بسبب الصراع على تقاسم النفوذ والسيطرة على الموارد، حيث بدأت الحرب الأهلية الإقليم، وبلغت ذروة الصراع المسلح بين الطرفين في 31 آب أغسطس 1996، حين طلب بارزاني من النظام السابق دعما عسكريا للتصدي لقوات الاتحاد الوطني واستعادة السيطرة على محافظة أربيل مركز الإقليم، واستمرت حتى أيلول سبتمبر 1998 حين وقع الحزبان اتفاقية سلام برعاية الولايات المتحدة وبضغط منها.
وقد كشف في عام 2016، خلال تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة، عن وجود مساع لتحويل السليمانية الى اقليم يضم محافظتي حلبجة وكركوك، ويكون مواز لاقليم اربيل، فيما كانت الفكرة آنذاك تحظى بموافقة أولية من بغداد.
يذكر أن المحكمة الاتحادية العليا، أصدرت طيلة العامين الماضيين العديد من القرارات التي تصب بصالح الحكومة الاتحادية، لكنها اعتبرت من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني “مسيسة ضده”.
غير أن عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، يرى خلال حديث لـه ، أن “ما يقوم به الاتحاد الوطني هو محاولة لتفتيت الكيان الدستوري لإقليم كردستان، صحيح أن المحكمة الاتحادية هي من اتخذ القرارات الأخيرة ضد الإقليم، ولكن تلك القرارات جاءت بناء على شكوى من الاتحاد الوطني، وكان يمكن حل الأمر داخليا”.
ويبين أن “هذا الضغط على الديمقراطي، هو نفسه الذي مارسته إيران والأطراف المقربة منها على التيار الصدري بهدف إبعاده عن المشهد السياسي واستفرادهم بالسلطة، رغم أن التيار الصدري هو صاحب المرتبة الأولى، ولهذا يريدون ممارسة ذات الدور”.
ويؤكد سلام أن “الديمقراطي لن يلجأ لحل الإدارتين، ولن يقبل بتفتيت الإقليم أو إضعافه، وهو يعتبر كل كردستان مقدسة بما فيها السليمانية، وكيان الإقليم حصلنا عليه بالدم، ولن نفرط به بسهولة”.
يشار إلى أن الخلافات بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، احتدت مجددا بعد تولي رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي رئاسة الحكومة والتي أعلن خلالها “سياسة التقشف”، وعلى إثرها انتهجت حكومة إقليم كردستان ما أسمته في حينها “الإدخار الإجباري” لرواتب الموظفين، وتركزت هذه السياسة على السليمانية بشكل مباشر، ما أثار حفيظة الاتحاد الوطني.
ثم بلغت الخلافات ذورتها بعد إعلان رئيس الإقليم مسعود بارزاني الاستفتاء على انفصال كردستان عن العراق وضم كركوك والمناطق المتنازع عليها للإقليم، في تشرين الأول أكتوبر 2017، ما استدعى الحكومة الاتحادية إلى تدخل عسكري لاستعادة السيطرة على كركوك والمناطق المتنازع عليها وطرد قوات البيشمركة منها، وفي حينها اتهم الديمقراطي نظيره الاتحاد الوطني بالوقوف وراء ذلك كونه كان رافضا لإجراء الاستفتاء.
يشار إلى أن حقول الغاز التي تديرها شركة دانة غاز (الإماراتية) تقع في محافظة السليمانية، الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني، وبحسب شبكة رووداو الكردية، فإن شركة دانة غاز، كانت تستهدف زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بإقليم كردستان، خلال السنوات المقبلة، على مرحلتين، ليصل حجم الإنتاج الى نحو مليار قدم مكعب، بواقع 250 مليون قدم مكعب خلال المرحلة الأولى والذي يمكن استخدامه لسد احتياجات الإقليم، فيما من المؤمل أن يزيد حجم الإنتاج 250 مليون قدم مكعب خلال المرحلة الثانية، والذي يمكن تصديره في هذه المرحلة.
وما تزال رئاسة إقليم كردستان ورئاسة الحكومة فيه، بيد الحزب الديمقراطي الكردستاني، بالإضافة إلى الوزارات الاتحادية، حيث يدور صراع حاليا بشأنها بين الحزبين الكرديين، فالديمقراطي يطالب بالأربع وزارات كاملة له، فيما يطالب الاتحاد بالحصول على وزارة منها، وهذا أدى إلى تأخر حسم وزارتي الإعمار والإسكان والبيئة.
في الأثناء، يؤكد الباحث في الشأن السياسي سردار مصطفى، خلال حديث لـه ، أن “الصراع الجديد بين الحزبين الكرديين ربما يكون هو الأكبر منذ 20 عاما، فالديمقراطي يرى أن هنالك تهديدا واضحا للمكاسب التي حصل عليها، وقد أدرك بأنه في حال أجريت انتخابات برلمان كردستان فسيتلقى ضربة موجعة، تفقده جزء كبيرا من نفوذه وسيطرته على الإقليم”.
ويتابع “الديمقراطي سيحاول اللعب على ورقة الضغط الدولي والعلاقة مع أمريكا لغرض تأجيل الانتخابات، واستثمار زيارة السوداني إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، لهذا الأمر”.
ويشير مصطفى إلى أنه “بالتالي فإن خيار الإدارتين مستبعد حتى الآن، ولكن من الاستحالة أن يسمح الديمقراطي للاتحاد الوطني التفرد بالسلطة داخل الإقليم وهدم امبراطورية أسسها بالدم وقاتل من أجلها لسنوات طويلة”.
وكان الاتحاد الوطني الكردستاني قد طرح خيار تشكيل إقليم السليمانية والإدارات التابعة لها في نيسان أبريل 2021، احتجاجا على “تفرد” الحزب الديمقراطي بالسلطة في إقليم كردستان وسيطرته على الموارد الاقتصادية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة