مع اقتراب جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، والمقررة بعد غد السبت، يزداد الحراك السياسي بين الكتل للوصول إلى “صفقة شاملة” لحسم المنصب المذكور، مع إجراء تعديلات داخل الكابينة الوزارية للسوداني ومحافظة بغداد، فيما تعزو مصادر هذا الحراك إلى خلافات داخلية تضرب ائتلاف دولة القانون، فضلا عن كشفها كواليس اتفاق محمد الحلبوسي مع محمود المشهداني، لدعمه بالحصول على المنصب الأهم سنيا.
ويقول مصدر مطلع، خلال حديث له، إن “الخارطة السياسية ستشهد بعض التغييرات، بدءا من محافظ بغداد ونواب رئيس مجلس المحافظة، وصولا إلى بعض التعديلات الوزارية”.
ويوضح، أن “تلك التغييرات ستتم في صفقة واحدة مع رئاسة البرلمان، وستشمل أكثر من وزارة ومنصب في محافظة بغداد”.
ويظهر مصدر آخر، معلوما أكثر تفصيلا حول أساس الخلاف داخل واحد من أكبر الائتلافات السياسية، وهو ائتلاف دولة القانون، حيث يقول لـه، إن “أسماء بعض الوزراء تتردد في التعديل الوزاري، أبرزهم وزير الشباب والرياضة أحمد المبرقع، بسبب الخلاف الذي ظهر بينه وبين ياسر المالكي، رئيس حركة البشائر الكتلة السياسية التي ينتمي إليها والتي تندرج ضمن ائتلاف دولة القانون”.
ويبين المصدر، أن “اتفاقا داخليا كان يقضي بحصول دولة القانون على مناصب ثلاثة محافظين، يتم تقسيمه بالشكل التالي: محافظ بغداد (محمد جابر عطا) والمثنى (مهند العتابي)، وديالى الذي ظل شاغرا بسبب الخلافات المعقدة، لافتا بالقول “بما أن دولة القانون تنقسم إلى ثلاثة كتل هي حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، وحركة البشائر بزعامة صهره ياسر المالكي، وحزب الفضيلة الذي يرتبط بالمرجع الديني محمد اليعقوبي، فإن حصول الدعوة على محافظ بغداد، والفضيلة، على محافظ المثنى، وفشل البشائر بالحصول على محافظ ديالى، جعل الأخيرة تشعر بالغبن وسعي رئيسها للإطاحة بهذا الاتفاق المجحف من وجهة نظره، وذلك عن طريق الإطاحة بمحافظ بغداد، لقاء اتفاقات أخرى”.
يشار إلى أن وثيقة موقعة من 19 عضوا من مجلس محافظة بغداد، انتشرت قبل يومين، تضمنت المطالبة بإقالة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي، بذريعة تجاوزه السن القانونية للوظيفة ويجب إحالته للتقاعد، وكان اللافت أن من بين الموقعين أعضاء بدولة القانون.
وتم تسريب مقطع صوتي لزعيم الائتلاف نوري المالكي، يرفض فيه رفضا قاطعا الإطاحة بالمحافظ عطا.
ويتزامن هذا الحراك في مجلس محافظة بغداد، بعد الإعلان عن قرب حسم مرشح رئاسة البرلمان بجلسة يوم السبت المقبل 18 من أيار مايو الحالي.
يذكر أن كتلة الصدارة، التي تضم أربعة نواب وهم محمود المشهداني، وطلال الزوبعي، وخالد العبيدي، ومحمد نوري عبدربه، أعلنت في وقت سابق، عن تحالفها مع حزب “تقدم” بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، بهدف توحيد الجهود وتمكين الاتفاقات لإنهاء تعطيل الاستحقاقات الدستورية، وتنفيذ ورقة الاتفاق السياسي التي تعاهدت عليها القوى السياسية وصوتت لها ضمن البرنامج الحكومي، للشروع بحسم انتخاب رئيس مجلس النواب، حسب ما ورد في بيانها.
وقد كشفت معلومات، عن ترشيح محمود المشهداني للمنصب من قبل حزب تقدم وكتلة الصدارة، وهو الأقرب للمنصب، في ظل تمسك تحالف العزم والحسم والسيادة بمرشحها سالم العيساوي للمنصب، وهو الذي يرفضه الحلبوسي.
وكان لافتا الأسبوع الماضي، خبر انضمام كتلة “الصدارة” التي ينتمي إليها المشهداني، إلى حزب تقدم التابع للحلبوسي، لكن مصدرا سياسيا مطلعا كشف عن صفقة بين الطرفين، تقضي بمنح منصب مدير مكتب رئيس البرلمان لصالح الحلبوسي، الذي سيعين شخصا من طرفه.
ويشير المصدر، خلال حديثه لـه، إلى أن “الحلبوسي قبل بهذا الحل لأنه الأقل ضررا بعد تيقنه من عدم الحصول على موقع الرئيس، حتى وإن كان يملك أكبر مقاعد بين الكتل السنية”.
من جهته، يبين الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـه، أن “المادة 7 من قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008 بينت لنا اختصاصات مجلس المحافظة والرقابة على أنشطة الهيئات التنفيذية في المحافظة وأيضا انتخاب المحافظ ونائبيه واستجوابهم، بناء على طلب ثلث الأعضاء والإقالة أيضا تكون بنفس الطلب ولأسباب عدة منها النزاهة وغيرها وتكون الإقالة بالأغلبية المطلقة”.
ويلفت التميمي، إلى أن “شروط المحافظ نصت عليها المادة الخامسة من نفس قانون المحافظات والتي تتعلق بالعمر والشهادة، وإذا تمت اقالة المحافظ يجوز له الاعتراض خلال 15 يوما وفقا للقانون، والمحكمة تبت بالاعتراض خلال شهر من تاريخ التسجيل” منوها إلى أنه “في حالة حصول الإقالة يتم انتخاب محافظ جديد أيضا خلال 30 يوما من خلال فتح باب الترشيح”.
ويؤكد أنه “فيما يتعلق بالإحالة على التقاعد، فإن المحافظ وفق المادة 23 من قانون المحافظات غير منتظمة بإقليم فهو موظف وهو الأعلى في وحدته الإدارية ويطبق عليه قانون الخدمة المدنية لسنة 1960 والإحالة إلى التقاعد تكون وفقا للقانون، فهي تسمى الوجوبية عند بلوغ الموظف السن القانونية بغض النظر عن خدمته، أي هي إحالة جبرية وهو ما استقر عليه مجلس الشورى في الدولة، ولهذا فإن إجراء مجلس المحافظة صحيح بحق المحافظ”.
وبشأن هذا الحراك في المجلس، يوضح عضو مجلس محافظة بغداد عن تحالف نبني أحمد محسن الربيعي، خلال حديث له إن “محاولة بعض أعضاء المجلس إقالة المحافظ عبد المطلب العلوي من خلال إثارة مسألة السن القانونية وإحالته للتقاعد، قد فشلت بعد جمع تواقيع من أجل تقديم طلبا رسميا للمضي بهذه العملية”.
ويستطرد: “نحن في تحالف “نبني” نرفض مثل هكذا توجهات والتي تم اجهاضها من خلال سحب بعض الشخصيات لتواقيعهم الخاصة بإحالة المحافظ للتقاعد”.