13 Aug
13Aug

تعاني الشركة العامة للزجاج والحراريات في الأنبار من الإهمال وعدم التحرك الفعلي حول القضية الشائكة لاستثمار معاملها منذ الإعلان عن تحرير المناطق التي وقعت تحت سطوة تنظيم "داعش".

وتضم الشركة ثلاثة معامل، الأول هو معمل الزجاج في مدينة الرمادي (مركز المحافظة)، والثاني معمل السيراميك، ويقع في الرمادي أيضاً، أما الثالث فهو معمل الحراريات، ويقع في مدينة الكرمة (شرقي الأنبار)، وبحسب المدير العام السابق للشركة فإن منتسبيها موزعون على المواقع الثلاثة بواقع 2074 موظفاً.

وتقول ضحى الجبوري، المتحدثة باسم وزارة الصناعة والمعادن، في حديث لـها، إن "مشروع استثمار معمل الزجاج والسيراميك في الأنبار لم يتم إلغاؤه، وإنما حدث تباطؤ في الأمر، بسبب عدم تنفيذ بنود العقد الموقعة من طرف اتحاد الشركات الروسية الساعية لاستثماره، وإحالة الأمر إلى الجهات القانونية".

وفي العام 2020، وبحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية، فإن الشركة العامة للزجاج والحراريات، بصدد تصدير منتجاتها إلى الخارج، بعد الإشارة إلى أن شركات روسية ستعيد تأهيل معامل الزجاج والسيراميك.

وتضيف الجبوري، أن "جميع الأجهزة والمكائن في الشركة مدمرة بالكامل، وأن تشغيل المعمل يتوقف على إعادة وتأهيل المكائن، وذلك بعد أن تحل المسألة القانونية مع اتحاد الشركات الروسية، وإن لم يتم حلها فسيطرح للاستثمار مرة أخرى".

وحول مصير الشغيلة والأيدي العاملة، تؤكد أن "الشركة تشهد دواماً مستمراً لموظفيها، كونهم موظفي دولة، ومن المستحيل أن نقول لهم اجلسوا في بيوتكم، فهناك أمور إدارية تجب المباشرة بها"، مقرة بعدم معرفتها لمواعيد حسم القضية القانونية".

جدير بالذكر، أنه تمت المباشرة بتأهيل المعامل الثلاثة، مطلع العام 2008، وفق التكنولوجيا الحديثة، وعلى ضوء خطة استثمارية وبتمويل الحكومة، إلا أن سيطرة تنظيم "داعش" على الأنبار في العام 2014، حالت دون إنجاز العمل، كما أن المعامل تعرضت إلى الدمار نتيجة الحرب ضد التنظيم.

ووجهت وزارة الصناعة بإعلان جميع مصانع الشركة العامة للزجاج والحراريات كفرص استثمارية، حيث تم إعلانها سنة 2021 مرات عدة لغرض استقطاب العروض المجدية، وكان آخرها إحالة تأهيل سبعة مشاريع صناعية إلى شركات روسية في معامل الزجاج والسيراميك والتي ما تزال حتى اللحظة قضيتها معلقة قانونياً.

وحول مصير العقد مع اتحاد الشركات الروسية، يبين مدير الشركة العامة للزجاج والحراريات حامد محمد كودي، خلال حديث له، أن "هناك عقداً مع تلك المجموعة منذ 2021، ولكنها أخلّت ببنوده، وقد قدمنا إنذاراً رسمياً نهائياً للشركة، فإما أن تتم تسوية الأمر بالتراضي أو نلجأ إلى المحاكم لمقاضاتها واستحصال حقوقنا، إذ كان بالإمكان في السنوات التي مضت عرض تلك المعامل للاستثمار على شركات أخرى".

ويشير كودي، إلى أن "الخلل حدث لدى الشركة بسبب العقوبات الأمريكية على روسيا، إذ لا يستطيعون تحويل مبالغ مالية إلى العراق، حتى أنهم حاولوا الدخول كشركاء مع شركة صينية ولكنها طلبت تأميناً سيادياً ولم يتوفر لها ذلك التأمين منذ شهر من الآن".

ويوضح أن "جميع فروع الشركة العامة للزجاج والحراريات متوقفة ولا تعمل لأنها مستثمرة من قبل الاتحاد الروسي، وهناك موقع في الفلوجة وهو معمل الإسمنت الأسود ومعمل الطابوق يعملان فقط في الوقت الحالي".

ويلفت إلى أن "البنى التحتية لجميع المعامل مدمرة، ولم نستطع إعادة تأهيل أو تجديد الأجهزة والمكائن بسبب عدم وجود الدعم، وأن أغلب الجهات التابعة لوزارة الصناعة تبحث عن فرصة للاستثمار وليس للتأهيل لقلة أو عدم الدعم الحكومي".

يذكر أن اتحاد الشركات الروسية (industrial Consulting Agency and Stromizmeritel LLC) الراغبة في الاستثمار، زارت معامل الشركة في قضاء الرمادي بمحافظة الأنبار لغرض استئناف العمل والمباشرة بتنفيذ العقد الاستثماري الخاص بإنشاء وتأهيل سبعة معامل للزجاج والسيراميك، بحسب بيان للشركة صدر في 18 شباط فبراير 2022.

ويرى خبراء، أن تربة الأنبار من مناطق العالم الأغنى بحمض السيليك، فالمناطق الصحراوية تحتوي على المواد الأولية لهذه الصناعات، وأن معمل زجاج الرمادي يشكل استثماراً كبيراً للموارد الطبيعية المتوفرة.

ويفيد المحلل الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، خلال حديث لـه بأن "من المواضيع المهمة اقتصادياً هي معامل الزجاج في العراق بفعل توافر المواد الأولية في الأنبار وغيرها، ومن الممكن أن يكون العراق محطة صناعية ومدينة صناعية لتصدير الزجاج إلى الوطن العربي، لكن للأسف، فإن هيئة استثمار الأنبار للآن لم تضع خططاً لإنشاء مدينة خاصة بذلك".

ويضيف حنتوش، أن "الموضوع يتعلق بأن المستثمرين يحاولون السيطرة على قطع أراض قريبة من المقالع، وهذا الأمر عشوائي وغير مجد، ولو تم إنشاء مدينة صناعية فيمكن أن تعطى إجازات لمعامل كثيرة بصورة، رسمية، وهذه الصناعة من الصناعات المهمة والحيوية، التي قد تنقل الاقتصاد نقلة نوعية، ونحن مع دفع هيئة استثمار الأنبار نحو إعلان مدينة صناعية لإنتاج الزجاج ومشتقاته، وهذا الأمر سيكون منبعاً اقتصادياً للمحافظة والعراق عموماً".

يذكر أن قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، الذي من المفترض أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع، يواجه تدهوراً كبيراً منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوع تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.

وفضلاً عن القطاع الحكومي، فإن مشاريع القطاع الخاص، شهدت توقفا، بل انهياراً كبيراً نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للإنتاج، من تيار كهربائي أو حماية لازمة، خاصة في ظل الأحداث الأمنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلباً على السوق العراقية التي تحولت إلى مستهلكة للبضائع المستوردة.

يشار إلى أن وزارة الصناعة والمعادن، كانت تمدّ السوق قبل 2003 بحاجتها، أما الآن فقد تراجعت لأسباب عدة أبرزها فتح أبواب الاستيراد وانعدام القيود الرقابية، وخلق منافسين كثيرين للمنتج المحلي، على الرغم من جودة الأخير وخضوعه للسيطرة النوعية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة