14 May
14May

لم تنجو محافظة عراقية من غرق شوارعها وأحيائها السكنية جراء موجة الأمطار الغزيرة التي اجتاحت البلاد خلال الشهرين الماضي والجاري، غير أنها كشفت عن الواقع الخدمي المتردي في بعض المدن التي ارتفعت أسعار عقاراتها بشكل لافت تجاوز أرقى المناطق في العاصمة بغداد التي تعد الأغلى في عموم العراق.
فجر يوم الجمعة الثالث من شهر آيار مايو الجاري، استيقظ الكربلائيون على شوارع أغرقتها مياه الأمطار وعرقلت تحركاتهم، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المشاهد المصورة لمناطق تعتبر راقية وتقدر أسعار العقارات فيها بمليارات الدنانير، إذ يرى السكان وجود صورة مغايرة لسوء الخدمات وتنفيذ المشاريع، تفضحها كل موجة مطرية تهطل في المحافظة.
ويقول المواطن الكربلائي ميثم عبد الحسين، خلال حديث له، إن “سكان كربلاء استيقظوا على غرق أغلب الشوارع الحيوية داخل مناطق مركز المدينة وفروعها، بسبب الأمطار الغزيرة التي استمرت لساعات من النهار، ما يكشف عن سوء الخدمات والمشاريع التي تتباهى بها الحكومة المحلية وهي تنكشف على حقيقتها مع كل موجة أمطار غزيرة”.
ويضيف “الفساد ينخر جسد المحافظة من مشاريع تعبيد الشوارع إلى تأثيثها وصبغها، فضلا عما يتم منحه من إجازات استثمارية غير مجدية ونافعة للمواطنين حيث باتت المدينة عبارة عن مطاعم ومجمعات تسبب الزحامات المرورية وتراكم النفايات في كل وقت”.
ويؤكد أن “مشاهد الغرق التي تشهدها المحافظة تمثل صورة واضحة لزيف الصور التي يتم التلاعب بها واستغلال أوقات الإنارة ليلا لإظهار شكل عمراني يختلف جذريا عن النهار وأوقات الأزمات”.
يشار إلى أن كربلاء شهدت غرق البناية الجديدة لقسم الطوارئ في المستشفى الحسيني بعد افتتاحها منذ عدة أيام بإشراف وتمويل من ديوان المحافظة، ما أثار استياء المواطنين بشكل أكبر بعد انتشار مشاهد غرق الأحياء السكنية والشوارع العامة.
من جهته، يوضح الموظف في مديرية مجاري كربلاء، الذي فضل عدم ذكر اسمه خلال حديث لـه، أن “الآليات التي تستخدم في مواجهة أزمات مثل الأمطار التي حصلت هذا اليوم متعبة جدا ومرت سنوات طويلة على خدمتها في الدائرة حيث أصبحت لا تجدي نفعا”.
ويشير إلى أن “المديرية تعاني من قلة الدعم الحكومي لها بتوفير الآليات الجديدة لتقديم الخدمات للسكان بشكل أفضل، فالشوارع أغلبها غرقت بكميات كبيرة من مياه الأمطار حيث استمرت جهود فرق المديرية وسيارات السحب لساعات طويلة حتى تمكنت من فك الاختناقات بمنظومة المجاري المتهالكة”.
ويبين أن “العديد من الأحياء السكنية سجلت دخول كميات كبيرة من المياه للمنازل لتوقف منظومات المجاري لتصريف مياه الأمطار في تلك المناطق”.
ويأتي هذا الانتقاد للمشاهد التي حصلت في محافظة كربلاء، بالتزامن مع ارتفاع كبير تسجله أسعار العقارات في مناطق الطابو الصرف، وحتى الأراضي الزراعية المطوبة حديثا أو ما يسمى “سند 25″، حيث وصل سعر المتر في أسوأ المناطق إلى مليون دينار، فيما سجلت المناطق الراقية أسعارا باهظة للمتر الواحد يتراوح بين خمسة آلاف دولار إلى عشرة آلاف دولار وهي تتفاوت بين البناء من عدمه.
وفي السياق، انتقد المواطن جبار المسعودي، خلال حديث لـه، ما أسماه بـ”الإعلام المزيف للإعمار الكارتوني في المحافظة، لذلك يجب فتح ملفات الفساد ببيع العقارات التابعة للدولة والمواطنين المهاجرين، وحتى تمليك الأراضي للمسؤولين والمتنفذين في كربلاء”.
ويوضح أن “المناطق التي غرقت مثل شارع السناتر، وأحياء رمضان، والحسين، والموظفين، والنقيب، كلها تعتبر من المناطق الراقية وذات الغلاء الفاحش بالإيجارات وأسعار بيع العقارات”.
ويشدد المسعودي على أن “الفساد بات ينهك المواطن الكربلائي لعدم وجود إنصاف في تقديم الخدمات في المناطق المذكورة وحتى المناطق الفقيرة المهملة أساسا”.
يذكر أن محافظة كربلاء تشهد في كل عام زيارة الأربعين للإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) وهي زيارة مليونية يأتيها الناس من مختلف جنسياتهم من خارج العراق، وتنال المحافظة دعما حكوميا واقتصاديا بالتمويل لا ينعكس على أرض الواقع كما يرى المواطنين في المحافظة.
ورفضت الدوائر المعنية بتقديم الخدمات في كربلاء تقديم تفسيرات للانتقادات التي رصدتها “النافذة”، فيما لم يرد أي مسؤول في ديوان المحافظة وأعضاء مجلس المحافظة على الأسئلة المطروحة حول الصور والمشاهد التي تسببت بغضب في الوسط الكربلائي ومواقع التواصل الاجتماعي.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة