يفتح الصيف العراقي سنويا الباب واسعا، أمام استيراد أعداد هائلة من مكيفات الهواء القادمة من الصين، فخلال العام الماضي، جرى استيراد مليوني مكيف هواء، وعلى الرغم من أن موسم القيظ لم يصل ذروته بعد، لكن العراق حقق هذا العدد قبل حلول فصل الصيف، بحسب باحث في الشأن الاقتصادي، إذ توقع أيضا أن الأعداد ستستمر بالزيادة نتيجة التوسع السكاني وانعدام الأفكار البديلة.
ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي منار العبيدي، إن "موسم استيراد مكيفات الهواء يبدأ من آذار مارس، إلى تموز يوليو، والعراق حتى شهر أيار مايو الماضي استورد من الصين نحو مليوني وحدة تبريد، أي بمعدل العام السابق نفسه، ومن المتوقع لهذا العدد أن يرتفع".
ويرجع العبيدي، هذه الزيادة في استيراد المكيفات إلى "النمو السكاني والوحدات والمجمعات السكنية المشيّدة حديثا في البلاد، والعقارات التي توزع إضافة إلى البيوت الكبيرة التي تقسم إلى عدة وحدات سكنية"، لافتا إلى أن "بعض الشركات بدأت بتصنيع مكيفات من نوع أنفيرتر، الذي يستهلك أمبيرية (طاقة) أقل".
لكن، على الرغم من ذلك، يرى أن "العراق بحاجة إلى يراجع موضوعة استيراد هذه المكيفات، لأنها تستهلك الطاقة الكهربائية، وأن الأعداد ستكون هائلة في المستقبل مع النمو السكاني، ومقابل هذا يجب التفكير بوسائل أخرى للتبريد، كالوحدات المركزية للتبريد".
ويقترح الباحث في الشأن الاقتصادي، أن "تقوم أمانة بغداد وإدارة المحافظات بوضع شروط على المستثمرين أو أصحاب العمارات والمجمعات السكنية في أن تستخدم وحدات التبريد المركزي المستعملة في أغلب دول العالم إذ تكون وحدة التبريد مقسمة على جميع الساكنين بدل اللجوء إلى وحدات تكييف كثيرة، لأن الأولى تساهم في ترشيد الطاقة الكهربائية وتحد من الانبعاثات الحرارية للمكيفات".
وبشأن تطوير الصناعة المحلية في هذا الجانب، يجد العبيدي، أن "هناك مصنعا واحدا وهو الوارث لكن إنتاجيته لا تغطي السوق العراقية، فالعراق يحتاج من 10 – 20 مصنعا كي يسد حاجته من استيراد المكيفات"، مشيرا إلى أن "الحكومة بحاجة إلى التفكير في الاستثمار بهذه الصناعة وتقديم التسهيلات للمستثمرين العراقيين خاصة أن أغلبهم لجؤوا إلى فتح معامل في الصين وبدأوا بإنتاج هذه الأجهزة لأنهم وجدوا أن عملية الاستثمار هناك أكثر سهولة".
وكانت مؤسسة عراق المستقبل للأبحاث التي يديرها العبيدي، كشفت بداية العام الحالي أن العراق استورد خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 9.25 مليون وحدة تكييف من الصين وبقيمة بلغت 2.64 مليار دولار، لافتة إلى أن نسبة النمو ارتفعت بمقدار 5 بالمئة خلال السنوات الماضية حيث كان عدد المكيفات المستوردة خلال 2017، قرابة 1.5 مليون وحدة تكييف بمبلغ 389 مليون دولار بينما بلغت في 2022 أكثر من 1.86 مليون وحدة تكييف بقيمة بلغت 621 مليون دولار.
وتوقعت المؤسسة أن تصل عدد وحدات التكييف المستوردة من الصين خلال 2028 إلى أكثر من 2 مليون وحدة تكييف في السنة الواحدة نتيجة ارتفاع معدلات النمو السكاني والطلب على الوحدات السكنية وارتفاع درجات الحرارة في العراق، مبينة أن هذا الاستهلاك الكبير لو تم استغلاله خلال السنوات الخمس بتشجيع صناعة وحدات التكييف في العراق لاستطعنا تقليل حجم الاستيراد، وجرى فتح العديد من المصانع، علما أن اكثر منتج يتم استيراده من الصين هو وحدات التكييف حيث تمثل 5 بالمئة من مجمل استيرادات العراق من الصين.
إلى ذلك، يرى ليث باسم، وهو موظف مبيعات في إحدى شركات بيع أجهزة التكييف في بغداد، أن "الزيادة الحاصلة في الإقبال على مكيفات الهواء ترجع إلى أن الصناعة الجديدة لهذه الأجهزة أخذت بالحسبان وضع الكهرباء في العراق، إذ أن بعض الأجهزة الجديدة تحتوي على تحكم بالإمبيرية ويمكن أن تعمل على تيار المولدة الأهلية".
ويوضح باسم، أن "العمر الافتراضي لهذه الأجهزة يمتد إلى أربع سنوات تقريبا، بعدها يصاب الجهاز ببعض الأعطال التي ممكن أن تعالج بالصيانة وبعضها لا يمكن إلا باستبداله".
ورغم هذا، فإن باسم يعتقد أن "موسم البيع الحقيقي لم يبدأ بعد، فالأيام المقبلة ستشهد مبيعات أكبر"، لافتا إلى أن "درجات الحرارة كلما وصلت إلى حدود 48-50 درجة مئوية، يبدأ سوق مكيفات الهواء بالرواج، وهذا ما يحدث كل موسم، لكن في الموسم الحالي، كانت الأشهر الماضية معتدلة من حيث الحرارة".
وكانت هيئة الأنواء الجوية، أعلنت أمس السبت، عن توقعاتها خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى تصاعد للغبار وارتفاع بدرجات الحرارة، وذكرت أن الطقس خلال اليوم الأحد والاثنين سيكون صحوا ودرجات الحرارة مقاربة لليوم السابق في المناطق الوسطى والشمالية والجنوبية مع تصاعد للغبار، بينما طقس يومي الثلاثاء والأربعاء سيكون فيه ارتفاع قليل بدرجات الحرارة مع تصاعد للغبار في المناطق الوسطى والشمالية والجنوبية.
من جانبه، يشير مهيمن محمد، الذي يملك شركة لتجارة الأجهزة الكهربائية في الكرادة وسط بغداد، إلى أن "التحسن الطفيف في التيار الكهربائي هذا العام ساهم في زيادة الطلب على مكيفات الهواء، على عكس المبردات التي أصاب سوقها الكساد، فالأخيرة تحتاج إلى مياه إضافة إلى الضوضاء التي تتركها ومستوى درجة التبريد فيها".
ويضيف محمد أن "جميع المكيفات التي تستوردها السوق العراقية هي ذات مناشئ صينية، وأغلب الأنواع المرغوبة في السوق هي؛ توسوت، غري، أواكس"، مشيرا إلى أن "هناك نوعا واحدا ذا منشأ كوري متداولا في السوق وهو إل جي الذي يباع بضمان لمدة 10 سنوات".
ويلفت إلى أن "الطلب كبير على المكيفات هذا الموسم، فخلال أسبوع ممكن أن تباع في الشركة 500 قطعة، وخلال شهر قد يصل العدد إلى أقل من 1000 قطعة"، مؤكدا أن "شركتنا استوردت نحو 1200-1500 تقريباً هذا الموسم".
ويستخدم أغلب الأهالي مبردات الهواء في الصيف، لأنها تعمل على طاقة كهربائية أوطأ، إذ غالبا ما يتم تشغيلها على تيار المولدات الأهلية، عند انقطاع الكهرباء الوطنية، ومع البدء باستيراد المكيفات ذات التحكم بالأمبيرية فإن استخدام المبردات بدأ بالانحسار.