موجة تشظٍ جديدة تضرب حزب تقدم بزعامة رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، الركن الأساس في تحالف السيادة إلى جانب العزم برئاسة خميس الخنجر، من خلال استقالة عدد من النواب، عزاها أعضاء في التحالف ومحللون سياسيون إلى "المصالح" والرغبة في تشكيل تكتلات جديدة، في ظل توقعات بعودة الخلافات بين الحلبوسي والخنجر بسبب "تقاسم الحصص".
ويقول المحلل السياسي علي البيدر، إن "ما يحصل داخل المكون السني، منافسة غير بريئة من اجل الاستئثار بالمواقع القيادية التي تتصدر واجهة المكون في إطار البحث عن المناصب المهمة والحساسة في هرم السلطة".
وكان 4 نواب عن حزب تقدم، برئاسة الحلبوسي أعلنوا أمس الأول الجمعة، عن انسحابهم من الحزب والكتلة النيابية له، وهم فلاح الزيدان ولطيف الورشان وعادل المحلاوي ويوسف السبعاوي، ووفقا لبيانهم فإن الانسحاب جاء لوجود ملاحظات عدة على طريقة عمل الحزب وعدم وجود شراكة حقيقية في اتخاذ القرار، وأكدوا بأنهم باقون ضمن تحالف السيادة، حفاظا على تمثيل محافظاتهم وجماهيرهم. ويرى البيدر، أن "هذه الانسحابات لم تكن ناتجة عن رؤية سياسية أو اختلاف في الرؤى والأفكار، بل رغبة بإدارة المشهد السياسي داخل البيت السني، فمثلا لم تأت نتيجة الخلاف على كيفية التعاطي مع قضايا السنة الإستراتيجية مثل ملف المغيبين وغيرها من القضايا التي من الممكن أن تحفز الشارع للتقرب من المنظومة السياسية".
ويذهب المحلل السياسي، إلى أن "بعض الأطراف التي خرجت بحثاً عن مصلحتها الشخصية أو رغبة منها في صناعة كانتونات سياسية تجني من خلالها بعض الأرباح على مستوى النفوذ السياسي أو على المستوى المالي"، مؤكدا أن "الشارع العراقي بدأ يكشف تلك الأطراف ونواياها ثم أنها لم تقدم لجمهورها شيئا حتى يؤمن بها أو يكون قريبا منها".
ويشير البيدر، إلى أن "هذه الحالات لا تدخل في إطار المنافسة أو الرغبة في صناعة ما يمكن أن يحقق تطلعات الجماهير بقدر ما هي رغبات فردية وفئوية ضيقة تبحث عن مغانم ومواقع داخل السلطة"، لافتا إلى أن "حالة التشظي دليل على إفلاس بعض الأطراف أو استجابة لضغوطات خارجية تريد شق البيت السني بأي طريقة من الطرق طمعا في زيادة رصيدها السياسي".
جدير بالذكر، أن تحالف السيادة أصدر بيانا، أكد فيه أن التحالف أسس من قبل حزب تقدم وحزب المشروع العربي (العزم)، وأن مغادرة أي نائب أو عضو أو أي كادر لأي منهما، فهو خارج صفوف التحالف، مشيوا إلى أن عودة المنسحبين للتحالف مرهونة بقرار من حزبهم.
من جانبه، يرجع القيادي في تحالف العزم فارس الفارس، خلال حديث له تلك الخلافات إلى "أسباب كثيرة، وهي تنافس الكتل والمصلحة الشخصية أو المصالح الكتلوية، إضافة إلى وجود تذمر عال جراء الإهمال وعدم احترام الآراء وتهميش الأدوار، مع وجود نوع من الدكتاتورية والغطرسة لدى البعض".
ويتوقع الفارس، أن "هذه الظروف ستخلق تشكيلات جديدة وتغير من خارطة تشكيل التحالفات السياسية في قادم الأيام"، لافتا إلى أن "هذه الخلافات داخلية، واللاعب الخارجي ليس له يد فيها".
ويضيف أن "خميس الخنجر لم يحصل على مبتغاه مع تقدم، لكن الأخير حصل على ما يريد من الخنجر، وأن هذا النوع من الانشقاقات يكشف عن تصدع واضح في الرؤية"، معتقدا أن "هذه الأحداث سوف تعمق الخلاف والشرخ الموجود بين الخنجر والحلبوسي، وهو ما بدا واضحاً أثناء توزيع اللجان النيابية".
يشار إلى أن القيادي في حزب تقدم والنائب عنه هيبت الحلبوسي، كشف في بيان له يوم أمس، أن حزب تقدم الذي كان يملك قرابة 37 مقعدًا وافق على التحالف مع الشركاء السياسيين الذين يملكون 14 مقعدًا، حرصًا على وحدة الصف وإيمانًا بالثوابت الوطنية التي تنسجم ومطالب جماهير محافظاتنا المحررة، وأن الأسباب التي تقف خلف قرب انتهاء تحالف السيادة، هو تغليب المصالح الشخصية لأغلب الشركاء السياسيين في التحالف، وانحراف الكثير منهم عن الاتفاقيات السياسية، بالإضافة إلى محاولات شق الصف السياسي، سواء في مجلس النواب، أو في المحافظات التي نمثلها.
وفي منتصف الشهر الماضي، تفجرت أزمة داخل حزب تقدم، وانتهت باستقالة 6 نواب منه، على إثر خلافات مع الحلبوسي، ووصلت إلى مرحلة الشتائم والضرب، وفقا لما كشفه القيادي السابق في تحالف السيادة مشعان الجبوري، وبسبب تلك الحادثة، قرر الحلبوسي، توقيع استقالة النائب ليث الدليمي (احد المنسحبين آنذاك)، وهي استقالة قديمة مقدمة لرئاسة البرلمان، وأنهى عضويته فيه وجرى تمرير النائب البديل عنه بشكل سريع. كما كان القيادي الأبرز في تحالف السيادة، أحمد الجبوري (أبو مازن)، قد انسحب من التحالف قبيل تشكيل الحكومة الحالية، وانضم إلى تحالف العزم بقيادة مثنى السامرائي المتحالف مع الإطار التنسيقي، وذلك بعد خلافات حول الوزارات ومناصب المحافظين.
بدوره، يرى المحلل السياسي محمود الحسيني، في حديث له أن "تفكك تحالف السيادة، يؤكد بأن المشاكل داخل البيت السياسي السني أعمق بكثير من المشكلات الموجودة داخل البيت الشيعي".
ويضيف الحسيني، أن "الكتل السنية تمر حاليا بمرحلة إسقاط الحس الدكتاتوري الذي يحاول البعض من قياداتهم فرضه، ونقل القرار السني إلى محافظة الأنبار حصرا".
ويتابع أن "هذا الأمر لا يستبعد أن يكون بإيعاز من أطراف دولية خارجية، تحاول ترتيب البيت السني من جديد، ليكون متوائما مع أجنداتها الخاصة في العراق، لاسيما وأن الكثير من القيادات السنية العراقية، معروف عنها بتوجهها العروبي واتصالاتها مع دول عربية معينة".
ويكمل أن "المرحلة المقبلة ستشهد ولوج قيادات سنية جديدة معتد بها، تتمتع بالذكاء والواقعية، وان لا تبتعد عن الكتل الشيعية القوية".
يشار إلى أن تحالف السيادة، شكل بعد توافق الخنجر والحلبوسي، وباتفاق يتضمن يذهب بموجبه منصب رئيس التحالف إلى الخنجر، والتجديد للحلبوسي كرئيس للبرلمان مقابل ذهاب المناصب الأخرى والوزارات من حصة المكون السني، إلى الخنجر والكتل "السنية" الأخرى، وهذا بعد خلافات كبيرة انتهت بجلسة صلح قادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.