موعد جديد تم تحديده لإجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان، لكن هذه المرة، وكما كشف سياسيون من باقي الأحزاب الكردية، فإن الانتخابات ستجرى ولن تؤجل، بسبب الضغوط الدولية والداخلية لإجرائها، رغم المشاكل القائمة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، لكن التوقعات تشير إلى حلحلة المشاكل بـ"أي طريقة" للتخلص من الضغط الدولي، الذي بلغ مرحلة التأثير على "سمعة الإقليم".
ويقول السياسي الكردي، محمد زنكنة، خلال حديث لـه إن "موعد إجراء انتخابات إقليم كردستان، حدده رئيس الإقليم وفقا لصلاحياته القانونية والدستورية، وهذا الموعد ستجرى فيه الانتخابات وليس كما جرى سابقا، مهما كانت ردات الفعل من القوى الأخرى".
وأعلن المتحدث باسم رئاسة إقليم كردستان، دلشاد شهاب، يوم أمس الأحد، أن رئاسة الإقليم، حددت يوم 18 من شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل موعداً لإجراء انتخابات برلمان كردستان، وطالب في مؤتمره الصحفي جميع القوى السياسية بمراعاة المصلحة العامة وحل كل المشاكل التي تتعلق بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان وغيرها لإنجاح الانتخابات.
ويرى زنكنة، المقيم في أربيل، ازدواجية في مواقف الاتحاد الوطني الكردستاني، ففي بغداد وقف ضد قانون سانت ليغو، لكنه يطالب به في الإقليم"، لافتا إلى "توصل الحزبين للاتفاق حول بعض النقاط الخلافية، فيما تخضع مفوضية الانتخابات للنقاش، ومن المؤمل أن تحل عبر البرلمان".
ويتابع أن "الاتفاق أيضا تضمن أن يكون الإقليم مختلط الدوائر، فسيكون بنظام 4 دوائر انتخابية، بالإضافة إلى دائرة خامسة، وهي واحدة وليست متعددة خاصة بالمكونات، وهناك بعض النقاط لم يتم الإعلان عنها خاصة بقضية آلية التصويت وغيرها من الأمور الفنية".
ويكشف زنكنة، أن "تحديد موعد الانتخابات جاء نتيجة لانتقادات دولية، وكانت هناك ملاحظات غربية حول هذا الأمر، فالغرب يرى الانتخابات أهم عنصر بالديمقراطية، في حين هي صورة من صور الديمقراطية، لكن تأجيل إجرائها سيؤثر على سمعة الإقليم، وكل التأجيل الذي حدث سابقا كان بسبب الاتحاد الوطني، حيث سعى لإلغاء إجراء الانتخابات، ووضع شروط وضغط لأجل قبول الديمقراطي بها، وتمحورت حول الفصائل المسلحة والأداء الحكومي والملف النفطي، وبعضها تم حله مثل الملف النفطي حيث تم التوصل لاتفاق مع بغداد".
وكان رئيس الإقليم، وقع في 24 شباط فبراير 2022، أمرا يقضي بتحديد الأول من تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي، موعدا لإجراء انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كردستان، لكن جرى تأجيلها.
يشار إلى أن واشنطن لعبت دورا كبيرا بحل الخلافات بين الحزبين في الإقليم، وذلك عبر زيارة مسؤولين أمريكان لأربيل والسليمانية، وأبرزهم المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، ومبعوث الرئيس الأمريكي لشؤون البنية التحتية العالمية آموس هوكستاين، وضغطهم باتجاه حل الخلافات وإجراء انتخابات برلمان الإقليم بأسرع وقت.
ومن أبرز المشاكل بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكرذستانيين، حول انتخابات الإقليم، هي إصرار الاتحاد الوطني على تعديل قانون الانتخابات، فيما يرفض الحزب الديمقراطي هذا الطرح، ويصف دوافع الاتحاد الوطني بأنها "حجج واهية" لتأجيل إجراء الانتخابات.
يشار إلى أن رئاسة إقليم كردستان، عقدت سابقا، اجتماعا بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت، مع الأطراف السياسية الكردستانية للتباحث بشأن الانتخابات في الإقليم، وفيه عبر رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني عن أمله في أن تتوصل الأطراف السياسية إلى تفاهم حول تحديد موعد إجراء الانتخابات وحل المشاكل، عاداً تأخير الانتخابات بأنه "يسيء إلى سمعة ومكانة إقليم كردستان".
إلى ذلك، يرى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، محمود خوشناو خلال حديث لـه أن "هناك لجانا فنية مشتركة بين الحزبين ما تزال تعمل على قضية الانتخابات، وهناك اجتماع قريب مع المكونات المسيحية والتركمانية في الإقليم حول مقاعد الكوتا المخصصة لهم، وما زال الحوار مستمرا بين جميع الأطراف، لكن بالنتيجة فإن الأمر متوقف على مدى استجابة الحزب الديمقراطي الكردستاني لمطالبنا حول الانتخابات".
ويردف خوشناو، أن "البرلمان عقد جلسة قبل عطلة أعياد نوروز وفيها فتح باب الترشيح لعضوية مجلس مفوضي مفوضية الانتخابات، وتم تشكيل لجنة لأخذ السير الذاتية، لذلك تم قطع شوط بهذا الصدد ونحتاج إلى جلسة أخرى لمنح الثقة لأعضاء مجلس المفوضين الجدد".
ويوضح أن "الشق الآخر في العملية الانتخابية، هو قانون الانتخابات وهذا يجب أن يكون حوله اتفاق سياسي، ويجب أن نذهب لتعديله، لذا نأمل من القوى السياسية في الإقليم الموافقة على تعديل القانون"، مؤكدا أن "الاتحاد الوطني جاهز لإجراء الانتخابات بموعدها المحدد، لكن لا يستطيع تحقيق الانتخابات بمفرده إذ يحتاج مرونة من الديمقراطي الكردستاني".
يشار إلى أن برلمان الإقليم الحالي يضم 111 مقعدا، منها حاليا 45 مقعدا للحزب الديمقراطي الكردستاني، و21 مقعدا للاتحاد الوطني الكردستاني، و12 مقعدا لحركة التغيير، و8 لحركة الجيل الجديد، و7 للجماعة الإسلامية، و5 لقائمة نحو الإصلاح، ومقعد واحد لكل من قائمة سردم والحزب الشيوعي، و11 مقعدا للأقليات.
وأجريت انتخابات برلمان كردستان الدورة الخامسة عام 2018، أي بعد عام من استفتاء الانفصال الذي أجراه الإقليم ولم يتم الاعتراف به قانونيا.
وقد شارك في انتخابات 2018 نحو 3 ملايين ناخب، لانتخاب 111 مقعدا، تنافس عليها 673 مرشحا انتموا الى 29 كيانا سياسيا في حينها.
من جانبه، يرى المحلل السياسي الكردي، كوران قادر، خلال حديث لـه أن "هناك بوادر صلح تلوح بالأفق بين الحزبين في الإقليم، لذا من الممكن أن نشاهد توافقات جديدة ومن ضمنها الخاصة بإجراء الانتخابات".
ويلفت إلى أن "العراق ومنذ 2003، تعرض لمختلف التدخلات الإقليمية والدولية، والإقليم ليس بمعزل عنها، وبعض التدخلات وصلت مرحلة الضغط لتنفيذها ويجب الاستجابة لها، ومن ضمنها انتخابات برلمان الإقليم، فهناك ضغط عراقي داخلي وخارجي لأن تجرى، وهذا الضغط سيؤدي لتحققها على أرض الواقع".
ويؤكد أن "الضغوط ستؤدي إلى توافق الحزبين بكل الأحوال بغية إجراء الانتخابات في الموعد المحدد لها، فالأمر لن يتحمل تأجيلا آخر".
يذكر أن إقليم كردستان، يشهد حراكا كبيرا منذ أيار مايو 2021، لوضع دستور خاص بالإقليم، وبحسب مسؤولين كُرد، فإن هدف الدستور هو إنهاء الخلافات داخل القوى الفاعلة، وتشريع عرف أو نهج ثابت في ما يتعلق بالرئاسة ورئاسة الحكومة وباقي المناصب دون احتكار، فضلا عن وضع أطر قانونية للكثير من الأجهزة والمؤسسات وعدم تركها عرضة للاجتهادات الشخصية أو القضائية، وهي مسألة تعاني منها محافظات الإقليم منذ 2003.