بعد 5 سنوات شهدت جائحة كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا، بات كل شيء معروف عن الاقتصاد العالمي كأنه "خاطئ"، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
عندما اجتمع قادة الأعمال والسياسة بالعالم عام 2018 ضمن إطار المنتدى الاقتصادي السنوي في دافوس، كان المزاج عام إيجابيا، لا سيما أن النمو في الدول متصاعد.
وآنذاك، أعلنت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، أن الاقتصاد العالمي "في وضع جيد للغاية". ولكن التوقعات تبدلت بعد 5 سنوات على قمة دافوس السنوية في سويسرا بعدما اختلف وضع الاقتصاد العالمي.
وحذر البنك الدولي، في تقرير نشر مارس 2023، من أن "جميع القوى الاقتصادية التي كانت تشكل القوة الدافعة للتقدم والرخاء على مدى العقود الثلاثة الماضية آخذة في التلاشي".
أصبحت الآفاق الاقتصادية محفوفة بعدم اليقين وسط اضطراب القطاع المالي وارتفاع التضخم والآثار المستمرة من الغزو الروسي لأوكرانيا وجائحة كوفيد التي امتدت لثلاث سنوات، وفق البنك الدولي.
وقال رئيس الخبراء الاقتصاديين النائب الأول لرئيس البنك الدولي لشؤون اقتصاديات التنمية، إندرميت جيل، "قد يكون عقدا ضائعا للاقتصاد العالمي".
وأضاف أن "التراجع المستمر في النمو المحتمل له تداعيات خطيرة على قدرة العالم على التصدي لمجموعة متنامية من التحديات الفريدة لعصرنا - الفقر المستعصي، وتباين مستويات الدخل، وتغير المناخ".
وبحسب تقرير "نيويورك تايمز"، فإن الاتفاقيات الاقتصادية التي اعتمد عليها صانعو السياسة منذ سقوط جدار برلين قبل أكثر من 30 عاما - التفوق الذي لا ينضب للأسواق المفتوحة والتجارة الحرة والكفاءة القصوى - بدأت تتلاشى.
وذكرت الصحيفة أن الفكرة القائلة بأن التجارة والمصالح الاقتصادية المشتركة ستمنع الصراعات العسكرية قد تم سحقها العام الماضي تحت أحذية الجنود الروس في أوكرانيا.
وأظهرت نوبات الطقس القاسية المتزايدة التي دمرت المحاصيل والهجرات القسرية ووقف محطات توليد الطاقة أن اليد الخفية للسوق لم تكن تحمي الكوكب.
وقال عضو مجلس المستشارين الاقتصاديين خلال إدارة أوباما، بيتسي ستيفنسون، "لقد رأينا قبل أن يبدأ الوباء أن أغنى البلدان كانت تشعر بالإحباط بسبب التجارة الدولية، معتقدة أن هذا بطريقة ما يضر بهم ويضر بوظائفهم ومستويات معيشتهم".
ومنذ تفشي فيروس كورونا نهاية عام 2019، كشفت سلسلة الأزمات المتتالية عن نقاط ضعف واضحة تتطلب الاهتمام.
واكتسبت النظريات الاقتصادية المصاحبة عن الصعود الحتمي لرأسمالية السوق الحرة في جميع أنحاء العالم بريقا من خلال فتح الأسواق وعدم تدخل الحكومات والسعي لتحقيق الكفاءة لتوفير الازدهار.
وكان يعتقد أن العالم الجديد، حيث تنتشر البضائع والأموال والمعلومات حول العالم، من شأنه أن يكتسح بشكل أساسي النظام القديم لصراعات الحرب الباردة والأنظمة غير الديمقراطية.
ولكن في السنوات الماضية، اختلف كل شيء بعد أن تسببت الفوضى الاقتصادية الناجمة عن الوباء إلى جانب الارتفاع الشديد في أسعار الغذاء والوقود بسبب الحرب في أوكرانيا في خلق موجة من أزمات الديون.
وأدى ارتفاع أسعار الفائدة التي تنتهجها الدول لكبح التضخم، إلى تفاقم تلك الأزمات. وغالبا ما يتم تسعير الديون، مثل الطاقة والغذاء، بالدولار في السوق العالمية، لذلك عندما ترتفع أسعار الفائدة الأميركية، تصبح مدفوعات الديون أكثر تكلفة.
وقال رئيس الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في خطاب ألقاه بعد 10 أشهر من غزو أوكرانيا، "لقد فصلنا مصادر ازدهارنا عن أمننا".
وحصلت أوروبا على طاقة رخيصة من روسيا وسلع مصنعة رخيصة من الصين. وقال بوريل: "هذا عالم لم يعد موجودا".
وبينما يتم التخلي جزئيا عن العقيدة الاقتصادية السابقة، فليس من الواضح ما الذي سيحل محله بعد أن صار الارتجال واقع الحال الاقتصادي حاليا، حسبما ذكرت الصحيفة.
وقالت إنه "ربما يكون الافتراض الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه بثقة الآن هو أن الطريق إلى الازدهار والمقايضات السياسية سيصبح أكثر ضبابية".