19 Aug
19Aug

مضت سنوات على تعطّل أكبر مصافي العراق النفطية بسبب العمليات العسكرية ضد داعش، وحتى مع نهاية الحرب، بقي مصفى بيجي يعاني الإهمال والتخريب والنهب، غير أن الحكومة بدت جادة مؤخرا في إعادة الحياة لهذا المصفى الذي كان يغطي نحو ثلث حاجة البلاد من المشتقات النفطية، وفقا لخبراء الطاقة الذين أكدوا أن من شأن ذلك سد الحاجة الوطنية بمساعدة مصفى كربلاء الحديث والمصافي الأخرى.

ويعد مصفى بيجي شمالي صلاح الدين، المصفى الأكبر في العراق، إذ تقدر طاقته الإنتاجية بمعالجة 310 ألف برميل يومياً، قبل خروجه عن الخدمة مع احتلال داعش القضاء في أيار مايو 2014، وتكبد العراق خسائر كبيرة أيضاً، جراء تفكيك المصفى وتهريبه وبيع آلياته ومعداته.

واستمرت معركة تحرير المصفى لأكثر من عام، شارك فيها جهاز مكافحة الإرهاب بالتعاون مع تشكيلات القوات الأمنية الأخرى وبدعم قوات التحالف الدولي، حتى تحرير القضاء بشكل كامل في تشرين الأول أكتوبر 2015.

وزار رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أمس الأول الأربعاء، المصفى واطلع على منشآته، مصطحبا نخبة من الوزراء والمسؤولين الحكوميين.

وحول واقع المصفى المنكوب، يقول الباحث في شؤون الطاقة، كوفند شيرواني، خلال حديث لـه ، إن "مصفى بيجي كان يغطي ما يقارب 30 بالمئة من حاجة العراق من المشتقات النفطية حسب وزارة النفط العراقية، ونتوقع خلال سنتين أن يعاود مصفى بيجي عمله بكامل طاقته الإنتاجية السابقة".

ويبين شيرواني، أن "إعادة عمل مصفى بيجي بكامل طاقته الإنتاجية مع مصفى كربلاء الذي افتتح حديثا بطاقة 120 ألف برميل باليوم، مع المصافي الأخرى ستجعل العراق قادرا على سد الاحتياجات اليومية من المشتقات النفطية التي تقدر بـ900 ألف برميل".

ومصفى كربلاء النفطي، يقع على بعد 40 كيلومتراً من مركز مدينة كربلاء، وضع الحجر الأساس له في العام 2014، وبكلفة إنشاء بلغت ستة مليارات و500 مليون دولار، قامت ببنائه مجموعة شركات كورية برئاسة هونداي، وتُقدّر مساحته 6 ملايين متر مربع، وبطاقة تكرير 140 ألف برميل، وهو أول مصفى في العراق بمواصفات يورو 5 الصديقة للبيئة، ويزود بالنفط عبر أنبوب من البصرة.

ويضيف شيرواني، أن "إهمالا شاب قضية إعادة تأهيل مصفى بيجي طيلة السنوات الماضية، فالمصفى والمناطق القريبة منه محررة من قبل تنظيم داعش الإرهابي منذ سنوات طويلة، لكن لم نر أي تحرك لإعادة تأهيل المصفى، لكن الحكومة الحالية، برئاسة السوداني جادة في تطوير القطاع النفطي والاهتمام بالمصافي والاستفادة من القدرة الإنتاجية الزائدة من النفط لاستثمارها في المصافي، من أجل تحقيق الاكتفاء المحلي".

ويؤكد أيضاً إمكانية الإفادة "من المصافي الموجودة في إقليم كردستان، فهناك مصافٍ لا تعمل بكامل طاقتها التشغيلية بسبب عدم توفر الخام، وفي حال توفير الخام لها، يمكن أن تسد هذه المصافي جزءا كبيرا من الاحتياجات اليومية، وتكون مساعدة لوزارة النفط في سد الاحتياجات النفطية، لكن هذا الأمر يحتاج إلى تنسيق عالي المستوى بين بغداد وأربيل".

وكان السوداني، قد أكد خلال زيارته للمصفى، أن قضاء بيجي يضم منشآت اقتصادية مهمة لكل العراق، وتحويله إلى موقع اقتصادي مهم، يمثل هدفاً استراتيجياً للحكومة، لأنه عقدة مهمة بين محافظات كركوك والأنبار والموصل، ومركز صلاح الدين، مؤكدا استعادة المعدات والمستلزمات والأجهزة المسروقة من مصفى بيجي، وهي تمثل نسبة كبيرة مما يحتاجه هذا الموقع المهم، وفيما أشار إلى أن مواطنا استعاد هذه المواد التي تقدر حمولتها بـ60 شاحنة، وقد تصل إلى 100، أوضح أن المعدات عبارة عن أجهزة مفصلية يمكن أن تكلفنا ملايين الدولارات، مؤكدا قرب تشغيل المصفى بطاقته التصميمية (150) ألف برميل باليوم.

من جهته، يعتقد الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري، خلال حديث له إن "تشغيل مصفى بيجي سيغلق باب استيراد المشتقات النفطية لعموم العراق في حال تم افتتاحه، لكن تشغيل هذا المصفى يحتاج إلى مدة ثلاث سنوات في الأقل، من أجل إعادة تشغيله".

ويبين الجواهري، أن "مواد مصفى بيجي التي تم الإعلان عن استعادتها من إقليم كردستان، هي بقايا المصفى، وهي مواد سكراب تحتاج إلى إصلاح وصيانة كاملة، وبغداد استعادت هذه المواد مقابل مبالغ مالية كبيرة جداً، ولم تكن بشكل مجاني".

ويضيف الخبير في الشأن النفطي، أن "إعادة إعمار وتأهيل المصفى سيتم من خلال المؤسسات المختصة التابعة لوزارة النفط العراقية، وليس من قبل أي شركة أجنبية"، لافتا إلى أن "المؤسسات الوطنية تمتلك الإمكانية من ناحية الكوادر والآليات، لكن هذا الأمر يتطلب إدارة صحيحة ونزيهة، وبخلاف ذلك لا يمكن إعادة تأهيله وإعماره خلال ثلاث سنوات".

ومنذ العام 2016، أعلن وزير النفط آنذاك جبار اللعيبي، عن إعداد مشروع لطرح مصفى بيجي للاستثمار، مؤكدا أن العاملين في المصفى يمثلون احد أعمدة قطاع المصافي ويحضون برعاية المسؤولين في الوزارة، لكن المصفى بقي معطلا بسبب الإهمال.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة