على الرغم من تخصيص محافظة بابل (نحو 117 كلم جنوبي بغداد) خمسة مليارات دينار لإعادة تأهيل مدينة الحلة القديمة واستبشار الأهالي خيراً بهذا المشروع، إلا أن البطء الشديد لسير الأعمال وتوقفها أحياناً تسبب بخيبة أمل للمتطلعين لرؤية مدينتهم بحلة جديدة.
يقول صلاح السعيد، وهو صاحب أقدم مكتبة في شارع المكتبات بمدينة الحلة القديمة، خلال حديث لـه، إن "أعمال تأهيل مركز المدينة القديمة في منطقة سوق الحلة وشارع المكتبات وساحة الاحتفالات تسير ببطء شديد، بل وتتوقف بين فترة وأخرى ولا نعرف طبيعة العمل أيضاً، فلا نشاهد أي مهندس مشرف على العمل، أو جهة حكومية، نريد فهم ما يجري في منطقة كسب قوتنا التي تضم فئة الفقراء وأصحاب البسطيات".
ويضيف السعيد "محزن ما نراه الآن فهذه المنطقة تأسست مع بداية تأسيس المدينة قبل أكثر من ألف عام، ونحن نطالب السلطات بالإسراع بوتيرة العمل وإنجاز الإعمار والمشاريع الخدمية في عموم المحافظة، فبابل منكوبة ويرثى لها مقارنة بالماضي بعد أن كانت مدينة جميلة ومناظرها مريحة للعين".
ويرى أنه "لم يأت أي محافظ لبابل ويترك بصمة جيدة وواضحة، بل من خراب إلى خراب، نأمل إكمال المشروع".
ومدينة الحلة هي مركز محافظة بابل التي تضم آثار أشهر المدن التاريخية على مستوى العالم، وشيدت مدينة الحلة في العام 1101 من قبل أمير إمارة بني مزيد، صدقة بن منصور، بمشاركة الكرد الجاوانية أيام أميرها ورام الجاواني، وجاء ذكرها في كتاب رحلة ابن بطوطة، وتقع على نهر الفرات بالقرب من مدينة بابل الأثرية، وسُميت بحلة بني مزيد أو الحلة السيفية.
يشار إلى أن من أهم المشاريع الخدمية في الحلة، هو مشروع مجاري الحلة الكبير، المعطل منذ سنوات، حيث سبق لمجلس محافظة بابل إن أعلن في العام 2014، عن إحالته إلى شركتين محليتين للتنفيذ بكلفة 400 مليار دينار، لكن لم يتم تنفيذه، لكن الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني أقرت الاستمرار بالتعاقد بين محافظة بابل وشركة (GCITS Babel Limited)، (ائتلاف الشركات) المشار إليها في قرار مجلس الوزراء (242 لسنة 2020)، بشأن عقد مشروع مجاري الحلة الكبير/ المرحلة الأولى.
وبشأن تذمر الأهالي والكسبة من تباطؤ تنفيذ مشروع تأهيل المدينة القديمة، يبين محافظ بابل وسام أصلان، خلال حديث لـه أن "أصحاب البسطات والمتجاوزين نظموا حملة إعلامية للطعن بمشروع تأهيل منطقة السوق، بينما العمل جارٍ وغير متلكئ وحفر الشوارع بدأ منذ ستة أيام فقط، لكن هؤلاء المعترضين يريدون أن يبقى الحال كما هو عليه الآن لكونهم متجاوزين".
ويؤكد أن "العمل يسير بمنهجية ووتيرة جيدة وأعمال الحفر جارية لمد شبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي بدلاً من القديمة، وهذه عملية تتابعية والمشروع ماضٍ في طريقه رغم الانتقادات والترويج السلبي له عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وتتكون مدينة الحلة القديمة من عشر محلات، سبع منها في الجانب الكبير الغربي عبر ما يسمى شعبياً شط الحلة، وهو فرع من فروع نهر الفرات، والمحلات هي الجامعين، والطاق، وجبران المهدية، والجباويين، والتعيس، والكراد، أما محلات الجانب الصغير (الشرقي) الثلاث فهي الوردية، والكلج، وكريطعة.
وسبق لتقارير أن تناولت واقع شط الحلة وتحوله إلى مكاب نفايات بعد أن كان أحد أبرز معالم المدينة، ويذكره الشعراء في قصائدهم.
من جانبه، يوضح مدير بلدية الحلة، أحمد حربي، خلال حديث لـه أن "تأهيل سوق الحلة الكبير وما يحيط به، أخذ حيزاً كبيراً من الحكومة المحلية وبلدية الحلة، كونه حيوياً ومهماً ويمثل شيئاً عظيماً لأهالي محافظة بابل، فهذا السوق كان مغلقاً منذ العام 2004 ولغاية 2023 بسبب وجود تجاوزات كبيرة على المنطقة بلغت مرحلة أنها أعاقت حركة أهالي الحلة".
ويتابع حربي، "بعد الحملة الكبرى التي أطلقتها بلدية الحلة تم رفع التجاوزات كافة حيث ووصل عدد الآليات التي شاركت بها إلى أكثر من 950 آلية، وحالياً هناك خطة محددة بعام واحد لإعادة تأهيل المدينة والمرحلة الأولى منها هي منظومة تصريف مياه الأمطار وتم إنجاز نحو 80 بالمئة من العمل، كما سيتم إحالة تأهيل الأرصفة في المنطقة بالكامل وكذلك ساحة الصدرين إلى مكتب استشاري، وتم رصد أكثر من خمسة مليارات دينار، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ الحكومات المحلية بمحافظة بابل".
يذكر أن فريقاً بحثياً، أكد العام الماضي، تعرض شط الحلة إلى مستويات عالية من التلوث وأصبح مكباً للنفايات نتيجة رمي الكثير من فضلات الأسواق والخضر ومياه المحال والحيوانات الميتة، وكذلك المنظفات والمخلفات الطبية وفضلات المطاعم والعلب البلاستيكية والصفائح الكارتونية ومخلفات المنازل وغيرها، محذرا من استمرار التلوث البيئي للشط لأنه سيؤدي لامحالة إلى تفشي الأمراض الوبائية الخطيرة مثل السالمونيلا والتيفوئيد واي كولاي وغيرها من أمراض الجهاز الهضمي والكلى والجلدية والسرطانية.