10 Jan
10Jan

تعود مبادرة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بتشغيل الشباب وزجهم في سوق العمل، إلى العام 2018، ومن ثم توقيعها من قبل الحكومة السابقة، وتقضي بتقديم قروض للشباب تحت رعاية شركة استشارية وبفوائد قليلة، هذا إلى جانب وجود مبادرة تريليون دينار (نحو 700 مليون دولار) مقدمة من قبل البنك المركزي للهدف ذاته، لكن كلا المبادرتين لم تريا النور، في ظل حالات فساد وتدهور بسعر العملة، ما قد يعيق تطبيق هذا النوع من المبادرات.

ويقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، خلال حديث له، إن "هناك قرارا لمجلس النواب العراقي يحمل الرقم 17 لسنة 2018 وصادق عليه مكتب رئيس الوزراء خلال حقبة رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، في 15 كانون الثاني 2022".

ويضيف المرسومي، أن "القرار يهدف إلى إيجاد فرص عمل ومشاريع مستقبلية للشباب"، موضحا أن "هذه المبادرة تتضمن إنشاء مناطق تنموية تضم أنشطة متنوعة، منها زراعية وصناعية، على أن يتم تخصيص أراض تقام عليها المشاريع من قبل هيئة الاستثمار، والاتفاق مع شركة تشرف على الاستشارة وتطوير الخبرات وتقييم المشاريع، مع حصول الشركة على نسبة من الأرباح، وإعفاء ضريبي وجمركي لعشر سنوات".

وحول تفاصيل القرض الذي يحصل عليه أصحاب المشاريع، يفيد الخبير الاقتصادي أن "البنك المركزي يقدم من 70 – 75 مليون دينار عراقي لكل مشروع، مع إعفاء للتسديد مدة عامين، وفوائد تقل عن 4%، على أن توضع المبالغ في حساب أصحاب المشاريع، مع وصاية الشركة الاستشارية والمطورة، مع عدم إعطاء الصلاحية بالإنفاق للشركة إلا بموافقة أصحاب المشاريع، فضلاً عن ذلك يصبح المشروع ملكاً لأصحابه بعد تسديد القرض".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ترأس يوم أمس، اجتماعاً للبحث في إطلاق مبادرة لتأهيل وتدريب وتشغيل الشباب وتمكينهم وتيسير زجّهم في سوق العمل، وذلك بحضور عدد من المسؤولين المعنيين والمستشارين ومحافظ البنك المركزي، ورئيس هيئة الإعلام والاتصالات.

ويشهد العراق منذ سنوات طويلة، تظاهرات مستمرة وكبيرة يذهب ضحيتها العشرات من الشباب نتيجة قمع الأجهزة الأمنية، وغالبا ما تنحصر مطالب المتظاهرين بتوفير فرص عمل والقضاء على البطالة وتوفير الخدمات وحياة كريمة للمواطن.

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي قصي صفوان، خلال حديث له، أن "حكومة السوداني تهتم بتفعيل القطاع الخاص، وتشغيل الشباب، وامتصاص الكتلة البشرية العاطلة عن العمل، لتنشيط قطاع الصناعة والزراعة، بأسلوب منظم، ترعاه الدولة".

ويضيف صفوان أن "من الواجب استحداث علاقة بين وزارة العمل ومؤسسات ريادة الأعمال أو النقابات المهنية، لاستقطاب عدد أكبر من أصحاب المشاريع والأفكار المنتجة، بمعنى أن يكون المعيار الفصل في قبول المشاريع هو الإنتاج والتفوق داخل المؤسسات والنقابات، مع الاستعانة بمبادرة البنك المركزي (1 ترليون) لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهذه المبادرة عبارة عن مبلغ يودع للمصارف العامة والخاصة، ومن يرغب بأخذ تمويل من المبادرة يكون عليه دفع فائدة 2 بالمئة مقطوعة مقدماً".

ويشير إلى أن "الضمانات يجب أن تكون عالية في تنفيذ المشاريع، وأحد هذه الضمانات وجوب تنفيذ المشاريع داخل المدن الصناعية، التي أوشكت على الانتهاء من البناء، فضلاً عن الانضمام للنقابات".

وفضلا عن القطاع الحكومي، فإن مشاريع القطاع الخاص، شهدت توقفا، بل وانهيارا كبيرا نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للإنتاج، من تيار كهربائي أو حماية لازمة، خاصة في ظل الأحداث الأمنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على الشارع العراقي الذي تحول إلى مستهلك للبضائع المستوردة.

وكانت هيئة الاستثمار الوطنية، أعلنت في العام 2021، عن إطلاقها مبادرة لدعم الشباب تحت شعار "استثمر في الشباب" برعاية رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، بصندوق قيمته 30 مليار دينار، مع وجود 8 مشاركين من الشباب قدموا مشاريعهم في قطاعات "الصناعة، التقنية، الصحة، التجارة والتعليم" وقد حظي 7 منها بدعم من الشركات الاستثمارية والمصارف التابعة للقطاع الخاص، وتم الاتفاق على عقد لقاءات مباشرة بين المستثمرين الشباب والداعمين لمشاريعهم لوضع الخطوات النهائية لتنفيذها على أرض الواقع، وذلك كما ورد في نص بيان الهيئة.

وقد بحثت وسائل متخصصة في حينها بالمواقع الرسمية لهيئة الاستثمار الوطنية، عن أي دعوة وجهت للشباب لغرض تقديم مشاريعهم استعدادا لإطلاق المبادرة لكنها لم تجد أي شيء يذكر بهذا الخصوص، فضلا عن البحث في المواقع الحكومية الأخرى ومنها مكتب رئيس الوزراء، الا ان معظم الجهات المعنية لم تتطرق اليه قبل عقد المؤتمر، وما زال المشروع مجهولا لغاية الان.

وبشأن مدى جدية ومصداقية تنفيذ المشاريع، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه أن "تنفيذ المشروع معرض للتجاذب السياسي، الذي أصبح مشهداً لافتاً بعد العام 2003، فضلاً عن المحاصصة والفساد المستشري، الذي بدأ يتحكم في عملية الاستحواذ على التعيينات والمراكز الادارية المهمة في الدولة العراقية".

ويبين الدعمي أن "صعود الدولار وتذبذب عملة الدينار قد تعيق تنفيذ هذا المشروع، الذي تنشغل الحكومة بملفه قرابة شهر، علاوة على ذلك فإن المراقبين يشيرون إلى أن الدينار العراقي ربما سيلحق بركب العملات الهابطة في المنطقة، على شاكلة التومان الإيراني، الليرة السورية واللبنانية، تبعاً لذلك فالعراق مقبل على أزمة كبيرة قد لاتنفع معها هذه المبادرات".

ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، الذي من المفترض أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوع تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة