14 Apr
14Apr

على الرغم من أنها متأخرة، إلا أن استحداث شعبة غسل الأموال في دوائر التسجيل العقاري خطوة شهدت ترحيبا من قبل نواب وقانونيين، وفيما يجد مراقب سياسي أن استحداث هذه الشعبة هو إقرار بوجود هذه الجريمة في قطاع العقارات الذي يشهد تضخما ماليا كبيرا، كشف خبير قانوني عن آلية عملها، مؤكدا أن من شأنها مراقبة مصادر الأموال المستخدمة في شراء العقارات الفاخرة، فيما شدد نائب على ضرورة إبعاد عمل هذه الشعبة عن الضغوط والمجاملات.

ويقول عضو لجنة النزاهة البرلمانية باسم خشان، خلال حديث لـه، إن "استحداث شعبة غسيل الأموال في دائرة تسجيل العقاري، خطوة مهمة جداً، رغم أنها جاءت متأخرة جداً، فهذه الشعبة كان يفترض أن تكون متواجدة ضمن هذه الدائرة منذ سنين طويلة".

ويبين خشان أن "هناك الكثير من أموال الفساد والكسب غير المشروع، يتم إدخالها بعمليات غسل عبر شراء العقارات الثمينة، وهي طريقة اعتمد عليها الكثير من الفاسدين خلال السنوات الأخيرة، ولهذا وجود هذه الشعبة مهم جداً لكشف تلك الحالات".

ويضيف، أن "الكثير من المتهمين بسرقة القرن، عملوا على غسل أموال الفساد والسرقات عبر شراء العقارات في مناطق مختلفة من العراق، ولهذا وجود هذه الشعبة مهم جداً، لكن يجب العمل بصورة صحيحة بعيدا عن أي مجاملات وضغوطات سياسية، فوجود تلك الضغوطات والمجاملات، يعني أن الشعبة ولدت ميتة ولن تقدم أي شيء".

وكان المتحدث باسم وزارة العدل، كامل أمين، أعلن أمس الأول، أن الوزارة استحدثت شعبة للحد من غسل الأموال في سوق العقارات،، وترتبط ارتباطاً مباشراً بدائرة التسجيل العقاري، ومهامها هي الإبلاغ عن أي شبهة فساد أو الشبهات المرتبطة بالعقارات المرتفعة الثمن، وسيكون عملها وفقا لضوابط تسمى ضوابط العناية الواجبة التي صدرت من دائرة التسجيل العقاري في أيار من العام الماضي، فيما بين أن بداية العمل ستكون ببغداد، لاسيما وأن عمليات غسيل الأموال أثرت على ارتفاع أسعار العقارات فيها.

يشار إلى أن قاضي محكمة النزاهة وجرائم غسل الأموال في محكمة استئناف الرصافة إياد محسن ضمد، انتقد، قبل أيام، عمل دوائر التسجيل العقاري وعدم كفاءتها في رصد عمليات غسل الأموال في العراق، متسائلا عن كيفية قيام أشخاص بشراء عقارات في منطقة سكنية واحدة دون أن تؤشر مديرية التسجيل العقاري هذا الخطر وتشعر السلطات.

كما أشار القاضي، إلى أن مديريات التسجيل العقاري في العراق تعمل بأنظمة تقليدية متخلفة تعتمد على العمل المكتبي والأرشفة الورقية، لا تستطيع من خلالها معرفة الأشخاص ممن يجمعون أكثر من عقار، فلو امتلكت قاعدة بيانات للأشخاص لن يستطيع غاسل الأموال أن يمرر متحصلاته من أموال الجريمة في شراء العقارات التي ارتفعت بسبب هذه العمليات.

من جهته، يؤكد الخبير في الشأن القانوني سالم حواس، خلال حديث لـه أن "استحداث شعبة غسل الأموال في دائرة التسجيل العقاري، خطوة مهمة جداً، وهذه الشعبة ستكون لها صلاحيات واسعة لمعرفة مصدر الأموال من شراء بعض العقارات، التي تكون بأسعار عالية جداً".

ويوضح حواس أن "هذه الشعبة ستدقق مصدر الأموال، وبعد التدقيق وفي حال ثبوت شبهات على تلك الأموال، فلن يتم تحويل العقار باسم المشتري، بل سيفتح تحقيق في مصدر تلك الأموال من قبل الجهات القضائية المختصة، فهذه الشعبة، سيكون لها تواصل مع الجهات الرقابية والقضائية".

ويضيف أن "تشكيل هذه الشعبة قانوني ودستوري، وهو من صلاحيات الوزير، ويحق للوزير إعطاء صلاحيات واسعة لهذه الشعبة، ولهذا فهي ستكون بصلاحيات واسعة بأمر من وزير العدل".

جدير بالذكر، أن المطاعم ومراكز التسوق (المولات)، باتت السمة الأبرز للعاصمة بغداد، ووفقا لتقرير سابق فأنها تعود لعمليات واسعة "لغسل الأموال" وتقف وراءها شخصيات عراقية معاقبة دوليا، وباتت عاجزة عن إخراج أموالها للخارج، فزجتها في هذا المجال.

يذكر أن المتهم الأبرز بقضية "سرقة القرن" نور زهير، اشترى بالأموال التي كانت بحوزته داخل العراق والبالغة أكثر من 55 مليون دولار، عقارات في بغداد، لكن بما أنه لم يكمل إجراءات تحويلها باسمه قبل عملية القبض عليه، قام بفتح بيانات بها في التسجيل العقاري مع البائعين فقط، ولم تصل عملية البيع إلى مرحلة التقرير النهائي.

بالمقابل، يجد المحلل السياسي احمد الشريفي، خلال حديث لـه أن "إقدام وزارة العدل على استحداث شعبة غسل الأموال في دائرة تسجيل العقاري، يؤكد وجود عمليات شراء عقارات من أجل غسل أموال الفساد، وهذه الطريقة كانت سببا رئيسيا في ارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير في بعض مناطق العاصمة بغداد".

ويبين الشريفي أن "هناك مناطق في بغداد وصلت أسعار المتر الواحد فيها إلى أرقام خيالية إذ لا توجد هكذا أسعار للعقارات بكافة دول العالم، وهذا بسبب الإقدام الكبير على شراء تلك العقارات من أجل غسل أموال الفساد، ولهذا فإن خطوة استحداث هذه الشعبة مهمة جداً".

ويشدد على "ضرورة منح شعبة غسل الأموال في دائرة تسجيل العقاري صلاحيات واسعة في التحري والتدقيق بكافة الأموال التي يراد منها شراء العقارات خصوصاً ذات القيمة العالية جداً، ويجب إبعاد الروتين الحكومي عن تلك الشعبة، حتى يكون هناك عمل حقيقي لهذه الشعبة في كشف الكثير من أموال الفساد، التي يراد غسيلها عبر طريقة شراء العقارات".

ويشهد سوق العقارات في العراق تضخما كبيرا حيث تنافس أسعارها قيمة أسعار العقارات في عواصم أوروبية إذ وصل سعر المتر المربع الواحد في بعض مناطق العاصمة بغداد إلى أكثر من عشرين ألف دولار، فيما يرجع اقتصاديون هذا الارتفاع إلى دخول الأموال غير المشروعة فيها.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة