لم تمض سوى 3 أسابيع على صدور قرار مجلس الوزراء بتنفيذ مشروع خط أنبوب النفط الثالث عبر البصرة، حتى جاء قرار إيقاف العمل به وإلغائه، وعلى الرغم من الفائدة المستقبلية لهذا الخط، إلا أن أسباب الإلغاء بقيت غامضة حتى اللحظة، فيما ذهبت ترجيحات المتخصصين إلى أسباب عديدة، منها التخصيصات المالية وأخرى مرتبطة بقرارات أوبك.
ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري،إن "مشروع الأنبوب البحري الثالث كان مهما جداً، فهو من الممكن أن يشغل المنصة الرابعة والمنصة الخامسة في الخليج، وهذه المنصات مهمة جداً، فهي ترفع القدرة التصديرية إلى حوالي 7.5 مليون برميل يوميا، وهذا يعني إضافة مليوني برميل يومياً للطاقة التصديرية للعراق".
ويضيف الجواهري، أن "تنفيذ مشروع الأنبوب البحري الثالث كان ضروريا لما له من أهمية اقتصادية برفع القدرة التصديرية، كما أنه لا يشترط أن يصدر العراق الآن هذه الأرقام المرتفعة، لكن المهم هو رفع القدرة التصديرية وضمان وجودها للمستقبل، لكن أسباب إيقاف العمل بمشروع الأنبوب البحري الثالث من قبل مجلس الوزراء غير معلومة حتى اللحظة".
وكان مجلس الوزراء، قرر في جلسته أمس الأول الثلاثاء، إيقاف العمل بقرار مجلس الوزراء (23312) لسنة 2023 بشأن موضوع توصية المجلس الوزاري للطاقة، حول مشروع الأنبوب البحري الثالث (القرض الياباني) شركة نفط البصرة.
يشار إلى أن مجلس الوزراء، قرر في جلسته بتاريخ 30 أيار مايو الماضي، الموافقة على إحالة مشروع إنشاء أنبوب التصدير البحري الثالث بقُطر 48 عقدة، وطاقة تشغيلية 2 مليون برميل يوميّاً، القرض الياباني، شركة نفط البصرة بعهدة شركة (Boskalis) الهولندية بـ419 مليونا و900 ألف دولار، وبتنفيذ 400 يوم، تُضاف إليها مدة الأعمال المبكرة، شريطة ألّا تُحال إلّا بعد إقرار قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2023.
وكان معاون مدير عام شركة تسويق النفط "سومو" وممثل العراق في منظمة أوبك محمد سعدون محسن، قد أكد في كانون الأول ديسمبر 2022، وجود خطة تتضمن تبديل الأنابيب البحرية التي سترفع التصدير بمعدل 900 ألف برميل يومياً، إضافة إلى خطة أخرى حول القرض الياباني وخور الزبير والتي ستزيد بمعدل 900 ألف برميل يومياً أيضا، وهذه من المفترض أن تضاف لما يصدره العراق يوميا والبالغ 3.6 ملايين برميل، ليكون المجموع 5.5 ملايين برميل يوميا.
يذكر أن وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، أعلن العام الماضي، عزم العراق على زيادة الإنتاج النفطي إلى ستة ملايين برميل قبل حلول العام 2027 وثمانية ملايين برميل يوميا بنهاية العام 2027 وذلك بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.
بالمقابل، يرى الخبير في الطاقة مازن السعد،أن "هناك حاجة فعلية من أجل العمل بتنفيذ مشروع الأنبوب البحري الثالث خلال المستقبل من أجل رفع القدرة التصديرية، وإيقاف هذا المشروع ربما تم بسبب عدم وجود تخصيصات مالية له ضمن قانون الموازنة".
ويتابع السعد أن "مشروع الأنبوب البحري الثالث له حاجة في المستقبل وليس حالياً، فالعراق حتى لو رفع القدرة التصديرية لمليوني برميل إضافية يومياً، لا يستطيع تصدير هذه الكمية بسبب التزامه بالحصة المقررة له من قبل أوبك".
ويلفت إلى أن "منصة البصرة تصل حالياً لأكثر من أربعة ملايين برميل، فالعراق له قدرة تصديرية بكامل هذه الكمية، غير أنه حاليا ملتزم بقرارات أوبك، لكن في المستقبل ممكن أن ينفذ مشروع الأنبوب البحري الثالث وتكون له جدوى اقتصادية فعلية".
جدير بالذكر، أن تخفيض إنتاج النفط، بدأت به أوبك منذ أيار مايو 2020، حيث صدر قرار من دول التحالف الذي يضم الأعضاء الـ13 في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" بقيادة السعودية و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا، تخفيضات قياسية في الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا، وجرى تقليص هذه التخفيضات تدريجيا إلى 5.8 ملايين برميل في اليوم في تموز يوليو من ذلك العام.
وخلال الشهر الماضي، اتجهت أوبك لإصدار أحدث تخفيض بالإنتاج، وكان طوعيا، حيث خفضت كل دولة نسبة من إنتاجها اليومي، وفي ما يخص العراق فقد أعلن عن تخفيضه 211 ألف برميل يوميا.
إلى ذلك، يشير الخبير في الشأن النفطي كوفند شيرواني،إلى أن "مشروع الأنبوب الثالث ليس من مصلحة العراق خلال الفترة الحالية، فالحصة المقررة له وفق منظمة أوبك محددة، ولهذا جاء قرار إيقاف العمل بالمشروع، إضافة إلى أسباب تقنية أخرى منعت العراق من المضي به".
ويؤكد أن "العراق لم ير أي جدوى اقتصادية من مشروع الأنبوب البحري الثالث في الوقت الحالي، ولهذا تم إيقاف العمل به، كما هناك نية بتخفيض صادرات العراق من قبل أوبك بداية عام 2024 من أجل السيطرة على أسعار النفط ومنع انخفاضها، وهذا ربما يكون أحد الأسباب أيضا".
ويلفت إلى أن "قرب عودة تصدير نفط الإقليم عبر تركيا، خصوصاً مع وجود مفاوضات بهذا الخصوص بين بغداد وأنقرة، يضاف إلى جملة الأسباب التي أدت إلى العمل بهذا المشروع، فعودة تصدير النفط ستعوض عن الأنبوب البحري الثالث وتنتفي الحاجة له".
وأظهر بيان رسمي صادر عن أوبك منتصف الشهر الحالي، أن تحالف أوبك بلس، الذي يضم الدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول غير الأعضاء وعلى رأسها روسيا، قد اتفقوا على مستوى مستهدف جديد للإنتاج عند 40.46 مليون برميل يوميا بداية من 2024 وحتى نهاية 2024.
وبحسب حسابات وكالة رويترز، فإن "أوبك+" يكون قد خفض إنتاجه النفطي لعام 2024 بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا، بالمقارنة مع مستويات الإنتاج الحالية.
وقد كشفت معلومات يوم أمس الأول، أن العراق وتركيا لم يتوصلا إلى اتفاق لاستئناف تصدير نفط الإقليم كردستان، بسبب رفض بغداد تسديد أجور تصدير النفط عبر الأنبوب الذي يمر من الأراضي التركية وصولاً إلى ميناء جيهان، خلال فترة التي توقف فيها التصدير، فضلا عن الغرامة التي فرضتها هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، والبالغة مليار و500 مليون دولار، حيث تطالب تركيا بسحب الشكوى وتقسيط المبلغ، في حين أكد الوفد العراقي ضرورة أن تسمح تركيا باستئناف تصدير النفط تعبيراً عن حُسن النيّة، ومن ثم يصار إلى بحث مسألة المحكمة والغرامة.