لم تشهد الوحدات الإدارية في أغلب المحافظات تغييرات إدارية على مستوى منصب القائممقام وإدارة الناحية، إذ لم يتم شمولهم بقانون الانتخابات التشريعية، منذ أول انتخابات جرت في البلاد، لتمتد خدمتهم الفعلية إلى أكثر من 15 عاما.
الوحدات الإدارية في المحافظات تربع على عرشها أشخاص منتخبين من قبل المجالس المحلية، وفقا لمبدأ المحاصصة السياسية التي اعتبرت الركيزة الأساسية لعدم استبدال 90 بالمئة منهم، الأمر الذي انعكس سلبا على أدائهم، بحسب مراقبين.
ويقول المعاون الإداري لمحافظ المثنى سامي صاحب، إن "الاحتفاظ بالمنصب لمدة طويلة ينتج تراجعا في الأداء الوظيفي، خاصة مع عدم وجود منافس ودافع".
ويضيف صاحب، أن "بعض المسؤولين امتد وجودهم في المنصب لسنوات، وبالتالي تجده يشعر بحالة من الاطمئنان ولا يستشعر ردات فعل المواطن، فتغييرهم أصبح شبه محال، وإن تم إعفاؤهم بقرارات حكومية يتم إرجاعهم بقرار قضائي مع غياب المجالس المحلية".
وسجلت العديد من الوحدات الإدارية احتجاجات شهدت حالات عنف وصدام مع القوات الأمنية على خلفية سوء الخدمات، بل امتد الأمر لأن تقوم عشيرة مسؤول إداري بالدخول في نزاع مع الرافضين لوجود المسؤول بمنصبه.
كما شهد قضاء الإصلاح شرقي محافظة ذي قار، في نيسان أبريل الماضي، أحدث نزاع على خلفية انتقاد أداء الإدارة المحلية في القضاء من قبل مواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي تسبب بنزاع عشائري بين ذوي المسؤول والمنتقدين، ليتطور إلى نزاع مسلح خلف قتلى وجرحى.
وسبق نزاع قضاء الإصلاح، نزاع اندلع في قضاء الرفاعي عام 2021 بين مؤيد ورافض حول استمرار القائممقام بعمله لسنوات طويلة، وتطور الأمر لإغلاق مبنى القائممقامية ومنح القائممقام إجازة مفتوحة وتكليف أحد معاوني المحافظة لادارة القضاء، وهذه الحوادث جرت أيضا في محافظة المثنى.
من جانبه، يرى معاون محافظ بابل رعد جون، أن "التعديل الثالث لقانون مجالس المحافظات لسنة 2008 تم بموجبه حل المجالس المحلية للنواحي والإبقاء على مجالس الأقضية وإيكال أمر متابعة مدراء النواحي للمحافظين ومنحه صلاحية تغييرهم أو الإبقاء عليهم، أما الإبقاء على القائممقاميين أو اعفائهم فهو من صلاحية مجلس الوزراء حصرا، بناء على توصية المحافظ، فهو يتمتع بدرجة مدير عام".
ويكمل جون أن "اغلب مدراء الأقضية والنواحي هم ضمن المحاصصة السياسية، وعادة ما يكونون مرتبطين بكتل، وبعضهم يشغل منصبه منذ عام 2003 وحتى الآن".
يشار إلى أن المحافظين تسلموا مسؤولية إجراء التغييرات الإدارية في المحافظات بعد حل مجالس المحافظات، وبالمقابل فأن المحافظين خضعوا لتغييرات كثيرة طيلة السنوات الماضية، من قبل رئيس الحكومة، الذي وقع على عاتقه تغيير المحافظين نتيجة لغياب مجالس المحافظات، وذلك وفقا للخبير القانوني الراحل طارق حرب.
إلى ذلك، يبين الخبير القانوني جمال الأسدي، أن "قانون المجالس المحلية تم إلغاؤه منذ عام 2015 بعد تعديل قانون مجالس المحافظات".
ويلفت الأسدي، إلى أنه "بالتالي أصبح تعيين المسؤولين في المناصب كأنما موظف معين من قبل إدارة المحافظة، وهنا لن ينطبق عليه تعبير المدة الزمنية، لذلك نرى الكثير منهم باقين في مناصبهم لغاية الآن".
يذكر أن مجالس المحافظات، لم تشهد هي الأخرى أي انتخابات أو تغييرات، حيث أن آخر انتخابات كانت في العام 2013، قبل أن يحلها البرلمان في 2019، ويكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في كل محافظة على حدة، وذلك استجابة للتظاهرات التي كانت منطلقة في وقتها، وجوبهت من قبل القوات الأمنية بالعنف، ما أدى إلى سقوط نحو 600 قتيل ونحو 25 ألف جريح.
من جانبه، يؤكد مستشار محافظ ذي قار حيدر سعدي، أن "الأفكار التي تدار فيها المناصب تتطلب أن تخضع لتحديثات مستمرة تواكب واقع الأجيال والمجيء بدماء جديدة، لتكون قادرة على المنافسة".
ويبين سعدي، أن "وجود شخص في المنصب ذاته لسنوات، سيؤدي إلى أن يكون الشخص غير فاعل، حتى وإن خضع لدورات تطويرية".
وبحسب الدستور، فإن مدة مجالس المحافظات تبلغ أربع سنوات، كما هو حال مجلس النواب، ومن المفترض أن تجري الانتخابات المحلية في عام 2017، لكنها تم تأجيلها، رغم إجراء الانتخابات التشريعية في مواعيدها.