13 Mar
13Mar

جوبهت مبادرة رئيس الحكومة لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة، بردود أفعال مختلفة، ففيما أكدت وزارة الموارد المائية عدم تأثير الجفاف على المبادرة وأن المزروعات لن تستهلك كميات مياه كبيرة، خاصة النخيل الذي سيساهم بتثبيت التربة، وجه خبير مائي وبيئي انتقادا حادا، ففيما أكد أن هذا الرقم لا يشكل شيئا وأن البلد بحاجة لـ14 مليار شجرة ونخلة، وصف الحكومة بأنها "بعيدة عن المنطق"، كونها تواجه الجفاف وشحة المياه بهذه المبادرة.

ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال، خلال حديث لـه، إن "مبادرة زراعة 5 ملايين شجرة ونخلة مهمة ولها تأثير إيجابي، وزراعة هذه الأشجار ستكون باختيار أماكن فيها وفرة مياه، خصوصاً أن النخيل لا يحتاج مياها كثيرة".

ويضيف شمال، أن "المبادرة لن تتأثر بقضية الجفاف التي يمر به العراق، ولن يكون لها أي تأثير على الخزين المائي، بل على العكس زراعة النخيل ستكون لها إيجابيات كثيرة منها تثبيت التربة والمحافظة على الغطاء النباتي".

ويتابع المتحدث باسم وزارة الموارد المائية: "سنعمل مع وزارة الزراعة على وضع خطة من أجل هذه المبادرة، لاختيار الأماكن التي تحتوي وفرة مياه، من أجل عدم إطلاق أي كميات إضافية بل بالمياه المستخدمة حالياً نفسها تكون مستخدمة بعملية الري، خصوصاً أن النخيل من النباتات التي تعتمد الري بالتنقيط".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أعلن يوم أمس، خلال افتتاحه مؤتمر العراق للمناخ في البصرة، عن إطلاق مبادرة كبرى للتشجير، تشمل زراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في عموم محافظات العراق، يرافقها إطلاق دليل وطني للتشجير الحضري.

كما أشار السوداني: أطلقنا مشروع تنمية الغطاء الطبيعي بهدف مكافحة التصحر من خلال تعاقدات مهمة مع شركات عالمية متخصصة وبالذات في مناطق نشوء العواصف الترابية محلياً.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أعلن يوم أمس، خلال ندوة له في مدينة ميونخ الألمانية، أن الحكومة تضع مشاكل التصحر أولوية في معالجاتها.

ومنذ أكثر من عام، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

يذكر أن مجلس الوزراء، قرر في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، التريث في تنفيذ فقرة توصيات لجنة الأمر الديواني (26 لسنة 2020)، المتعلقة بتقديم الدعم للمحاصيل الزراعية (الحنطة والشعير والشلب والذرة الصفراء) للموسم الزراعي الحالي بشأن استخدام تقنيات الري الحديثة بتقديم الدعم الزراعي بمقدار 50 بالمئة للأسمدة و70 بالمئة للبذور و100 بالمئة للمبيدات، بحسب طلب وزارة الزراعة، لعدم وجود منظومات ري بالرش كافية لتغطية المساحات المطلوبة لزراعة المحاصيل الإستراتيجية.

كما يعاني العراق من أزمة كبيرة في المياه، بسبب تقليل تركيا لإطلاقات نهري دجلة والفرات وقطع إيران لمنابع الأنهر الواصلة للعراق، ما أثر بشكل كبير على الخطة الزراعية، فضلا عن تأثيره على الأسماك، حيث ارتفع اللسان الملحي وأدى لنفوق كميات كبيرة في أحواض محافظة البصرة (550 كلم جنوبي البصرة)، مطلع شهر آب أغسطس 2021.

من جانبه، يبين الخبير في الشأن الزراعي والبيئي عادل المختار، خلال حديث لـه، أن "العراق يحتاج إلى 14 مليار شجرة ونخلة من أجل بناء حزام أخضر والقضاء على التصحر، واليوم نرى الحكومة تريد إطلاق حملة لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة، فهذا الرقم لا شيء أمام ما يحتاجه العراق من زراعة للقضاء على التصحر والتصدي بشكل حقيقي للعواصف الترابية".

ويلفت المختار، إلى أن "إقدام الحكومة على زراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في ظل الجفاف الكبير الذي يعيشه العراق أمر غير ممكن، وهذا يأتي ضمن المزايدات الإعلامية، خصوصاً أن الوضع المائي بالبلاد حرج جداً، وهناك صعوبة ربما حتى في إيصال مياه الشرب خلال الصيف القادم، في ظل أزمة الجفاف".

ويتابع الخبير في الشأن الزراعي والبيئي، أن "مشروع بناء حزام اخضر للقضاء على التصحر يحتاج إلى أربعة عوامل مهمة وهي وجود مصدر مائي ثابت، وضع منظومة ري حديثة، توفير طاقة للتشغيل سواء للكهرباء أو غيرها، مع أن يكون هناك شخص متواجد للتشغيل على مدار الساعة، فيجب توفير هذه العوامل الأساسية".

ويشدد المختار، على أن "العراق يمر حالياً بأزمة جفاف حقيقية، ولهذا لا يمكن زراعة أي شيء في الوقت الحاضر، هناك انخفاض في مناسيب الخزين المائي الاستراتيجي إلى اقل من سبعة مليارات ونصف، وهذا بسبب قلة الإيرادات من دول الجوار وزيادة الهدر المائي في العراق، ولهذا فأن الحكومة بعيدة عن المنطق والعقل في مواجهة أزمة الجفاف الخانقة".

وشهد البلد مطلع العام الماضي، عواصف ترابية دفعت بالجهات المعنية إلى الاستنفار، سواء من الجوانب الخدمية أو الصحية وحتى الأمنية، تحسبا لاستغلالها من قبل تنظيم داعش بشن هجمات، وفقا لتوقعات الرصد الجوي فأن العواصف الترابية ستغطي على أغلب أيام العام في البلد.

يذكر أن مبادرات إنشاء الحزام الأخضر، بدأت في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها الدول العربية وبمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مرحلتها الأولى، يعمل كمصد للرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، فضلاً عن عمله للحد من الرياح الصحراوية نحو المدن، لكن المشروع توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، ومن ثم حرب الخليج، والخلاف العراقي الخليجي.

وكانت وزارة الزراعة، أعلنت في عام 2020، عن حاجة العراق إلى أكثر من 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، بالإضافة إلى إطلاقها مشروعا يرتكز على توزيع الشجيرات إلى البلديات في بغداد والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني مجاناً لزراعتها داخل المدن وحولها لتدعيم الحزام الأخضر لمنع زحف الصحراء نحو المدن.

يشار إلى أن رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، بحث في آذار مارس 2021، مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"، التي تهدف بالشراكة مع دول المنطقة لزراعة 50 مليار شجرة كأكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، ووفقا لوزارة الزراعة آنذاك، فإنها نفت في حديث لـه، علمها بفحوى المبادرة السعودية بشأن الشرق الأخضر، وحصة العراق من الأشجار أو كيفية تنفيذها.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة