في ظل التنازع القائم منذ أيام بشأن القرار الخاص بصلاحيات حكومة تصريف الأعمال وإلغاء قانون الأمن الغذائي، أغفل مراقبون وسياسيون فقرة مهمة تخص العمل البرلماني وصلاحياته، إذ جرّد قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم 121/ اتحادية/2022 البرلمان من مهام وصلاحيات "استدعاء" و"مساءلة" و"استجواب" وزراء الحكومة الحالية، كما منع رئاسة الوزراء من إقالة أو إعفاء أي وزير أو تغييره أو نقله لموقع آخر بموجب الدستور ومواده النافدة.
وقال رئيس "لجان عمداء القانون في العراق" وعميد كلية القانون بجامعة بابل، الدكتور ميري كاظم الخيكاني، لـ"الصباح": إن "صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا ذي العدد 121 لسنة 2022 في 15 /5 /2022 يتضمن بياناً وإيضاحاً -بناء على طلب رئيس الجمهورية- لمفهوم حكومة تصريف الأعمال" .
وأشار إلى أن "القرار وضمن سلطات المحكمة الدستورية؛ أوضح الإطار الدستوري لصلاحيات الحكومة في فترة تصريف الأعمال، وبين أن الحكومة تمر بمرحلتين، الأولى من تاريخ حل البرلمان إلى حين إجراء الانتخابات، والثانية من إجراء الانتخابات والمصادقة عليها إلى مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة، وفي هاتين المرحلتين تدخل الحكومة في فترة تصريف وتسيير الأعمال اليومية والطارئة التي تهم مؤسسات الدولة والمجتمع"، مبيناً أنه "وفق القرار فإنّ (البرلمان الحالي مجرّد من صلاحية مساءلة واستجواب وزراء حكومة تصريف الأعمال الحالية لأنها لم تنبثق عنه ولم يصادق عليها".
وعن تساؤل البعض (هل تكون الحكومة بمعزل عن المساءلة القانونية؟)، قال الخيكاني: إن "المحكمة الاتحادية تنبهت لذلك، وذكرت أن هناك رقابة قضائية دستورية تتحملها المحكمة نفسها، ورقابة إدارية يتولاها القضاء الإداري"، لافتاً إلى أن "القرارات والإجراءات التي تقوم بها الحكومة في فترة تصريف الأعمال ليست بمعزل عن المساءلة ولكن بواسطة المساءلة القضائية" .
بدوره، أشار المختص بالشأن السياسي، الدكتور حيدر سلمان في تصريح إلى أن " قرار المحكمة الاتحادية بشأن صلاحيات وهيكلة وشكل ومستوى أداء وطريقة تعامل الحكومة كان لافتاً للنظر، إذ حددت جميع مسؤولياتها وماذا يمكن أن تكون" .
وأوضح أنه "بناء على قرار المحكمة، فقد انتهت صلاحيات الحكومة الحالية منذ انتخابات تشرين الأول 2021 ، وبالتالي فإن جميع القرارات الصادرة بعدها إذا لم تكن تصريف أعمال يومية باطلة".
وأضاف أن "من أهم نقاط القرار، توضيح أن هذه الحكومة لتصريف الأعمال فقط ، فهي لا تخضع للبرلمان الحالي الذي تقع عليه مسؤولية اختيار حكومة كاملة الصلاحية، وبالتالي فمراقبة الحكومة تكون من القضاء الدستوري والقضاء الإداري"، مستدركاً: "نحن أمام مشكلة أن بعض الوزراء والمسؤولين قد لا يستطيع البرلمان استبدالهم أو إقالتهم، وكلما طال المدى، ستكون صلاحيات الحكومة مبهمة" .
وقال سلمان: إنه "بدعوى من رئيس الجمهورية بينت المحكمة الاتحادية أن الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي محدودة الصلاحية، وعليه فإن المحكمة الاتحادية تلغي جميع قرارات الحكومة الحالية لكونها تصريف أمور يومية منذ تاريخ حل البرلمان في 7 تشرين الأول 2021" .
ولوّح عدة نواب في البرلمان باستدعاء واستجواب مجموعة وزراء، ويبدو أن ذلك سيصطدم بقرار المحكمة الاتحادية آنف الذكر.