29 Mar
29Mar

أثار تعديل مجلس النواب لقانون الانتخابات لغطا جديدا، بسبب الكوتا المسيحية، إذ تم توزيع دائرتها الانتخابية إلى دائرتين، الأولى في إقليم كردستان والثانية لباقي المحافظات المشمولة، وفيما وجه سياسيون من المكون اتهاما للحزب الديمقراطي الكردستاني بالسعي للسيطرة على المقاعد المخصصة لهم، والتواطؤ مع ائتلاف دولة القانون وتحالف السيادة، كشف الأمر عن خلاف حاد داخل الإطار التنسيقي بسبب تأييد زعيم دولة القانون للفقرة ورفضها من قبل نواب الإطار، كونها تقلل من حظوظ كتلة بابليون التي يتزعمها حليفهم ريان الكلداني.

ويقول النائب عن كتلة بابليون المسيحية، دريد جميل أيشوع، خلال حديث لـه إن "كوتا المسيحيين ضمن قانون الانتخابات الجديد، أصبحت على دائرتين انتخابية، وليست دائرة انتخابية واحدة في كل العراق، كما كان يحصل في الانتخابات الماضية، وهذا الأمر تم بضغط من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني من أجل الاستحواذ على مقاعد المسيحيين".

ويبين أيشوع، أن "مقاعد المسيحيين خمسة، وبعد جعل الكوتا وفق دائرتين، فإن المسيحيين سوف يفقدون مقعدين، إذ أن الدائرة الأولى هي عبارة عن إقليم كردستان التي تضم كلا من أربيل، السليمانية، ودهوك، والدائرة الثانية للمحافظات العراقية الأخرى، وهذا يؤكد أن مقعدين ضمن الإقليم سوف يفقدها المسيحيون، وتذهب للحزب الديمقراطي الكردستاني".

ويلفت إلى أن "تمرير الفقرة (بدائرتين) من قبل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، تم بشكل غير قانوني، فهو أعلن التصويت رغم أن الفقرة لم تحصل على الأصوات الكافية، فقد كان هناك رفض لهذا الأمر من قبل الإطار التنسيقي وتحالف السيادة وبعض المطالبة بإعادة التصويت، ثم أعاد الحلبوسي التصويت وضغط على نوابه ضمن تحالف السيادة، ولم تحصل موافقة كاملة على هذه الفقرة لكنه أصر على تمريرها".

وعن الخطوة المقبلة، يؤكد النائب عن كتلة بابليون: "سوف نتوجه إلى المحكمة الاتحادية العليا للطعن بالتصويت على هذه الفقرة، كون الحلبوسي مررها دون حصول نصاب قانوني كاف، وهذا من أجل المجاملة والمصالح مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يريد الاستحواذ على مقاعد المسيحيين ضمن محافظات الإقليم".

وصوت مجلس النواب، قبل يومين على تعديل قانون الانتخابات، واعتمد نظام سانت ليغو لإجراء الانتخابات المحلية والنيابية، وسط حالة من الفوضى عمت قاعة المجلس، نتيجة لاعتراض النواب المستقلين على سانت ليغو.

ومن ضمن الفقرات التي مررت في البرلمان، هي الخاصة بالكوتا، حيث جرى تعديل الفقرة الخاصة بالمكون المسيحي من دائرة واحدة، وتضم 5 مقاعد، وهو السياق الذي كان معمولا به طيلة الدورات الانتخابية الماضية، إلى دائرتين شملت الأولى أربيل ودهوك والثانية بغداد ونينوى وكركوك.

يشار إلى أن مقاعد المكون المسيحي الحالية، ذهبت لكتلة بابليون بزعامة ريان الكلداني، الذي يعد مقربا من قوى تحالف الفتح المنضوي في الإطار التنسيقي إلى جانب ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي.

من جهته، يوضح القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد كريم، خلال حديث لـه، أن "ما حصل من تصويت على جعل كوتا المسيحيين ضمن دائرتين، كان باتفاق سياسي ما بين كتل وأحزاب ائتلاف إدارة الدولة والتصويت تم بشكل قانوني ووفق الأغلبية البرلمانية".

ويبين كريم، أن "تخصيص دائرة انتخابية للإقليم، يأتي كون محافظاته تضم العدد الأكبر من مسيحيي العراق، فـ90 بالمئة منهم يسكون الإقليم، ولو كان الأمر بيدنا لعملنا على إلغاء مقعد المسيحيين في بغداد، كون العاصمة شبه خالية منهم بسبب أعمال العنف التي حصلت خلال السنوات الماضية".

ويؤكد أن "حصول الحزب الديمقراطي الكردستاني على مقعدين للحزب عن كوتا المسيحيين ضمن دائرة إقليم كردستان الانتخابية أمر حتمي، فالمسيحيون سوف يعطون أصواتهم بكل حرية وديمقراطية للحزب والحكومة التي وفرت لهم الأمان والعيش الكريم".

إلى ذلك، يشير السكرتير العام للحركة الديمقراطية الآشورية، النائب السابق يونادم كنا، إلى أن "تعديل قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات، تم تشريعه بمنهجية تتفق مع مصلحة بعض الكتل السياسية المهيمنة، متجاهلا المنهجية التي تحقق العدل والشفافية والإنصاف وتحترم إرادة الناخب، فبعد أن تبنى القانون نظام سانت ليغو لضمان إقصاء الكيانات السياسية الناشئة والمرشحين المستقلين ممن يرغبون الترشح منفردين، فإن القانون صادر إرادة المكون المسيحي في انتخاب ممثليه الشرعيين لمقاعد الكوتا، سواء لمجلس النواب أو لمجالس المحافظات والأقضية وألغى مقعد مجلس محافظة كركوك أيضا".

ويردف كنا، أن "هذه المنهجية تؤشر عدم احترام إرادة ممثلي المكون من المرجعيات الدينية والسياسية، حيث طالب أغلب رؤساء الطوائف المسيحية، ورؤساء الأبرشيات من البطاركة والمطارنة، بالإضافة إلى معظم الأحزاب السياسية الكلدانية السريانية الآشورية، عبر أكثر من خمسة آلاف توقيع حي من النخب وممثلي المكون، بحصر التصويت لمقاعد الكوتا بالناخبين المسيحيين من خلال سجل خاص بهم، التزاما بالمعايير الدولية كما يجري في دول الجوار ودول أوروبية، إلا أن بعض قيادات الإطار، أصرت على عدم احترام إرادة المكون، وأصرت على منهجية مصادرة مقاعد الكوتا لمن يواليها، وذلك بزج أصوات من خارج المكون من الكتل المهيمنة، وبالتالي انتخاب أتباعها، وليسوا ممثلي المكون الحقيقيين، وتوافقت قوى الإطار في ذلك مع كتل من إقليم كردستان ليتقاسموا فيما بينهم".

وسبق وأن تناولت اخبارقضية استحواذ الحزب الديمقراطي الكردستاني، على المقاعد النيابية المخصصة لتمثيل أبناء المكون المسيحي "الكوتا" داخل مجلس النواب، وبحسب نخب مسيحية فإنهم أكدوا تدخل تلك الأحزاب لدعم شخصيات مرتبطة بها، بعيدا عن الممثلين الحقيقيين للمكون، فضلا عن تطرقهم لأساليب "الترهيب" التي تعرض لها الناخبون في الإقليم من قبل جهاز الأمن الخاص فيه لإجبارهم على انتخاب أشخاص محددين.

وحول كواليس الجلسة، يكشف مصدر مطلع خلال حديث له أن "تمرير هذه الفقرة تسبب بخلافات حادة بين قادة الإطار التنسيقي، وصلت إلى مرحلة الخصومة بين رئيس دولة القانون نوري المالكي، وباقي قادة الإطار، أبرزهم رئيس منظمة بدر هادي العامري ورئيس حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، نتيجة لتمرير الفقرة الخاصة بكوتا المسيحيين، ومنح جزء منها للحزب الديمقراطي الكردستاني".


ويوضح المصدر، أن "الخلافات جاءت بسبب اتفاق المالكي مع الحزب الديمقراطي وزعيمه مسعود بارزاني، على تمرير الفقرة، ما أثار اعتراض شركائه في الإطار، كون الفقرة ستمنح بارزاني السيطرة على مقعدين على الأقل من مقاعد المسيحيين، وتقلل من حظوظ حليفهم ريان الكلداني الذي تمكن من الاستحواذ على جميع المقاعد المسيحية في الانتخابات السابقة".

وتواصلت مع نواب عن ائتلاف دولة القانون، رفض جميعهم الإدلاء بأي تصريح حول هذا الأمر، وأكدوا ان الفقرة تم تمريرها كما تم تمرير فقرات القانون الأخرى، دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

يذكر أن نواب المكون المسيحي، أصدروا بيانا ليلة أمس، أكدوا فيه: صافحنا نوري المالكي ومشينا في السياق الجامع للكل ومن ضمنه ائتلاف دولة القانون، وما كان منهم إلا أن قابلونا بالغدر السياسي والوطني والاقصاء، وباعونا عند اول مفرق، وبصرف النظر عما فعلوا، وما معانيه من اعطاء حزب الديمقراطي الكردستاني من جديد، سطوة وسلطة على التمثيل المسيحي في محاولة لاستحواذهم على مقعدين من المقاعد المخصصة للمكون المسيحي، لكنهم ايضا وللأسف خرقوا القانون والمادة الثانية من الدستور بوقاحة في غفلة الليل، وبلا اجماع او تصويت فاوضوا وباعوا كما شاؤوا.

كما أشار البيان إلى: نعلن اننا سنجعل القانون حكما بيننا وبين برزاني والمالكي، واذا ظننتم أن المسيحيين لا ظهر لهم وتلعبون بوجودهم وتمثيلهم كما تشاؤون، فنذكركم جيداً، اننا نوعاً وليس عدد، واننا وأرضنا والحق أكثرية.

يشار الى أن رئيس الكنيسة الكلدانية الكاردينال لويس ساكو، أكد في حديث سابق أن كوتا المكون، لا يتم التعويل عليها بصورة مباشرة، لأن من شغلوا سابقا هذه المقاعد خيبوا آمال العراقيين في كل الفترات السابقة، كما لم يقدموا شيئا يذكر للمسيحيين بصورة خاصة.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، بدأت هجرة أبناء المكون المسيحي نحو الدول الأوروبية، لأسباب اقتصادية وأمنية واجتماعية، وارتفعت نسبة الهجرة بعد عام 2003، وما شهدته البلاد من تردٍ كبير في الأوضاع الأمنية، ورافقت الهجرة مشاكل أخرى أبرزها السيطرة على عقاراتهم، كالمنازل والبنايات من قبل بعض الجهات المسلحة والأشخاص المرتبطين بها، وجرت الكثير من عمليات التزوير للاستيلاء على هذه الممتلكات.

يشار إلى أن أعداد المسيحيين في العراق حاليا يبلغ نحو 400 ألف شخص فقط، بعد أن كان العدد مليونا ونصف المليون، بحسب ساكو.

وكانت تقارير سابقة قد كشفت في كانون الأول ديسمبر 2020، عن تناقص أعداد المسيحيين في جنوب العراق بشكل كبير، وبحسب تقريرها السابق، فإن قرابة 150 عائلة بالبصرة، أحيت قداس الميلاد الأخير في الكنائس: الكلدانية، الأرمنية، السريانية الكاثوليكية، أما في كنائس السريان الارثوذكس، الانجيلية المشيخية الوطنية، فقد أحيت القداس فيها قرابة 10 عائلات فقط، فيما تحوي ذي قار عائلة مسيحية واحدة، وفي ميسان أحيت 14 عائلة القداس.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة