30 Aug
30Aug

باتت الطائرات المسيرة سلاحا فتاكا في السنوات الأخيرة تستخدمه الجيوش النظامية والتشكيلات المسلحة الرسمية وغير الرسمية على حد سواء، حتى تحولت إلى خطر يهدد المدنيين والقوات الأمنية، بحسب مختصين.
وفي ضوء تنامي قدرات تصنيع هذه الطائرات وتزويدها بمختلف الأسلحة والكاميرات ومعدات الرصد والتجسس، اضطرت القيادات الأمنية في محافظة ديالى (132 كلم شرق بغداد) إلى حظر تحليق الطائرات المسيرة في سبع مناطق بالمحافظات إلا بموافقات أمنية.
ويقول مصدر أمني في ديالى، فضل عدم الكشف عن هويته، خلال حديث لـه، إن “الطائرات المسيرة يمكن أن تتحول ببساطة إلى أدوات تهدد المشهد الأمني من خلال الرصد الدقيق والتصوير خاصة للمؤسسات الأمنية الحساسة مع انتشار استيرادها بكميات كبيرة وبقدرات فنية تتضاعف يوما بعد آخر”.
وتحد محافظة ديالى إيران من الشرق، وتقع على طريق الصواريخ والمسيرات التي انطلقت من الإراضي الإيرانية نحو أهداف إسرائيلية، في العملية العسكرية الانتقامية ضد استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق في نيسان أبريل الماضي.
ويضيف المصدر، أنه “تم تعميم برقية بحظر تحليق المسيرات فوق مناطق هي بالأحرى مقرات أمنية متعددة وخاصة الرئيسية، كالاستخبارات والسجون والشريط الحدودي والحشد الشعبي وحقول النفط، وقد دخل الحظر حيز التنفيذ وأي مسيرة تحلق من دون موافقات مسبقة سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية فورا بحق أصحابها”.
ويشير إلى أن “أي مسيرة تحلق خاصة في سماء المدن وقرب المقرات الأمنية يجب أن تحظى بموافقات خاصة من قبل القيادات الأمنية لتجنب المسائلة القانونية”.
وشهد العراق خلال العامين الحالي والماضي تزايدا ملحوظا في استخدام الطائرات المسيرة من قبل الفصائل المسلحة في استهداف القواعد العسكرية التي تتواجد فيها القوات الأمريكية والتحالف الدولي في غرب وشمال البلاد، وكذلك لضرب أهداف في إسرائيل، ردا على الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة في فلسطين.
من جانبه، يصف الخبير الأمني أحمد التميمي، خلال حديث لـه، أن حظر تحليق المسيرات ضمن ضوابط محددة “قرار صائب وهو معمول به في كل الدول لأسباب أمنية بحتة، ففي السنوات الثلاث الأخيرة تطورت الطائرات المسيرات بشكل كبير وأصبحت رأس الرمح في الحروب، خاصة مع قفزات غير مسبوقة في الاستخدامات”.
ويشير التميمي، إلى أن “قدرات التصوير الفائقة للمسيرات وخاصة في الليل يمكن استغلالها بشكل كبير من قبل العصابات الإرهابية في ديالى وبقية المحافظات، لذلك أنا أؤيد قرار حظر تحليقها فوق أي مباني أمنية أو حكومية وحتى حقول ومنشآت الطاقة إلا بموجب موافقات خاصة”.
وبدأت فصائل مسلحة منذ نيسان أبريل 2021، باستخدام الطائرات المسيرة المفخخة ضد المصالح والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، بالتزامن مع استخدامها لصواريخ الكاتيوشا والعبوات الناسفة، ما أثار قلق واشنطن من هذا التحول، بحسب ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وكان الهجوم الأول الذي استخدمت فيه هذه الطائرات، ليلة 14 نيسان أبريل 2021، حيث استهدف حظيرة تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) في مطار أربيل، فيما جاء الثاني في 8 آيار مايو 2021، حيث استهدف قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، وبعده بثلاثة أيام استهدفت قاعدة حرير في أربيل بطائرة مسيرة أيضا، وفي 9 حزيران يونيو 2021، استهدفت قاعدة فيكتوريا بمطار بغداد الدولي بطائرة مسيرة.
بدوره، يوضح عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ياسر اسكندر، خلال حديث لـه، أن “حظر تحليق المسيرات فوق الأهداف الأمنية أمر بالغ الأهمية، لأننا نتعامل مع أجهزة على قدرة عالية في تحديد وتصوير وإعطاء إحداثيات قد تستغل في أبعاد أمنية خطيرة”.
ويشدد اسكندر، على أنه “يجب أن تكون هناك لائحة محددة وثابتة لتحليق الدرونات لأي أنشطة وأن تكون هناك موافقات مسبقة خاصة في مراكز المدن”.
وكانت الفصائل المسلحة قد بدأت في منتصف العام 2020، باستخدام العبوات الناسفة لاستهداف أرتال التحالف الدولي في وسط وجنوبي العراق، وذلك عقب تنامي الهجمات الصاروخية على المصالح الأجنبية كرد على اغتيال نائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد في 3 كانون الثاني يناير 2020.
إلى ذلك، يبين مصور الحفلات إبراهيم العزاوي، خلال حديث لـه، أن “الدرونات باتت أداة مهمة في التصوير خلال السنوات الأخيرة، ولكن لا يمكن تحليقها في أي مكان إلا بموجب موافقات أمنية ونأمل أن تكون هناك باجات خاصة للمصورين من أجل إنجاز أعمالنا من توثيق مناطق الحظر المباشرة لتجنب أي مساءلة قانونية”.
ويؤكد العزاوي، “أنا أدعم أن يكون هناك تنسيق أمني لكل من يمتلك طائرة درون من أجل قطع الطريق أمام أي محاولة ترمي لاستخدامها في أمور تهدد الأمن والاستقرار أو بطرق غير قانونية”.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبعد تسنم منصبه بفترة وجيزة، أمر بتنفيذ ضربة جوية لموقع تابع لكتائب حزب الله داخل العمق السوري، وبالقرب من الحدود العراقية حسب الرواية الأمريكية، لكن الفصائل أكدت أن الموقع الذي استهدف كان داخل الحدود العراقية، وذلك ردا على استهداف قاعدة حرير في أربيل بطائرات مسيرة.
من جهته، يشرح منتظر الجعفري، وهو صاحب محل لبيع الدرونات في ديالى، خلال حديث لـه ، أن “الإقبال على شراء الدرون ارتفع بنسبة 30 بالمئة في العام 2024 خاصة مع تحولها إلى أداة فعالة في التصوير لمختلف الأنشطة سواء الأفراح أو المآتم وصولا إلى أنشطة الأحزاب والساسة والمسؤولين”.
ويلفت الجعفري، إلى أن “قدرات الدرونات تختلف بين يوم وآخر، فالتقنيات لا يمكن أن تبقى ذاتها، وهناك تطور مستمر في ظل التنافس الشديد بين المناشئ الدولية وأبرزها الصين وكوريا الجنوبية وأوروبا وصولا إلى أمريكا”.
ويقر بأن “قدرات الدرونات عالية في الرصد والتعقب والإرشاد في مختلف الظروف وخاصة ليلا، ما يجعل عملية التحليق في بعض الأماكن ضرورة تفرضها الوقائع ونحن ندعم أن يلتزم الجميع بالإرشادات الأمنية”.
وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد اجتماعا طارئا في نيسان أبريل الماضي، عقب الهجمات التي شنتها إيران على إسرائيل، بأكثر من 200 طائرة مسيرة وصواريخ كروز وقذائف باليستية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة