16 Feb
16Feb

أثارت لائحة تنظيم المحتوى الرقمي، المطروحة على طاولة هيئة الإعلام والاتصالات، لغطا وتضاربا، ففيما نفى رئيس الهيئة أن تكون اللائحة معدة من قبلها وأنها لم تقرأ قراءة أولى، كشف أعضاء بمجلس أمنائها أن اللائحة وردت من الجهاز التنفيذي للهيئة، وخضعت للقراءة الأولى، لكن تعديلا جرى على بعض بنودها التي تتعارض مع حرية التعبير، وعزوا طرحها في هذا التوقيت إلى حماية المخالفين من استهداف حملة وزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى ضد أصحاب "المحتوى الهابط"، كون عقوبات الحملة أشد، مقارنة بالغرامة المالية.

ويقول رئيس الجهاز التنفيذي لهيئة الإعلام والاتصالات علي المؤيد خلال حديث لـه، إن "لائحة تنظيم المحتوى الرقمي، التي يجري تداولها مؤخرا، ليست من إعداد هيئة الإعلام والاتصالات ولم تتبنها، بل وصلت للهيئة من جهات أخرى كمقترح".

ويضيف المؤيد، أن "هذه اللائحة لم يجر التعامل معها حتى الآن بشكل رسمي أو السعي لإقرارها، بل هناك لائحة تعدها الهيئة تتضمن الجرائم المعروفة، مثل منع السحر والشعوذة وإثارة النعرات الطائفية والترويج للدعارة واستغلال الأطفال وغيرها، دون المساس بحرية التعبير"، موضحا أن "اللائحة الجديدة ستعرض للرأي العام بعد إقرارها وسنتيح فترة محددة لاستقبال التعديلات عليها من قبل المتخصصين عبر تحديد طريقة لاستقبال هذه الآراء".

ويبين أن "مجلس الوزراء دائما ما يدعو الهيئة إلى إصدار لائحة للمحتوى الرقمي، ويجب أن نستجيب"، موضحا أن "صدور لائحة عن الهيئة سيخفف العقوبات عن المخالفين، فاللائحة ستتضمن عقوبات تبدأ بالتعهد وحذف المنشور وتصل للغرامة في أقصاها".

وتسربت في اليومين الماضيين، نسخة من مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي، التي أعدت في هيئة الإعلام والاتصالات لغرض إقرارها من قبل مجلس الأمناء في الهيئة، وتضمنت بنودا كثيرة اعتبرت مقيدة لحرية التعبير.

وتضمنت المسودة، أحكاما جزائية، تبدأ بالتعهد وحذف المحتوى أو حجب الصفحة المنشور فيها، وصولا إلى إحالة الملف إلى القضاء، فضلا عن وجود غرامات مالية تبدأ بـ500 ألف دينار وتصل إلى 5 ملايين دينار.

وكانت مصادر مطلعة تناولت قضية اللائحة في تقرير نشر أمس الأربعاء، وفيه وجه متخصصون بالقانون وناشطون، انتقادات حادة لها لما تضمنته من مواد مقيدة لحرية التعبير، واحتوائها على عناوين فضفاضة، دون تعاريف محددة، فضلا عن تعارضها مع الدستور، فيما أبدوا تخوفهم من استخدامها وفق "المزاج السياسي".

وتتزامن هذه المسودة، مع حملة "المحتوى الهابط" التي أطلقتها وزارة الداخلية بالتعاون مع القضاء العراقي، وأسفرت عن القبض على العديد من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، بذريعة تقديم محتوى هابط وخادش للحياء، وصدرت أحكاما بالسجن وصلت إلى عامين بحق بعضهم.

وفي رواية أخرى، يكشف أعضاء بمجلس مفوضي الهيئة، رفضوا الإدلاء بأسمائهم خلال حديث له أن "لائحة تنظيم المحتوى الرقمي في العراق، تم إعدادها منذ أشهر طويلة، وهي معدة من قبل لجان مختصة داخل الهيئة، بالتنسيق مع الجهاز التنفيذي للهيئة، والجهاز أحالها الى مجلس المفوضين وتمت قراءتها قراءة أولى قبل أيام".

ويتابع أعضاء المجلس أن "مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقم في العراق، التي نشرت ليست نهائية، بل كانت النسخة المقترحة وتم التعديل عليها كثيرا قبل القراءة الأولى وبعدها، وجرت مناقشتها من قبل مجلس المفوضين وأجريت عليها تعديلات وتغييرات كثيرة، وأصبحت تدعم حريات التعبير والرأي ولا تصادر تلك الحريات والحقوق إطلاقاً".

فيما يشيرون إلى أن "المسودة لا تهدف إلى سجن الأشخاص بسبب المحتوى الذي يقدمونه، فهذه اللائحة تنص على أن يقدم المخالف تعهدا وغرامة وثم إنذار، وفي حال استمر صاحب المحتوى بالنهج نفسه من المحتوى، وخاصة المحرض على الطائفية أو الذي يخص أمن البلد، سيحال إلى القضاء، ويبقى القضاء هو الحاكم، لكن نحن لا نريد السجن".

ويؤكد أعضاء مجلس مفوضي الهيئة أن "اللائحة لا علاقة لها بحملة وزارة الداخلية لملاحقة أصحاب المحتوى الهابط، لكن هذه الحملة وسجن بعض صناع المحتوى، دفعتنا للإسراع بإقرار اللائحة من أجل منع سجن هؤلاء الأشخاص، ونكتفي فقط في البداية بالغرامة والتعهد والإنذار، وخلال الأيام القليلة المقبلة، سيتم التصويت على اللائحة وسيتم نشرها بشكل رسمي حتى يطلع عليها الجميع وتكون ملزمة التطبيق والتنفيذ".

يشار إلى أن المادة 38 من الدستور تنص على أن: تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: أولاً:- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً:- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثاً:- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.

ومنذ فترة حاول البرلمان تمرير قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، حيث أدرجه على جدول أعماله قبل أن يرفع منها بضغط من بعض الكتل السياسية المدنية، ويأتي طرح هذا القانون بعد طرح قانون جرائم المعلوماتية قبله، والذي رفع من جدول الأعمال بضغط أيضا.

وتعد هذه القوانين، وفقا لناشطين وإعلاميين، مقيدة لحرية الرأي وتفرض عقوبات بالسجن والغرامات الكبيرة على كل من يحاول إبداء رأيه، في خطوة اعتبرت مخالفة للدستور العراقي الذي كفل حرية التعبير عن الرأي.

جدير بالذكر، أن جميع هذه القوانين ما زالت تستند إلى مواد في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، وفي الفترة الأخيرة جرى الاستناد إلى المادة 403 من القانون الخاصة بخدش الحياء.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة