بالرغم من مرور نحو نصف عام على تشكيل معظم الحكومات المحلية، إلا أن ملف الخدمات في المحافظات ما زال يواجه انتقادات كبيرة، في ظل انعدام الدور الرقابي لمجلس النواب وغياب تام لتقييم عمل المحافظين، واقتصار حالات الإعمار فيها على الوزارات الاتحادية.
ويقول عضو لجنة الخدمات البرلمانية محما خليل، خلال حديث لـه، إن “اللجنة المعنية بتقييم أداء المحافظين هي لجنة الخدمات والإعمار وفق الدستور، وهي من تقع عليها محاسبة المتلكئين من المحافظين، ممن فشلوا في تنفيذ برامجهم وأساؤوا استخدام المال العام”.
ويضيف خليل، أن “لجنة الخدمات الحالية لم تكن بمستوى اللجنة الحقيقية ولم تؤد دورها الرقابي بمحاسبة المحافظين ولم تطالبهم بأي برامج كما لم تتم دعوة أي محافظ على الرغم من مضي فترة كافية للتقييم”، لافتا إلى أن “هذه اللجنة بإمكانها دعوة المحافظين المتلكئين إلى البرلمان وسحب الثقة عن بعضهم بعد استجوابهم”.
ويتابع أن “مجالس المحافظات بإمكانها أيضا بموجب القانون مراقبة عمل المحافظين واستجوابهم، وهي تمتلك هذه السلطة، لكنها لم تفعل حتى الآن”، مشيرا إلى أن “الخدمات في المحافظات ما زالت متدنية جدا، والحكومات المحلية فشلت في إيصال رسالة البرنامج الحكومي الذي يطرحه رئيس الوزراء بتسمية كابينته الوزارية بحكومة الخدمات”.
ويطالب السوداني بـ”محاسبة المقصرين من المحافظين ممن تسببوا بضياع فرصة النهوض بالواقع الخدمي للمحافظات”.
وتشهد المحافظات الوسطى والجنوبية واقعا خدميا سيئا، إذ شهد حزيران يونيو الماضي خاصة في محافظتي ذي قار والمثنى، تظاهرات احتجاجا على سوء الخدمات وغياب فرص العمل.
وكانت لجنة الخدمات والإعمار البرلمانية، أكدت بداية الشهر الحالي وجود تنسيق مع الحكومات المحلية في عموم المحافظات، بهدف الارتقاء بواقع الخدمات، لافتة إلى أن التنسيق مستمر ومتواصل ما بين النواب وأعضاء مجالس المحافظات والمحافظين، وهذا كله بهدف تقديم أفضل الخدمات ومحاولة تذليل العقبات أمام أي جهد حكومي.
من جهته، يؤكد عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية باقر السعدي، خلال حديث لـه، أنه “لا وجود لأي تقييم للمحافظين حتى الآن، فباستثناء محافظي كركوك وديالى الذين توليا المنصب حديثا، استقر بقية المحافظين في مناصبهم منذ أقل من سنة”.
ويضيف السعدي، أن “الحكومة الحالية كما نرى أفضل من سابقاتها في تقديم الخدمات للمواطن، والآن يوجد عمل على الأرض في أغلب المحافظات، لكنه غير كاف، فمن حق المواطن أن يشعر بوجود خدمات أكبر”.
ويشير إلى أنه “بالمقارنة مع السابق، الوضع أفضل لاسيما البنى التحتية والطرق والجسور، لكن قد تكون التخصيصات المالية تأخرت في بعض المحافظات فسببت بعض التلكؤ”.
وبشأن تقييم المحافظين، يذكر أن “هناك من المحافظين تابعون لكتل سياسية هي من تتولى تقييمهم، وأيضا هناك إمكانية لإقالة المحافظين المقصرين من خلال متابعة لجنة الخدمات في مجلس النواب”.
وكان عضو آخر في لجنة الخدمات وهو عباس الجبوري، أكد أن إجراء تقييمات مهينة وفنية لعمل وأداء المدراء في المناصب الخدمية وغيرها في الحكومات المحلية أمر ضروري، وفيما شدد على إجراء تغييرات وفق تلك التقييمات، أكد على ضرورة أن تكون هناك تغييرات دورية كي يكون هناك تطور في العمل.
إلى ذلك، يرى الخبير المختص بإدارة الأزمات علي جبار، خلال حديث لـه، أن “أداء المؤسسات التنفيذية ما زال يشكل عبئا كبيرا على البناء الخدمي والتطويري والاقتصادي في الدولة العراقية، فالأحزاب تصر على أن يكون اختيار الشخصيات للمناصب الخدمية عبارة عن محاصصة سياسية من دون الأخذ بنظر الاعتبار التجارب السابقة وضياع الأموال الكبيرة والوضع البائس للمحافظات خصوصا المحافظات الجنوبية”.
ويضيف جبار، أن “بعض التقارير الدولية تضع العراق على المستوى الخدمي في مناطق متأخرة جدا بحكم سوء الأداء وهدر التخصيصات وضياع الموازنات”، لافتا إلى أن “الشخصيات التي تتبوأ هذه المناصب ليست مختصة بالإدارة العليا أو إدارة المشاريع التي تحتاجها المحافظات، لذا من الطبيعي أن يكون هناك تردٍ وتراجع في الأداء وينعكس هذا على إدارة المشاريع والخدمات”.
وعن الرقابة على أداء المحافظين، يشير إلى أن “هناك سلسلة تراقب الأداء بدءا من رئاسة الوزراء مرورا بالوزارات الخدمية التي تراقب المشاريع وكذلك مجالس المحافظات التي أصبحت بدورها عبئا آخر يضاف على سوء الأداء للمحافظين، لأنها باتت عبارة عن غنيمة تتقاسمها الأحزاب”.
ويشير إلى أن “العراق الآن يقف على ركام كبير من سوء الخدمات ومعدلات الفساد مازالت مرتفعة على الرغم من وجود بعض الملامح مثل تبليط الشوارع وإنشاء الجسور، لكن لا يمكن اعتبارها مشاريع استراتيجية تنهض بالواقع”.
ويخلص إلى أن “المشكلة مستمرة ما دام تنصيب المحافظين وتغييرهم قرارا سياسيا، ولم تستفد القوى السياسية من التجارب السابقة في تغيير نهج ونمط الاختيار لتخسر المحافظات أموالها، أما مسألة التقييم فلا يمتلك العراق استراتيجية واضحة وثابتة لتقييم الأداء بشكل مهني، لذا فإن المشكلة مركبة لا يمكن أن ينتج عنها بناء إيجابي خدمي”.