12 Aug
12Aug

يعاني قضاء راوة الواقع غربي محافظة الأنبار، من أزمة كبيرة في القطاع الصحي، منذ أكثر من 10 أعوام إثر القصف الذي تعرضت له مستشفى القضاء أثناء العمليات العسكرية إبان تواجد تنظيم داعش الذي سيطر على القضاء عام 2014، ولكن منذ تحريره نهاية عام 2017، وحتى الآن مازال المستشفى متهالكا، ولا يقدم أي خدمات طبية لأكثر من 20 ألف مواطن يضطرون للذهاب إلى مدينة أخرى، لغرض تلقي العلاج.
ويقول الناشط المدني عثمان عبد الرحمن (32 عاما)، خلال حديث لـه إن، “أهالي راوة يعانون معاناة كبيرة، بسبب نقص المستشفيات والمراكز الصحية، والموجودة لا تقدم أي خدمات طبية للمواطنين، فإن أي مريض، حتى لو كانت حالته بسيطة ويحتاج لتشخيص أولي يضطر لقطع مسافات طويلة، ليذهب للمدن المجاورة مثل عانه والقائم وحديثة، وإذا كانت الحالة مستعصية فيضطر لقطع أكثر من 200 كيلومتر والذهاب إلى مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار”.
ويضيف عبد الرحمن، أن “الإعمار الذي تتحدث عنه الحكومة المحلية في الأنبار والحزب الحاكم في المحافظة، يختصر على مشاريع بسيطة مثل تبليط الطرق وصبغ الأرصفة، وإقامة النافورات والحدائق والإنارة وغيرها، لكن أهم قطاع يحتاجه المواطن، وهو القطاع الصحي فيه فشل كبير”.
ويعبر مواطنون عن استيائهم من غياب دعم الحكومة المحلية في محافظة الأنبار، ووزارة الصحة للقطاع الصحي في قضاء راوة، وعدم تأهيل مستشفى القضاء الذي تعرض للدمار، إذ يؤكد يوسف نجم (44 عاما) أن “غياب ممثلين من راوة في مجلس محافظة الأنبار والبرلمان، جعل القضاء متأخراً بالأعمار، على عكس المدن الأخيرة، التي لها من يدافع عنها”.
ويضيف خلال حديثه لـه، أن “أهم مشروع يحتاجه أهالي راوة، هو إنشاء مستشفى بسعة 150 سريرا على الأقل، لكي تتمكن من استقبال الحالات المرضية، ولا يتحمل الأهالي أعباء السفر والتنقل للمدن المجاورة، للعلاج”.
ويشير إلى أن “راوة لا تفتقر للمستشفى الحكومي فقط، بل حتى أن عدد الأطباء من أهل الاختصاص والتمرس قليل جدا، كما لا توجد مستشفيات أهلية أو عيادات خارجية للفحص، وهذا كله يحمل الأهالي أعباء السفر إلى الرمادي لغرض الفحص، خاصة بالرنين والمفراس، وهذا الأجهزة لا وجود لها في راوة إطلاقا، لا في القطاع الحكومي ولا الأهلي”.
وتظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن الحكومة العراقية أنفقت خلال السنوات العشر الأخيرة مبلغا أقل بكثير على الرعاية الصحية للفرد من دول أفقر كثيرا، إذ بلغ نصيب الفرد من هذا الإنفاق 161 دولارا في المتوسط بالمقارنة مع 304 دولارات في الأردن و649 دولارا في لبنان وفقا لتقرير سابق.
بدوره، يؤكد المواطن عمر الراوي أن “المستشفى الحالي ليس فيه حتى عمليات ولادة، وبالتالي تضطر النساء للحوامل للسفر إلى مسافات بعيدة، ما يؤثر على وضعهن الصحي”.
ويضيف الراوي، في حديثه لـه ، أن “المستشفى ليس فيه سوى الأدوية الأولية البسيطة، وليس فيها حتى تحليلات أو مركزاً للأشعة أو تخطيط القلب، وليس فيه كادر طبي”.
ويلفت إلى أن “أغلب الأطباء من أبناء المدينة الذين يتخرجون من الجامعات يفتحون عيادتهم في مركز المحافظة، أو المدن الأخرى غير راوة، وذلك بسبب الكثافة السكانية في تلك المناطق والأجور المرتفعة للكشف الطبي والفحص وغيرها، كما أن الأطباء الذين يأتون إلى راوة هم مجموعة من الطلبة المتخرجين والمتدربين، والذين ينهون تدريبهم ويتركون القضاء، بالتالي من غير المعقول ترك حوالي 20 ألف مواطن بلا خدمات طبية”.
ويبلغ عدد الأطباء والممرضات في العراق مقارنة بعدد السكان أقل بكثير من دول أخرى، بل إن عددهم أقل بكثير من دول أفقر مثل الأردن وتونس وفقا لتقرير رويترز، ففي العام 2018، كان لدى العراق 2.1 ممرضة وقابلة لكل ألف نسمة مقارنة مع 3.2 في الأردن و3.7 في لبنان، وذلك وفقا لتقديرات كل بلد.
وبلغ عدد الأطباء 0.83 فقط لكل ألف نسمة، أي أقل بكثير من الدول المماثلة في الشرق الأوسط، فقد بلغ العدد في الأردن على سبيل المثال 2.3 طبيب لكل ألف نسمة.
إلى ذلك، يشير قائممقام راوة خالد وليد، خلال حديث لـه ، إلى أن “مستشفى راوة الحالي تعرض للدمار، بعد سيطرة تنظيم داعش على القضاء، والحكومة المحلية وبالتعاون مع صحة الأنبار، استطاعت توفير الخدمات الضرورية الأساسية في المستشفى والمراكز الصحية الأخرى داخل القضاء”.
ويتابع وليد، أن “هنالك مستشفى جديدا في راوة يجري تشييده على قدم وساق، وسيكون مجهزا من جميع الخدمات الطبية وجميع الأجهزة، وبالتالي بعد افتتاح هذا المستشفى سيقدم خدمة كبيرة للأهالي، ولن يضطروا للسفر والتنقل إلى المدن الأخرى”.
وبخصوص عدم وجود كوادر طبية متمرسة في القضاء، يبين أن “أغلب الأطباء يفكرون بالشهرة والمردود المالي، والطبيب إذا كان متمرساً وذا اختصاص نادر، فإنه يفتح عيادته في العاصمة بغداد أو المدن الكبيرة، التي فيها كثافة سكانية، ومع ذلك نعمل بالتنسيق مع صحة الأنبار على تخصيص كوادر طبية للقضاء، سيعملون في المستشفى الجديد”.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة