يواصل آلاف الفلسطينيين النزوح العكسي من مدينة رفح الحدودية مع مصر باتجاه وسط قطاع غزة، بينما اختار آخرون البقاء في المدينة المهدّدة باجتياح إسرائيلي واسع، مُكتفين بتجرّع مرارة النزوح الأول، حيث لا مكان آمن بات في القطاع وفق رأيهم.
ويسود الترقّب أجواء المدينة التي نزح إليها مئات الآلاف من شمال ووسط القطاع بعد بدء الحرب في أكتوبر الماضي، منذ أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه أصدر تعليماته للجيش بالتأهب لشنّ هجوم على رفح، بحجة تدمير 4 كتائب لحركة حماس هناك.
يأتي هذا فيما تستضيف القاهرة محادثات جديدة بين الوسطاء لإنجاز اتفاق هدنة جديد يُبعد شبح الهجوم العسكري عن رفح؛ حيث استقبل أول امس الثلاثاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي أي إيه" وليام بيرنز ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
وتختلف آراء النازحين، (حسب موقع سكاي نيوز عربية) بشأن ما يفعلونه في مواجهة التهديد الإسرائيلي باجتياح رفح، خاصةً ما يتعلّق بالدخول في نزوح جديد أو البقاء مستسلمين للمصير، بعد أن ذاقوا مرارة النزوح الأول من شمال ووسط القطاع.
ويقول النازح معتز بارود، "نعيش في خوف دائم من القصف والقتل، وننتظر بفارغ الصبر إعلان وقف إطلاق النار، ونحتاج إلى المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، فظروفنا المعيشية صعبة للغاية".
وغادر عدد من جيران بارود في الخيام إلى وسط قطاع غزة؛ هربا من جحيم العملية العسكرية المرتقبة في رفح.
وشهدت المدينة نزوحا لآلاف الفلسطينيين خلال الأيام الأخيرة، لكن بارود لا يزال يعيش في خيمته بالمدينة، معللا ذلك بأنه "هربنا من أقصى شمال القطاع إلى الحدود مع مصر، والآن يريدون منّا الرحيل، ولا أدري إلى أين أذهب".
ووصفت النازحة فريال أبو إسكندر مطالبات إسرائيل للفلسطينيين بالنزوح مجدّدا بأنّها ضرب من الجنون، وتساءلت بحرقة: "هل يريدون أن ننزح إلى القمر؟".
وأضافت النازحة فريال: "أنا مواطنة مدنية، وليست لي علاقة مع حماس وكتائبها العسكرية، والآن إسرائيل تهدّد حياتي وحياة أسرتي وليس حماس".
إلى ذلك، يقول مصدر مصري رفيع المستوى، إن القاهرة تُتابع عن كثبٍ الموقف في رفح الفلسطينية، مُشدّدا على "الاستعداد للتعامل مع كل السيناريوهات".
وحصَّنت مصر حدودها مع غزة بشكل كبير، حيث أقامت منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات وجدرانا خرسانية فوق وتحت الأرض، وسياسيا أوحت بطرد السفير الإسرائيلي وتعليق اتفاقية السلام بين البلدين إن تم تهجير الفلسطينيين نحو مصر.
وتفيد مصادر متعدّدة، بأن اتفاقا يتضمّن إطلاق عدد من الرهائن الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، ويقرّ هدنة إنسانية محددة بوقت زمني بات أقرب من أي وقت مضى.
ووفق تلك المصادر، فإن الضغط الذي يمارسه الوسطاء على حماس وإسرائيل قد يؤدي إلى تقليل الهوة بينهما للوصول لاتفاق هدنة ثانٍ لتبادل الرهائن وتحسين الظروف المعيشية لأهل القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.
وأبرمت إسرائيل وحماس هدنة إنسانية استمرّت أسبوعا أواخر نوفمبر الماضي، شملت الاتفاق على إطلاق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين والأجانب، مقابل إطلاق سراح نحو 350 من الأسرى الأطفال والنساء الذين تحتجزهم السلطات الإسرائيلية.