31 Jul
31Jul

تفقد الصناعة قوتها في بغداد والمحافظات، تبعاً لآلية الروتين وتكرار الوعود وغياب التنفيذ، وعلى طول الفترة الممتدة عبر عشرين عاماً، لم ينجز فيها سوى مزيد من الخراب في مصانع ومعامل وزارة الصناعة، مع تعطيل لدور القطاع الخاص، فيما تنتعش التجارة على أوسع أبوابها في إقليم كردستان التي غزت منتجاتها أسواق البلاد طولاً وعرضاً، بسبب الدعم الكبير الذي يقدم للمستثمرين من دون معرقلات.

وخلال الأشهر الماضية، قدمت الحكومة جملة من المقترحات والمحفزات قالت انها ستكون دعّامة أساسية لتنشيط حركة الصناعة في البلاد، وعبّرت من أجل ذلك في زيارة لمقر الوزارة بصورة حاولت من خلالها إيصال رسالة عن جدية الموقف الداعم، لكن تلك الإجراءات سرعان ما تم ذوبانها وتلاشت في الأفق كسابقها من الوعود الورقية.

ويعاني القطاع الخاص في البلاد من الجمود، بسبب هيمنة الأحزاب المتنفذة على مخارج الاستيراد والتصدير التي حوّلت الأسواق الى مرتع للسلع الغذائية التي من الممكن انتاجها في الداخل، بيد ان ضمور هذا القطاع وغياب الدعم أسهما في قتل الخطوات الحقيقية في تنمية الإنتاج المحلي وترك السوق في متاهات الفاسدين.

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، أعلنت حكومة إقليم كردستان، الاقتراب من افتتاح أول وأكبر مصنع للألبان في كردستان والعراق، مؤكدة ان “طاقته الإنتاجية تصل نحو 120 طناً من الحليب ومنتجاته يومياً”، فيما سهلت أربيل تنفيذ المشروع من خلال توفير الأرض والكهرباء والمياه وغيرها من الضروريات.

وطالب خبراء في مجال المال والأعمال الحكومة المركزية، ان تحذو حذو الإقليم “القريب موقعيا” والذي نجح بتهيئة أجواء الاستثمار وفتح الطريق أمام أعمال القطاع الخاص، لتكون في المستقبل محطة للتصدير الى الخارج وليس الداخل وحسب، مشيرين الى ان المعرقلات التي تضعها وزارة الصناعة والجهات المعنية تسببت بدمار الصناعة المحلية وارجعتها الى عهود غابرة.

وفي هذا الصدد، يرى المراقب للشأن المحلي عباس الجبوري، ان “المشكلة الأساسية تكمن في ضعف القرارات وغياب المتابعة والخطط التي تشتغل على إنعاش هذا القطاع الحيوي”.

ويشير الجبوري في تصريح لـ”المراقب العراقي”، ان “هناك ثمانية عشر معملا معطلا ومعها عشر منشآت خرجت عن الخدمة، بسبب غياب المراقبة والجدية في تنشيط هذه المعامل، لافتا الى انها تضم آلاف الموظفين الذين يتقاضون رواتب من دون انتاج”.

ومضى يقول، ان “سبب نجاح الاستثمار في كردستان يأتي للبيئة الناجحة والدعم الكبير للقطاعات الإنتاجية، في الوقت الذي حث فيه الحكومة الى التحرك الجاد لتنشيط القطاعات الاقتصادية وانتشالها من الخراب”.

ويقول مصدر حكومي رفيع، ان المشكلة في إدارة الاقتصاد تخضع لمزاجيات بعض المستشارين الذين ليست لديهم القدرة على إدارة هذا الملف الضخم والاكتفاء بتصريحات فضفاضة للإعلام، لا تغني ولا تسمن من جوع.

ويؤكد المصدر لـ”المراقب العراقي”، ان “الحكومة جادة في تحريك المياه الراكدة، وتنشيط القطاعات الصناعية والزراعية بضمنها الدواجن التي صارت تنتعش مؤخراً، لكن ملفات أخرى معقدة لا تزال تؤثر على حركة العمل”.

لكن تلك التوصيفات لا تلغي اتساع مساحة الإهمال بحسب مراقبين، الذين يؤشرون الى استمرار الخراب في مفاصل الصناعة العراقية على حساب مصلحة العراقيين الذين ينتظرون مخرجاً لواقعهم الذي لا يزال يعتمدون فيه على اقتصاد احادي قد يقودهم للهلاك، إذا ما بقيت الأوضاع من دون حلول.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة