بعد أربعة أشهر من تعيينه قائدا لشرطة الكرخ، أزيح اللواء مشتاق صباح الحميري عن منصبه، وفق أمر من القائد العام للقوات المسلحة، بسبب “الإخفاق” في الإدارة وظهور شبهات “فساد” بحسب مصدر أمني مطلع، فيما عزا خبير أمني، ذلك إلى فشله في الحصول على تقييم جيد لعمله خلال 100 يوم من قبل وزارة الداخلية.
ويقول مصدر أمني مطلع، لـه، إن “نقل اللواء مشتاق صباح الحميري إلى موقع أدنى، جاء بأمر مباشر من القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، بعد أربعة أشهر على تسنمه المنصب، بدفع من وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة”.
ويوضح المصدر أن “أمر النقل جاء بسبب ملفات محددة أبرزها منح الحميري، مناصب لبعض الضباط ممن سجلت بحقهم مؤشرات أمنية، إضافة إلى ظهور شبهات فساد على أدائه”، وهو ما لم يتأكد .
ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “قائد قيادة حدود المنطقة الثانية، في المنطقة الغربية، اللواء عدنان حسن، جاء بأمر السوداني، لتولي منصب قائد شرطة الكرخ كبديل، بينما حل نائبه اللواء الركن خير الله عيسى، محله”.
وكانت وزارة الداخلية، كلفت اللواء مشتاق الحميري بمنصب قائد شرطة بغداد الكرخ، في أواخر نيسان أبريل الماضي، خلفا للقائد السابق اللواء بلاسم الجنابي.
وتداولت وسائل إعلام أمس الجمعة، أنباء عن نقل اللواء مشتاق صباح محمد غزال الحميري، من منصب قائد شرطة بغداد الكرخ إلى منصب نائب مدير شرطة الطاقة ضمن ملاك وكالة الوزارة لشؤون الأمن الاتحادي، كما أشارت إلى نقل اللواء عدنان حسن حمد درويش، من منصب قائد قيادة حدود المنطقة الثانية وتكليفه بمهام منصب قائد شرطة بغداد الكرخ ضمن ملاك وكالة الوزارة لشؤون الشرطة، لافتة إلى تكليف اللواء الركن خير الله عيسى عروة بمهام منصب قائد قيادة حدود المنطقة الثانية.
من جهته، يذكر الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث له أن “تدوير المناصب الأمنية والتغييرات التي تجرى بين مدة وأخرى تأتي بطريقين؛ الأول أن تكون التغييرات بعد انقضاء المدة الأصغرية البالغة من سنتين إلى أربع سنوات، وهذا أمر طبيعي في النظام العسكري والأمني”.
ويضيف أبو رغيف، أن “الطريق الثاني، هو تقييم ما أنتجه القائد خلال مدة أقصاها 100 يوم، أي ما قدمه من كفاءة وقدرة وتوفير مناخات أمنية جيدة وملاحظة مدى استقرار قاطعه الأمني وإحباطه للعمليات الإجرامية وحجم الخروقات التي حدثت، وهنا تحدث عملية تقييم ومن ثم تغيير، وبهذه الطريقة تم تبديل هؤلاء القادة مؤخرا”.
ويتابع: “حينما يتم تشخيص خلل في عمل قائد، قطعا لن تقف الوزارة متفرجة أمام الإخفاقات التي حدثت”، لافتا إلى أن “قائد شرطة الكرخ لم يكن بمستوى الكفاءة والطموح بما يتناسب مع منصبه الحيوي والحساس، لاسيما أن قاطع الكرخ ممتد امتدادا جغرافيا كبيرا فضلا عن الكثافة السكانية واحتوائه مرافق حيوية مهمة كمطار بغداد الدولي ومراكز أخرى تقع ضمن مسؤولياته”.
ويكمل أبو رغيف أن “التناغم لم يكن موجودا في القطعات الأمنية بجانب الكرخ إبان مدة تسلمه قيادة شرطة الكرخ”، مؤكدا أن “وزير الداخلية يملك خبرة متراكمة وهو يعي مستوى نجاح قائد ما من إخفاقه”.
وكان متوقعا أن يتسنم اللواء الحميري منصب وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة، إذ كشف مصدر أمني في تقرير ، في 30 أيار مايو الماضي، بأن وكيل الوزارة الفريق عادل الخالدي الذي بلغ سن التقاعد يحضر اللواء مشتاق الحميري خلفا له، وهو سيناريو رسمه الأول، عندما جاء باللواء الحميري على رأس قيادة شرطة الكرخ، كي يكمل فترة 4 أشهر كقائد شرطة تحضيرا لمنصب الوكيل، بيد أن إخفاقه في إدارة قيادة شرطة الكرخ عجّل بأمر نقله.
إلى ذلك، يرى الخبير الأمني علاء النشوع، خلال حديث لـه، أن “كل دول العالم تعتمد معايير خاصة لتعيين القادة، لذا تقوم بالدعم المناسب لغرض إعداد شخصيات وقادة يحملون مواصفات خاصة، لأن الحاجة اليهم ضرورية وملحة للحفاظ على مقدرات الأمن القومي للبلد وخاصة الأمن الداخلي العام”.
ويضيف النشوع، أن “العراق بعد 2003 ومع كل الدعم الأمريكي والغربي للحكومات التي تعاقبت بعد 2005 لم يستطع أن يجد ويصنع مثل هذه الشخصيات لأسباب ومتغيرات كثيرة منها الفوضى الأمنية والتدخلات الإقليمية والدولية والمحاصصة الحزبية والطائفية وانهيار مفهوم الوعي الأمني في المجتمع”.
ويشير الخبير الأمني، إلى “وجود تخبطات كثيرة منها التعددية في اختيار القيادات الأمنية وتبديلها وفقا لأجندات الأحزاب السياسية إضافة إلى التأثيرات الإقليمية على قضية الولاء والعمل وفق سياقات خدمة الأجندات دون أن تكون هناك روية حقيقية لنظرية الأمن الوطني الداخلي التي أصبحت أولوياتها ثانوية، فكان اختيار القيادات فاشلا ما أدى إلى خروقات أمنية خطيرة ومع ذلك لم نسمع أو نشاهد أن هذه القيادات قد أحيلت إلى التحقيق وتمت محاسبتها وذلك لحمايتها من قوة متنفذة في صنع القرار”.
وتشهد المناصب العليا في الوزارات، بما فيها الأمنية، تقاسما على أساس المكونات الرئيسة (الشيعة والسنة والكرد)، تحت مسمى “التوازن”، وهو ما تضمنه الدستور العراقي، وغالبا ما توزع الحصص حسب الثقل السياسي للكتل السياسية الممثلة لكل مكون، ومدى نفوذها وقوتها في كل دورة نيابية.