إشكال قانوني يواجه إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المقرر في كانون الأول ديسمبر المقبل، تمثل بانتهاء ولاية مجلس المفوضين في المفوضية الانتخابات بعد أقل من شهر من إجراء الانتخابات، ما يضعها أمام مأزق لحسم الشكاوى والطعون التي ستحتاج إلى مجلس كامل الصلاحية، وفيما كشفت المفوضية أن البرلمان على دراية بهذه التوقيتات ولم يعالجها حتى الآن، أكد خبير قانوني استحالة إجراء الانتخابات في هذا الوضع مرجحا تأجيلها.
ويقول رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات عماد جميل، خلال حديث لـه إن "ولاية مجلس المفوضين تنتهي يوم 7 كانون الثاني (يناير) 2024، ورغم ذلك، فإن مجلس النواب أقر قانون الانتخابات وكلف إدارة هذا المجلس بإدارتها، مع علمه بموعد نهاية ولاية هذا المجلس".
ويضيف جميل، أن "هناك أكثر من حل لمعالجة هذا الإشكال القانوني، فهناك إمكانية لتمديد ولاية المجلس أو اختيار مجلس جديد قبل انتهاء ولايته، وهذا الأمر يعود لمجلس النواب، فهو من يمتلك هذه الصلاحيات".
ويلفت إلى أنه "بعد الانتخابات وإعلان النتائج، يحتاج الأمر لما يقارب الشهر لحسم هذا الملف، خصوصاً مع وجود شكاوى، لذا فنحن نحتاج إلى شهر بعد الانتخابات لحسم الملف والمصادقة على النتائج، وبالتالي سيكون هناك نقص في عمر مجلس المفوضين بما يقارب أسبوعا واحدا، وفي هذه الفترة نحتاج مجلس مفوضين بكامل الصلاحية".
وكان النائب جواد اليساري، كشف في بيان يوم أمس الثلاثاء، عن رغبة الأحزاب بتأجيل الانتخابات المحلية، لثلاثة أسباب، أولها عدم إكمال قوائمها الانتخابية، والثاني رفض الشارع لعودة مجالس المحافظات، والثالث هو انتهاء ولاية مجلس المفوضين الحالي في المفوضية بالتزامن مع ظهور نتائج الانتخابات.
يشار إلى أنتقاري سابقة كشفت، عن رغبة الإطار التنسيقي بتأجيل الانتخابات المحلية لأسباب كثيرة، منها حسم التحالفات من جهة، ومحاولة إقناع التيار الصدري بالمشاركة بشكل علني في هذه الانتخابات وليس عبر قوائم يدعمها "سرا"، وذلك حتى تضمن الحكومة مشاركة كافة الأطراف وليس طرفا واحدا، وهو الإطار التنسيقي.
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قد حدد يوم 18 من شهر كانون الأول ديسمبر المقبل موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023.
من جهته، يبين الخبير في الشأن القانوني أمير الدعمي، خلال حديث لـه أن "المادة 7 من قانون المفوضية، تنص على أن ولاية مجلس المفوضين تكون لمدة أربع سنوات غير قابلة للتمديد، وتبدأ من صدور المرسوم الجمهوري".
ويشير الدعمي، إلى أنه "عند انتهاء ولاية مجلس المفوضين، فلا يمكن إجراء أي انتخابات، إلا بعد انتخاب مجلس مفوضين جديد بحسب الآلية التي حددها القانون، وهو أن يتم ترشيحهم من قبل مجلس القضاء الأعلى"، مبينا أن "تأجيل إجراء انتخابات مجالس المحافظات، بسبب هذه المشكلة القانونية أمر وارد جداً، ولذا يجب أن يكون هناك حل قانوني سريع لها من قبل مجلس النواب، وبالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى، وبخلاف ذلك لن تكون هناك انتخابات".
ويحمّل مجلس النواب مسؤولية تلك الثغرة القانونية، لـ"كونه حدد 20 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، كأقصى موعد لإجراء الانتخابات، دون أن يأخذ بالحسبان المدة الدستورية لمجلس المفوضين"، مقترحا على مجلس النواب أن "يقوم بتعديل قانون الانتخابات، ويغير أقصى موعد، ليعود رئيس الوزراء فيغير موعد إجراء الانتخابات حتى يتلاءم مع المدة الدستورية لمجلس المفوضين".
يذكر أن مجلس المفوضين الحالي لمفوضية الانتخابات، هو ذاته الذي كان مسؤولا عن إجراء الانتخابات النيابية التي جرت في أواخر عام 2021.
يشار إلى أن الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات والبرلمان، ستكون وفق نظام سانت ليغو، حسب القانون الذي صوت عليه مجلس النواب، واعتبر كل محافظة هي دائرة انتخابية واحدة.
وكانت تقارير سابقة سلطت الضوء على قانون سانت ليغو، ووفقا لمراقبين بالشأن السياسي فإنه سيؤدي إلى خفض نسبة المشاركة بالانتخابات لمستوى أقل من الانتخابات الأخيرة، والتي عدت في حينها بأنها أقل نسبة مشاركة منذ العام 2003.
إلى ذلك، يؤكد المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي عماد المسافر، خلال حديث لـه، أن "إحدى المشاكل التي تواجه مفوضية الانتخابات بملف إجراء انتخابات مجالس المحافظات، هو انتهاء ولاية مجلس المفوضين، بعد فترة قصيرة من إجراء الانتخابات".
ويؤكد المسافر، أنه "لا يوجد وقت كاف بقضية الدعوى والشكاوى على نتائج الانتخابات، التي دائما ما تكون موجودة وفي كل انتخابات، وهذه مشكلة فنية وقانونية، والكل يعمل من أجل إيجاد حلول لها".
ويشير إلى أن "المشاكل الفنية والقانونية، يمكن تلافيها بطريقة أو بأخرى، خصوصاً وأن هناك مصلحة عامة بإجراء انتخابات مجالس المحافظات وفق موعدها المعلن، وهذه المصلحة تدفع لحل كل المشاكل الفنية والقانونية وكافة العقوبات"، معربا عن أمله بأن "يكون هناك حل للمشكلة القانونية وإجراء الانتخابات دون أي تأجيل".
وكانت هيئة النزاهة، أعلنت مطلع تموز يوليو الماضي، البدء بإجراءات تدقيق الذمم المالية لرؤساء ومؤسسي الأحزاب، في إطار تحضيرات انتخابات مجالس المحافظات، وأكّدت الهيئة أنّها طلبت من الجهات المختصة إرسال أسماء المشمولين بـواجب الإفصاح عن الذمة المالية من رؤساء الأحزاب وأعضاء الهيئات المؤسّسة، وأسماء رؤساء منظمات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن استجابة رؤساء الأحزاب "متدنية جدًا"، بالمقارنة مع الجهات الأخرى المشمولة بإجراءات كشف الذمم.