مشروع منطقة الشعبة الخامسة، في مدينة الكاظمية شمالي العاصمة بغداد، وتحويلها إلى منتجع سياحي، أثار انقساما في الآراء حول غايته وجدواه، ففيما كشف مصدر أن المشروع يقف خلفه أحد أعضاء مجلس النواب، كشف عن أعداد ومصير السجناء الموجودين في هذه المنطقة العسكرية.
وفيما أيّد خبير أمني إبعاد السجون عن المدن المأهولة بسبب خطورتها، شدد على ضرورة دراسة قدرة السجون على استيعاب نزلاء “الشعبة الخامسة”، في وقت أشار فيه مختصون إلى عدم جدوى المشروع اقتصاديا.
ويكشف مصدر مطلع، ، أن “مشروع إحالة منطقة الشعبة الخامسة إلى الاستثمار يقف خلفه مسؤولون ومتنفذون، بينهم رئيس هيئة الاستثمار النيابية، حسن قاسم الخفاجي، الذي كان يدفع باتجاه اتخاذ هذا القرار من قبل الحكومة”.
وعلى الرغم من عدم معرفة المصدر، بمصلحة النائب الخفاجي، وانتفاعه من هذا المشروع، إلا أن الأخير هو شقيق المسؤول عن مجمع قرية الكاظمية (مشروع استثماري سكني) الذي يبعد عن الشعبة الخامسة بأقل من كيلومتر، والواقع على نفس المسافة من شارع المحيط المعروف بغلاء عقاراته.
النائب الخفاجي مع شقيقهيشار إلى أن النائب “المستقل” حسن الخفاجي، عرف بجولاته في أرض الطي، وهي بساتين تم التجاوز عليها من قبل مواطنين، وقاموا بتشييد منازلهم فيها، بشكل مخالف للقانون، الأمر الذي يحظر عليهم الاستفادة من الخدمات التي توفرها الحكومة وأمانة بغداد، لكن رئيس هيئة الاستثمار، وعدهم بتقديم الخدمات اللازمة، دون أن يتطرق للمشروع السكني المذكور.
ووفقا للمصدر الذي رفض ذكر اسمه، فإن “السجن حاليا يحتوي على مجموعة أقسام، منها الحماية القصوى وفيه نحو 865 سجينا، وسجن العدالة وفيه نحو 235 سجينا”.
وعن مصير هؤلاء السجناء، يشير إلى أن “السجناء المحكومين بالإعدام إلى سيتم نقلهم إلى سجن الحوت المركزي في مدينة الناصرية جنوبي العراق”، فيما لفت إلى أن “السجناء المحكومين بأحكام خفيفة سيتم نقلهم إلى سجن أبي غريب”.
وتُعرف منطقة “الشعبة الخامسة” الواقعة عند مدخل مدينة الكاظمية بـ “مُعسكر العدالة” وكان يطلق عليها تسمية “شعبة الاستخبارات الخامسة” في عهد النظام السابق الذي أُعدم رئيسه صدام حسين داخل هذه المنطقة، واشتهرت قبل 2003 بأنها من أشد السجون قسوة وإجراماً وكان ذكرها يثير الرعب في قلوب العراقيين، وعادة من يدخلها لا يخرج حياً إلا في حالات نادرة، حيث يتعرض المعتقلون لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
من جانبها، ترى عضو مجلس النواب زهرة البجاري، خلال حديث لـه، أن “إحالة منطقة الشعبة الخامسة إلى الاستثمار لا ضرر فيه في حال إيجاد أماكن مناسبة للسجناء، فمن الخطأ، أمنيا، وجود السجون بالقرب من الأحياء السكنية”.
وتضيف البجاري، أن “السجون في كل دول العالم، تكون بمواقع محيطها فارغ لكي تسهل حراستها، وأيضا لمنع عمليات الهروب، خاصة أنها تحصل بفترات معينة في العراق”.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة، باسم العوادي، كشف منتصف الشهر الحالي، عن خطة إعمارية متكاملة لمدينة الكاظمية في العاصمة بغداد، تتضمن إخلاء المنطقة العسكرية وتحويل ما كان يُعرف بـ”الشعبة الخامسة” إلى متحف لتوثيق جرائم النظام السابق، وربطها بجانب الرصافة بجسر معلق، وإنشاء مرافق خدمية وثقافية ورياضية.
بدوره، يتفق الخبير الأمني هيثم الخزعلي، مع البجاري، في أن “منطقة الشعبة الخامسة ذات موقع استراتيجي ممكن أن يكون فرصة مهمة للاستثمار إلى جانب فوائد أخرى، إضافة إلى أن وجود السجون داخل المدن خطأ من الناحية الأمنية لأن أي سجين فيما لو استطاع الهروب، يصعب العثور عليه، لأنه من الممكن أن يختفي وسط السكان”.
ويضيف الخزعلي، خلال حديث لـه، أن “وجود السجون في أماكن خارج المدن، أي معزولة نسبيا، يحقق أمنا أكبر، بشرط أن تكون مؤمنة بقوة كافية”، مشددا على ضرورة أن يتم حساب قدرة السجون الاستيعابية التي سيتم نقل سجناء الشعبة الخامسة لها، وإمكانية تأمينها، كما لابد من حسم ملفات بعض من حكموا منذ فترة طويلة”.
وسجلت السجون العراقية ارتفاعا ملحوظا في الفترات الأخيرة مقارنة عما كانت عليه قبل 2003، بسبب تصاعد أنواع الجرائم نتيجة لانتشار السلاح، كما أن عدم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق المئات من المسجونين ساهم بتكدس أعداد كبيرة منهم في السجون.
إلى ذلك، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي علي كريم إذهيب، خلال حديث لـه ، أن “هذه المشاريع ليست ذات جدوى اقتصادية أو استثمارية، كون العاصمة بحاجة لتوسعة أكبر خاصة فيما يتعلق باستثمار مناطق أطراف بغداد الجرداء، بدلا من استثمار مبان سابقة داخل العاصمة والتي منها مبنى الشعبة الخامسة”.
ويضيف إذهيب، أن “الشعبة الخامسة مساحتها كبيرة، والأفضل تحويلها لمساحات أو أحزمة خضراء خصوصا أنها قريبة من نهر دجلة لتقوم بتقليل التلوث عن مناطق الكاظمية وما يجاورها في جانب الكرخ”، مؤيدا “ضرورة الحفاظ على جانب من مساحة هذه الشعبة الكبيرة لتبقى شاهدا على عمليات التعذيب والإعدامات التي عرفتها في الماضي خلال فترة النظام السابق”.
وكانت الحكومة أعلنت أن المشروع سيتضمن سيتم تحويل المبنى الخاص بمقر ما كان يعرف بـ”الشعبة الخامسة” إلى متحف كبير، ليكون “شاهدا على إجرام النظام البعثي ضد العراقيين، ولأنه يجسد أيضا تضحيات وبطولات الشهداء الذين وقفوا ببسالة وشجاعة ضد النظام الدكتاتوري، حيث سيحتفظ هذا المتحف بكل الوثائق والأدلة التاريخية وأدوات التعذيب والشواهد الأخرى، لتكون شاهداً حياً للأجيال وللتاريخ على مآسي حقبة الطغيان ونضالات شعبنا وتضحياته”.