منذ تفجّر الأوضاع في لبنان واغتيال زعيم حزب الله، توقفت عمليات استهداف الفصائل للمصالح الأمريكية في العراق على نحو غير متوقع بعد عدة ضربات “انتقامية مما يحصل في غزة”، ويعزو مراقبون هذا التوقف إلى أسباب منها، عدم تأثير هذه الضربات والخوف من رد أمريكي “حازم”، ومنح الحكومة فرصة للتفاوض على الانسحاب، فيما يرى مقرب من الفصائل أن إيقاف الضربات هو لتفويت أي ذريعة للأمريكان للبقاء أطول.
ويقول الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث ”، ان “إيقاف عمليات الفصائل العراقية ضد الأهداف والمصالح الأمريكية في العراق، جاء بعد تهديدات أمريكية حقيقية بالرد العسكري الأمريكي، في حال تمت أي عملية استهداف للفصائل، ولهذا أوقفت تلك الفصائل عملياتها”.ويضيف الحكيم، أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ضغط بشكل كبير على الفصائل وبطلب من قادة الإطار التنسيقي وحتى من شخصيات إيرانية لوقف تصعيد الفصائل ضد الأمريكان خشية من الرد الأمريكي وانعكاسه على عموم الوضع الأمني والعسكري في العراق، ولهذا أوقفت تلك الفصائل عملياتها”.
ويتابع أن “الفصائل تبرر إيقاف عملياتها ضد الأمريكان بأنه جزء من منح الحكومة العراقية مجال للتفاوض مع الجانب الأمريكي لسحب قواتها، رغم أن الكل يعلم أن الولايات المتحدة الامريكية، لا تنوي أي انسحاب قريب من العراق، ورغم ذلك الفصائل أوقفت عملياتها”.
يذكر أن حكومتي العراق والولايات المتحدة، أعلنتا في 28 أيلول سبتمبر الماضي، في بيان مشترك، أن المهمة العسكرية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق ستنتهي بحلول أيلول سبتمبر 2025، على أن يتم الانتقال إلى شراكات أمنية ثنائية.
وكانت كتائب “حزب الله العراق” إحدى فصائل “المقاومة العراقية”، طالبت السوداني، قبل صدور البيان أعلاه بساعات، بـ”عدم التعجل في الإعلان عن أي اتفاق مع العدو الأمريكي قبل إتمام التفاهم مع قادة الإطار التنسيقي، وتنسيقية المقاومة العراقية”، لافتة في بيان لها إلى أن “توقيت الإعلان غير مناسب، لاشتراك الأمريكان وتورطهم في المجازر الوحشية وجرائم القتل الجماعي بحق الأطفال والنساء والأبرياء، وعمليات الغدر التي تحدث في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا”.
وكانت بغداد وواشنطن قد توصلتا في وقت سابق من شهر أيلول سبتمبر الماضي، إلى اتفاق حول انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، وذلك وفق خطة يجري تنفيذها على مراحل.من جهته، يبين الخبير في الشأن العسكري أحمد الشريفي، خلال حديث ، أن “الكل يعلم ويدرك جيدا بانه لا انحساب أمريكي من العراق والتفاوض الحالي بين بغداد وواشنطن يتعلق حصرا بعمل ومهام التحالف الدولي، وليس الوجود العسكري للجيش الأمريكي، وهذا واضح من البيانات الرسمية سواء العراقية والأمريكية هي الاوضح”.
ويلفت الشريفي إلى أن “الفصائل العراقية أوقفت عملياتها ضد الأمريكان، لسببين أولا لعدم تاثيرها على عملياتها لنصرة غزة ثم لنصرة لبنان، كونها تؤمن بوحدة الساحات في مواجهة إسرائيل، والأمر الآخر لإبعاد الحرج عن السوداني وحكومته وكذلك لمنع أي ردود أفعال أمريكي عسكرية ضدها أو ضد قياداتها في حال استهدفت الفصائل الأمريكان مجدداً، وهذا الأمر واضح جدا”.
ويؤكد أن “الامريكان كانوا واضحين خلال الآونة الأخيرة مع السوداني بأن أي استهداف ضدهم سيدفع نحو رد عسكري صارم ضد الفصائل، وهذه الرسائل دفعت لوقف العمليات بضغط من السوداني وكذلك الفصائل لا تريد توسعت الجبهات حاليا خاصة وهي داخلة بقوة في الحرب ضد إسرائيل، ولا نعتقد ستعاود تلك الفصائل ضرب الأمريكان، فهي تعرف أن هذا الأمر ربما ستكون تداعياته كبيرة”.
يذكر أن الفصائل المسلحة، توقف عن استهداف القواعد الأمريكية، قبل صدور بيان الانسحاب المشترك، كما بدأت مرحلة جديدة من العمليات، تتمثل باستهداف إسرائيل، وازدادت وتيرتها بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.يشار إلى أن الفصائل المسلحة ومنذ منتصف تشرين الأول أكتوبر 2023، بدأت باستهداف القواعد الأمريكية في العراق، وذلك بالتزامن مع حرب غزة، حيث أعلنت الفصائل أن استهدافها للقوات الأمريكية، ردا على الدعم الأمريكي لإسرائيل.إلى ذلك، يبين المحلل المقرب من الفصائل المسلحة علي فضل الله، خلال حديث ”، أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لديه تفاهمات كبيرة مع قوى الإطار التنسيقي، التي هي قريبة جدا من فصائل المقاومة الإسلامية، وهذه الفصائل تدرك جيدا أن الجانب الأمريكي يريد أن يبقى لفترة أطول مع قواته العسكرية داخل العراق، وواشنطن تريد حجج واعذار لتمديد البقاء”.ويشير إلى أن “استهداف المصالح والأهداف الأمريكية من قبل فصائل المقاومة الإسلامية داخل الأراضي العراقية في الوقت الحالي مستبعد، ليس بسبب ضعف الفصائل، وإنما لغرض تجريد الجانب الأمريكي من ذريعة البقاء لأطول فترة ممكنة في العراق”.
ويؤكد أن “هناك إمكانية لدى رئيس الوزراء أن يقنع فصائل المقاومة الإسلامية بهذه الرؤية وهناك تفهم من قبل الفصائل، ولهذا لا نعتقد هناك أي إحراج للسوداني خلال المرحلة المقبلة، وإذا ما تم استهداف المصالح والأهداف الأمريكية، فسيكون ذلك من خارج الجغرافية العراقية”.
يشار إلى أن التصعيد السابق بين الفصائل المسلحة وأمريكا، شهد ردودا عسكريا من قبل واشنطن، وكان آخرها قصف مدينة القائم المحاذية للحدود السورية، وقد أكدت القيادة المركزية التابعة للجيش الأمريكي في حينها، أن قواتها شنت غارات جوية في العراق وسوريا استهدفت بها مواقع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني وجماعات الميليشيات التابعة له، وقالت القيادة، إن القوات العسكرية الأمريكية ضربت أكثر من 85 هدفا مع العديد من الطائرات التي تضم قاذفات بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة.يشار إلى أن الردود الأمريكية على استهدافات الفصائل المسلحة، تضمنت أيضا عمليات اغتيال لقادة في تلك الفصائل وسط العاصمة بغداد، عبر صواريخ موجهة ودقيقة.