فيما رحب الاتحاد الوطني الكردستاني، بإسقاط الطائرة التركية المسيرة في كركوك، عزا تحليق الطيران التركي فوق المحافظة، إلى “أطماع أنقرة” في حكومتها المحلية التي تشكلت بعيدا عن “المحور التركي”، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني، وجد هذا الحديث ضربا من “الخيال”، متهما “الاتحاد” بإيجاد ذريعة للتوغل التركي من خلال دعمه حزب العمال المناوئ لأنقرة.
ويرى القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد هركي، خلال حديث لـه، أن “ما حصل في كركوك من الجانب التركي حدث خطير، وفيه انتهاك للسيادة العراقية، لم يراع فيه الأتراك مبادئ حسن الجوار التي يدعون إليها”.
ويضيف هركي، خلال حديث لـه “إذا كانت هناك ملفات أمنية وسياسية واقتصادية فلا تحل بهذه الطريقة، فلدينا حدود مع بعض ويجب احترام سيادة البلدان، وما حصل مؤخراً يعد أمرا عدائياً، خاصة أن كركوك لا تضم وجودا لحزب العمال وهو الذريعة التي يتحجج بها الجانب التركي”.
ويشير إلى أن “ما تقوم به أنقرة من قصف وبناء قواعد وانتشار عسكري شمالي العراق تبرره بملاحقة عناصر حزب العمال، فكيف تبرر التجاوز على كركوك التي لا تحتوي على أي مقر أو وجود لحزب العمال”، لافتا إلى أن “وجود طائرة استطلاعية تجسسية في سماء المدينة، دليل على وجود أطماع لتركيا في كركوك”.
وفي تطور يحصل للمرة الأولى، قامت الدفاعات الجوية العراقية بإسقاط طائرة تجسس تركية حلقت في كركوك، على الرغم مما تقوم به القوات التركية من هجمات وتوغل وبناء قواعد عسكرية منذ سنوات في محافظات إقليم كردستان.
وأفاد مصدر أمني، في وقت سابق، بسقوط الطائرة التركية وسط محافظة كركوك، مبيناً أن الدفاعات الجوية العراقية هي من أسقطت الطائرة بسبب عدم وجود إذن للطيران من قبل القوات العراقية.
من جهته، يؤكد السياسي الكردي المستقل، نجاة نجم الدين، خلال حديث لـه، أن “ما يحصل في كركوك دليل واضح على الأطماع التركية لاحتلال المدينة، خاصة بعد فشل المحور التركي بتشكيل الحكومة المحلية في كركوك وبالتالي فشل أنقرة بالسيطرة على المدينة إدارياً وسياسياً، فهي اليوم تسعى للسيطرة على المدينة عسكرياً، وأمنياً”.
ويضيف نجم الدين أن “ما قام به الجيش التركي يعد انتهاكاً وتطوراً خطيراً، ففي كل مرة تركز عمليات أنقرة على مناطق حدودية في إقليم كردستان أو سنجار ومخمور في محافظة نينوى، ولكن أن تقوم طائرة تجسسية بخرق حدود العراق بعمق يصل لأكثر من 400 كيلومتر، فهذا يؤكد أطماع تركيا في المدينة، والسعي لمهاجمتها”.
ويردف أن “تركيا تريد استطلاع الوضع في المدينة، ضمن سعيها لشن هجمات على كركوك ونينوى، واحتلالهما، لأن فشل مخطط أنقرة في المحافظتين، أدى لغضب إدارة أردوغان، وما جرى من تحرك لطائرة عسكرية فوق أجواء مدينة مستقرة وبعيدة وليس فيها أي عنصر من حزب العمال التي تدعي تركيا محاربته، وتتخذه ذريعة، يؤشر وجود مساع تركية لاحتلال كركوك والموصل، والسيطرة عليهما عسكرياً”.
ويتابع أن “الحكومة التركية وعن طريق الاتفاقية الأمنية الموقعة مع الحكومة العراقية، تسعى للتقدم في مناطق أكثر عمقا، والخطة الأولى تتضمن التجسس والاستطلاع والسيطرة على أجواء تلك المدينة، بحجة محاربة حزب العمال، ثم العمل العسكري”، لافتا إلى أن “خير ما قام به الجيش العراقي هو إسقاط الطائرة، فهذا أفضل رد على تصرفاتهم الاستفزازية”.
وعلقت وزارة الخارجية التركية، يوم الخميس، على حادث إسقاط الطائرة، وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيسيلي، في تدوينة له على منصة إكس، إن “أنقرة تنسق مع السلطات في بغداد، لتوضيح حادث سقوط طائرة مسيرة تركية في مدينة كركوك بالتفصيل”، مضيفا، أن “تركيا ستدافع عن نفسها في إطار المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وأن العراق وتركيا لديهما إرادة مشتركة في الحرب ضد الإرهاب”.
لكن عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني شيرزاد حسين، يصف من جانبه، ، الحديث عن وجود محور تركي كان يسعى لتشكيل حكومة كركوك بأنه “من وحي من الخيال، ولا وجود لهكذا قضية إطلاقاً”.
ويلفت حسين، إلى أن “الحزب الديمقراطي كان يسعى لتشكيل حكومة محلية في كركوك تضم الجميع ولا تستثني أحدا، ولكنه (الاتحاد الوطني) اعتاد على المؤامرات، ويرمي التهم جزافا، وأن ما قام به في كركوك كان مؤامرة أرادت إبعاد جهات معينة، ومنها الحزب الديمقراطي، الذي لا يهتم بالمناصب”.
وشكل الاتحاد الوطني الكردستاني بالاتفاق مع ثلاثة من الأعضاء العرب الحكومة الجديدة في كركوك، فيما غاب عنها الحزب الديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية، وحزب السيادة بزعامة خميس الخنجر، وجميع هؤلاء مقربون من أنقرة.
ويوضح حسين، أن “تعاونه مع حزب العمال الكردستاني والفصائل المساندة له، وما يقوم به من أفعال، هو من أعطى الذريعة لتركيا، لتقوم بعملياتها، سواءً في كردستان أو كركوك أو سنجار، أو مخمور أو مناطق كرميان”، داعيا الحكومة الاتحادية إلى “إبعاد حزب العمال من جميع مناطق العراق”.
ومنذ مطلع العالم 2021، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.