25 Jun
25Jun

وسط أجواء تنذر باشتعال الجبهة بين طرفي الصراع اللبناني والإسرائيلي، وجد مراقبون للشأن السياسي أن العراق غير بعيد عن الخطر من شرر هذه الحرب لو اشتعلت، لاسيما مع عدم قدرة الدولة على ضبط إيقاعات حركة السلاح المنفلت سواء داخل البلاد أو في محيطه الإقليمي، وفيما لفتوا إلى أن طهران ستحرك الفصائل الموالية لها لو تطور الأمر هناك، شددوا على ضرورة أن يتبع العراق سياسة مسك العصا من الوسط للنأي عن الخطر.
وبهذا الصدد، يقول المحلل السياسي المقيم في واشنطن، نزار حيدر، خلال حديث لـه إنه “لحد هذه اللحظة فإن احتمالية اشتعال الجبهة اللبنانية تدور في دائرة الحرب النفسية، فلقد أعلنت كل الأطراف المعنية بمن فيها زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، بأنهم لا ينوون الدخول بحرب شاملة، فضلا عن الجهود المضنية التي يبذلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتجنيب لبنان الدخول بمثل هذه الحرب”.
ويضيف “وليعلم الجميع، وخاصة لبنان، أن مثل هذه الحرب ستدمره عن بكرة أبيه من دون أن يذرف أحد دمعة واحدة كما يحصل في غزة الشهيدة منذ ثمانية أشهر”.
ويلفت حيدر إلى أنه “إذا اشتعلت الجبهة اللبنانية فإن المتأثر الأكبر والأول بعد لبنان سيكون العراق لأسباب عدة؛ أبرزها ضعف الدولة فهي غير قادرة على ضبط إيقاعات حركة السلاح المنفلت سواء داخل البلاد أو في محيطه الإقليمي، ولقد رأينا بالتجربة أن الدولة وكل مؤسساتها عاجزة عن ذلك وأن الانفلات المسلح ممكن في أية لحظة”.
ويستدرك “لولا الرد الأميركي العنيف قبل أشهر لما استطاعت الدولة أن تفرض إرادتها على السلاح المنفلت الذي ينشط حسب الطلب لصالح أجندات الغرباء وفي اللحظة التي يستلم فيها الأوامر حتى من دون نقاش”.
ويردف “في العراق أكبر عدد ممكن من الوكلاء الذين يتقاسمون الأدوار بحسب الطلب كما أسلفت، وهؤلاء لا علاقة لهم بالدولة فقرارهم مرهون خارج الحدود، وكلهم يعتبرون أنفسهم أجزاء في مشروع عالمي للمقاومة ولا يأخذون بعين الاعتبار مصالح العراق وأمنه القومي الإستراتيجي”.
ويؤكد حيدر على أن “الأطراف المسلحة مصممة على تدمير البلاد والحيلولة دون استقرارها وبالتالي دون نهوضها، وهؤلاء يتحركون خارج مديات الصالح العام لا يأخذون حتى بكلام المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف إذا كانوا متدينين كما يزعمون، فهم يعرفون جيدا أن متبنيات النجف الأشرف هي احترام الدولة وقوانينها والانخراط في المؤسسة الأمنية والعسكرية الرسمية إذا كانوا ينوون الدفاع عن العراق وسيادته وهيبته”.
ويشدد على أنه “إذا أراد العراق أن يتجنب الانخراط بمثل هذه الأزمات ليحمي أمنه القومي ومصالحه العليا فلا يكفي أن يكون قراره الرسمي إمساك العصا من الوسط وتبني سياسة النأي بالنفس، كما تعلن ذلك حكومة السوداني، وأنما يلزمها اتخاذ كل الإجراءات للالتزام عمليا بهذه الشعارات البراقة من خلال لجم سلاح الميليشيات أولا قبل أن تورط العراق بأزمة هي أكبر منه ومن واقعه الأمني والسياسي، خاصة وأن الدستور واضح في ذلك عندما حمل مجلس النواب حصرا مسؤولية إعلان الحرب والسلم وبأغلبية الثلثين بعد اقتراح مشترك يقدمه رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء”.
وكان حزب الله اللبناني قد انخرط في توجيهات الضربات الجوية بالطائرات المسيرة في اليوم التالي لعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” في السابع من تشرين الأول أكتوبر 2023، وفي حينها أطلقت حزب الله طائرات مسيرة ضربت أهدافا إسرائيلية.
وواصل الحزب هجماته الجوية بالطائرات المسيرة والصواريخ في فترات متقطعة واستطاع في العديد منها الوصول إلى أهداف عسكرية مهمة في الجانب الإسرائيلي.
وبعد نحو أسبوعين من دخول حزب الله اللبناني طرفا في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، أعلنت “المقاومة الإسلامية في العراق” في 21 تشرين الأول أكتوبر 2023 عن تنفيذها هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة على مواقع عسكرية أميركية في العراق وسوريا، ردا على العدوان الإسرائيلي المدعوم من قبل الولايات المتحدة على قطاع غزة، بحسب بيان لها .
من جهته، يوضح الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، خلال حديث لـه أن “الهدنة التي جرت بين الفصائل العراقية والقوات الأميركية تمت بناء على اتفاقات غير مباشرة أميركية إيرانية، وهذه الهدنة كانت برغبة من قبل الجانب الإيراني أولا لأن الإيرانيين لا يريدون تصعيد الصراع مع الولايات المتحدة فهم يريدون أن يتم تحييد واشنطن وجعل الصراع إيراني إسرائيلي”.
ويحذر من أنه “إذا توسع الصراع وهاجمت إسرائيل جنوب لبنان واشتبكت مع حزب الله الذراع العسكري الأقوى للحرس الثوري الإيراني فسوف لن تكون هناك أية تهدئة وستبلغ طهران الفصائل الموالية لها في المنطقة وخاصة الفصائل العراقية بالدخول بهذه الحرب ومهاجمة المصالح الأميركية في العراق والمنطقة”.
وينبه إلى أن “المتضرر الأول من ذلك هو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وحكومته لأن الأوضاع ستكون معقدة خاصة بعد إعلان أميركا مواصلة الدعم لإسرائيل في حربها ومنها الحرب المرتقبة ضد حزب الله، ولهذا الحرب ستكون لها تداعيات كبيرة وخطيرة على الداخل العراقي”.
ويوم السبت الماضي، كشف مسؤول دفاعي في المكتب الإعلامي بعمليات سلاح البحرية في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، إن حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” ستغادر البحر الأحمر وتتوجه إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، في مهمة تقضي بدعم أي عمليات عسكرية قد تفرضها التطورات بين لبنان وإسرائيل، بحسب وسائل إعلام غربية.
يأتي ذلك في وقت تصاعدت فيه التوترات بين حزب الله اللبناني وإسرائيل خلال الأيام القليلة الماضية، غير أن مسؤولا أميركيا أكد أن انتقال “أيزنهاور” لا علاقة له بالتصعيد الأخير بين إسرائيل وحزب الله.
بدوره يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه، أنه “إذا اندلعت الحرب ما بين حزب الله وإسرائيل، وهذا الأمر مرجح خلال الفترة القليلة المقبلة، لا نتوقع أن العراق سيكون ضمن هذه الحرب بأي شكل من الأشكال، بل سيكون بعيدا تماما عن هذه الحرب”.
ويبين أن “بعض الأطراف المسلحة العراقية ربما تعمل على تقديم بعض الدعم اللوجستي عن طريق سوريا، وربما تعمل تلك الأطراف على استهداف إسرائيل عبر الطيران المسير أو الصواريخ المطورة من الأراضي السورية”.
ويعرب الدعمي عن أنه “لن تكون هناك أي أعمال عسكرية تنطلق من الأراضي العراقية نحو إسرائيل، وأي عمليات من العراق يعني دخوله بشكل مباشر بهذه الحرب وهذا ما لا تريده أو تسمح به الحكومة العراقية في هذه المرحلة تحديدا خشية من تداعيات وخطورة الأمر على العراق بمختلف الأصعدة”.
وأعلنت “المقاومة الإسلامية في العراق” الأحد، في بيان ، عن تنفيذ عمليتين مع القوات اليمنية “الحوثيون”، استهدفت سفنا في ميناء حيفا والبحر الأبيض المتوسط، مبينة أن العملية الأولى استهدفت أربع سفن في ميناء حيفا، والعملية الثانية استهدفت سفينة “Shorthorn Express” في البحر الأبيض المتوسط وهي في طريقها إلى ميناء حيفا، وذلك بعدد من الطائرات المسيرة.
وعقب بيان “المقاومة الإسلامية في العراق، نفت القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” في بيان ادعاءات الحوثيين بتنفيذ هجوم ناجح استهدف حاملة الطائرات “إيزنهاور”، مؤكدة تدمير ثلاثة زوارق مسيرة للحوثيين في البحر الأحمر خلال الساعات الـ24 الماضية.
ويوم أمس الثلاثاء، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية، أن المعارك العنيفة التي يخوضها الجيش الإسرائيلي ضد مقاتلي حركة حماس في مدينة رفح في جنوب قطاع غزة على وشك الانتهاء، مضيفا أنه بعد انتهاء المرحلة العنيفة سيتم أعادة نشر بعض القوات نحو الشمال لأغراض دفاعية في شكل رئيسي ولإعادة السكان النازحين إلى ديارهم، مؤكدا “نحن في حرب أمام سبع جبهات هي حماس، وحزب الله، والحوثيون، والميليشيات العراقية، والميليشيات السورية، والضفة الغربية، وإيران”.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة