26 Aug
26Aug

كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، تداعيات إيقاف تدفق النفط عبر خط الأنابيب العراق وتركيا، فيما أكدت أن أردوغان ألقى باللوم على الخلافات الداخلية بين حكومة العراق المركزية وإقليم كردستان.

وبحسب تحليل اقتصادي، للخبير في القانون الدولي وعضو في المجلس التنفيذي للمجلس الأطلسي التركي، أمير جوربوز، نشره في المجلة الأمريكية، فإنه "لقد مر ما يقرب من خمسة أشهر منذ أن أوقفت تركيا تدفق النفط عبر خط الأنابيب بين العراق وتركيا، وهي خطوة جاءت بعد أن حكمت غرفة التجارة الدولية (ICC) بشأن نزاع قانوني دام تسع سنوات بين البلدين".
وأضاف: "على الرغم من الشائعات التي ترددت عن قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة دبلوماسية تاريخية إلى بغداد هذا الشهر لمناقشة إعادة تشغيل خط أنابيب النفط، إلا أن التداعيات الاقتصادية والسياسية والقانونية للنزاع النفطي تتصاعد مع بقاء ملايين براميل النفط عالقة في الموانئ. - على الرغم من الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى بغداد، حيث لم يعترف علناً بالحصار النفطي".
وذكرت المجلة، أن "الخلاف يتلخص فيما إذا كانت تركيا قد خرقت اتفاق عبور خطوط الأنابيب الذي مضى عليه 50 عاماً من خلال السماح بتصدير النفط من الحقول في المناطق التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان دون موافقة العراق. ولكن منذ أن حكمت محكمة التحكيم في باريس على العراق بتعويض قدره 1.5 مليار دولار، فإن رد تركيا - المتمثل في منع ما يقرب من 500 ألف برميل يوميًا من حكومة إقليم كردستان في شمال العراق، والمتجهة إلى الأسواق العالمية عبر ميناء جيهان - قد أرسل موجات صدمة عبر قطاع النفط وحفزت تداعيات إقليمية، بل وعالمية".
وأشار التقرير الى، أن "أردوغان ألقى باللوم على الخلافات الداخلية بين الحكومة العراقية المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال العراق. لكن المسؤولين العراقيين ومسؤولي حكومة إقليم كردستان ينفون ذلك، ويلومون تركيا بدلاً من ذلك".
وذكرت المجلة: "على الرغم من أن تركيا ادعت في البداية أنها تمتثل ببساطة لحكم المحكمة الجنائية الدولية، فقد تبين بسرعة أنها كانت تحاول التفاوض على دفع تعويضات بقيمة 1.5 مليار دولار وحل تحكيم ثان مع العراق بشأن تدفقات النفط غير المصرح بها منذ عام 2018. وفي الوقت نفسه، لم تكن هناك أي علامات على ذلك. وسوف تستأنف تركيا تدفق النفط في أي وقت قريب".
ولفت التقرير الى، أن "الحظر الذي تفرضه تركيا لفترة طويلة على صادرات النفط العراقي ومحاولاتها الضغط على العراق للامتثال لمطالبها يؤدي إلى زعزعة استقرار خط أنابيب ذو أهمية مركزية للاستقرار الاقتصادي الإقليمي والعالمي"، مبيناً أن "خط الأنابيب كان ينقل حوالي 10% من إجمالي الصادرات العراقية، أي ما يعادل 0.5% من الإنتاج العالمي، والعراق هو ثاني أكبر منتج في منظمة أوبك".
وتابعت المجلة، أن " وقف تركيا للصادرات على الفور أدى إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية فوق 70 دولارًا للبرميل. 

علاوة على ذلك، تشكل عائدات تصدير النفط نحو 80% من الميزانية السنوية ل‍حكومة إقليم كردستان، مما يعرض الإدارة بأكملها للخطر".
وأردف التقرير: "ومع استمرار الحصار، الذي أدى إلى خنق إمدادات النفط الخام العالمية، فقد ساعد في زيادة أسعار النفط، مما أثر بشكل خاص على الاتحاد الأوروبي، الذي زاد بشكل كبير وارداته من النفط العراقي ليحل محل الغاز الروسي. 

فإيطاليا، على سبيل المثال، تلبي 13% من طلبها على النفط الخام من العراق، ويأتي أكثر من نصفه من الحقول الواقعة شمال العراق التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان. ومع انقطاع تدفق النفط من حكومة إقليم كردستان، أصبحت أوروبا في وضع محفوف بالمخاطر مع عدم وجود حل سريع وسهل".
وبينت المجلة، أن "الحصار المطول، والذي كلف حكومة إقليم كردستان بالفعل أكثر من 2 مليار دولار، يمكن أن يدمر اقتصاد شمال العراق وربما يؤدي إلى انهيار حكومة إقليم كردستان التي تتمتع بحكم شبه ذاتي"، مستدركة بالقول: "لسنوات عديدة، كان اقتصاد حكومة إقليم كردستان يعاني من تخفيضات الميزانية من الحكومة الفيدرالية العراقية. 

إذا ظل الوضع دون حل، فقد يؤدي ذلك إلى موجة هجرة مدمرة؛ وقد هاجر عشرات الآلاف من الأكراد العراقيين بالفعل إلى أوروبا، ومن الممكن أن يذهب المزيد في المستقبل القريب".
وأوضح التقرير، ان "التداعيات المالية - العجز الكبير في الميزانية في كل من حكومة إقليم كردستان وبغداد - يمكن أن تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الكارثي في المنطقة، وهو أمر يمكن أن تستغله الجماعات المسلحة مثل تنظيم الدولة الإسلامية، مما قد يؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار، ومع إصابة مؤسسات "حكومة إقليم كردستان" بالشلل فعلياً في أعقاب أزمة تصدير النفط، فإن العراق معرض لخطر فقدان درعه الأساسي ضد تنظيم "داعش" - خاصة إذا اضطرت قوات الأمن التابعة ل‍حكومة إقليم كردستان إلى تحويل الموارد المخصصة لحراسة شبكة مراكز الاحتجاز التابعة ل‍حكومة إقليم كردستان".
واستدركت المجلة: "على الرغم من أن أربيل - عاصمة إقليم كردستان - وبغداد توصلتا إلى اتفاق في أوائل نيسان/أبريل، مما أثار الآمال بأن تركيا لن يكون لديها عذر آخر لتجنب استئناف الصادرات بعد انتخابات أيار/مايو، إلا أنه لم تكن هناك أي علامات على تقدم ملموس من جانب أنقرة".
وأكدت، أن "المخاطر كبيرة: فالنزاع المستمر يهدد بانهيار الاستثمارات الأمريكية في العراق، وزعزعة الاستقرار الاقتصادي للحكومة الفيدرالية العراقية، واندفاع روسيا وإيران لملء الفراغ الجيوسياسي. وقد أدى هذا المأزق إلى خفض شركات النفط العالمية في العراق استثماراتها بمقدار 400 مليون دولار، وتسريح مئات العمال، والتهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضد الحكومات التي تعتبر مسؤولة. ومع استمرار الأزمة، فإن سمعة العراق بين المستثمرين سوف تتضرر بشكل متزايد".
وتابع التقرير، أن "المخاطر الأكبر تأتي مما يمكن أن يحدث إذا استمرت أربيل في خسارة مليارات الدولارات من فقدان عائدات النفط بسبب النزاع على خط الأنابيب. ومن المرجح أن يجد بعض نفطها طريقه إلى الخارج عبر إيران، في حين قد ينتهي الأمر ب‍تركيا إلى اللجوء إلى النفط الإيراني والروسي لتلبية مطالبها الخاصة. في نهاية المطاف، قد تنهار حكومة إقليم كردستان - التي تعتمد على عائدات النفط من أجل البقاء - مما قد يؤدي إلى صراع بيروقراطي بين الفصيلين المتنافسين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، وربما يتحول إلى حكومة إقليمية. حرب أهلية شاملة".
وأتم التقرير: "قد يمتد عدم الاستقرار في كردستان العراق أيضاً إلى العراق الأوسع، الذي يترنح بالفعل على حافة الصراع الطائفي. وفي العام الماضي، شنت إيران هجمات على جماعات المعارضة الإيرانية المزعومة في كردستان العراق، كما أدى تدخلها المتزايد في المنطقة إلى تفاقم التوترات السياسية بين الشيعة. وقد يؤدي سقوط حكومة إقليم كردستان إلى خلق فراغ يسمح ل‍إيران بتكثيف مشاركتها، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد هذه التوترات المتصاعدة والتهديد بحرب أهلية على مستوى البلاد".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة