مع انطلاق موسم حصاد الحنطة في العراق، تتباين الأرقام التي تقدمها وزارتا الزراعة والتجارة عن الإنتاج المتوقع من الحنطة؛ ففي الوقت الذي ترجح فيه وزارة الزراعة أن يصل معدل إنتاج الحنطة إلى 7 ملايين طن، تعتقد وزارة التجارة أن كميات الحنطة ستكون 6 ملايين طن.
وفي الحالتين، يُعتبر هذا الموسم من أنجح مواسم الزراعة في تاريخ العراق بفضل الأمطار الغزيرة.
ومع ذلك، فإن التحذيرات مستمرة من محاولات بعض المتنفذين استغلال فارق السعر بهدف تهريب الحنطة المستوردة إلى داخل العراق وتسويقها للحكومة على أنها إنتاج محلي.وايضا يبرز سؤال مهم: هل سيحقق العراق الاكتفاء الذاتي من الحنطة ويوقف استيراد منتجات الحنطة، خاصةً وأنه استورد خلال العام الماضي من تركيا وحدها ما قيمته مليار دولار من الطحين ومنتجاته؟
وأعلن محمد الخزاعي، المتحدث باسم وزارة الزراعة، عن تحقيق إنجاز غير مسبوق في موسم حصاد الحنطة لهذا العام.
وقال الخزاعي إن “الكميات المتوقع حصادها هذا العام من الحنطة تبلغ 7 ملايين طن، محققةً بذلك فائضًا قدره مليوني طن، وهو رقم يُسجل لأول مرة في تاريخ العراق”.
وأضاف الخزاعي أن “هذا الإنجاز يُعد دليلًا على الجهود الكبيرة التي بُذلت في دعم القطاع الزراعي وتخصيص موارد كبيرة لتحديث تقنيات الري، مما أسهم في توسيع الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاج”.
وتابع المتحدث أن “الفلاحين الذين عملوا بجد طوال الموسم يتلقون الآن مستحقاتهم المالية في نفس اليوم، بدلًا من الانتظار لأشهر عديدة كما كان في السابق”.
وأشار الخزاعي إلى أن “تخصيص أكثر من 835 مليار دينار لشراء معدات الري الحديثة، وهو استثمار يُتوقع أن يُسهم في تحسين الإنتاجية في المواسم القادمة”، مؤكدًا على “نجاح الموسم الحالي، مع تأمين كافة الإجراءات اللازمة للخزن والحفاظ على الحنطة”.
من جانبه، أشار محمد حنون، المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية، إلى تحقيق نجاحات متواصلة في الموسم التسويقي الحالي الذي يشمل 12 محافظة عراقية، مع الترقب لانطلاق الفعاليات في ست محافظات أخرى من ضمنها محافظات إقليم كردستان.
وتوقع حنون في حديث له أن “تصل الكميات المسوقة من الحنطة هذا الموسم إلى ست ملايين طن، مما يُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية وضمان الأمن الغذائي للبلاد”.
وأكد حنون أن “وزارة التجارة تعمل على توفير الخزين الاستراتيجي للقمح، معتمدة في ذلك على الإنتاج المحلي من الحنطة”.
وأبرز حنون “التحسينات الجديدة في عملية التسويق، من خلال صرف الاستحقاقات المالية للفلاحين والمزارعين خلال 24 ساعة من استلام المحصول، وهو إجراء يُطبق لأول مرة ويُعد تقدمًا ملحوظًا عن المواسم السابقة”، مبينًا أن “ملاكات وزارة التجارة تعمل على مدار 24 ساعة دون انقطاع، مما يُسهم في تحسين الكفاءة وتقليل الازدحام الذي كان يحدث في المواسم السابقة”.
ورغم المعطيات المبشرة، إلا أن هناك مخاوف تبرز تتعلق بتهريب الحنطة إلى داخل البلاد، من خلال استغلال بعض المتنفذين للفجوة السعرية بين السوقين العالمي والمحلي، والتي قد تؤدي إلى تسويق الحنطة المستوردة أو المهربة على أنها محلية.
الحكومة العراقية حددت سعر الحنطة المحلية بـ850 ألف دينار للطن، وهو ما يمثل زيادة بنحو 90% عن السعر العالمي. هذه الزيادة في الأسعار تأتي بالتزامن مع مخاوف من ضعف السيطرة على المنافذ الحدودية، مما قد يؤدي إلى استغلال المهربين للفجوة السعرية وتهريب الحنطة إلى داخل العراق.
المخاوف الجدية تستدعي تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية خلال موسم تسويق الحنطة، وتعزيز الإشراف من قبل المديريات الزراعية على الأراضي للتأكد من صحة الكميات المسوقة.
هذه المخاوف تأتي في وقت يتوقع فيه أن يصل حجم التسويق للحنطة هذا العام إلى أكثر من 7 ملايين طن، مما قد يكلف الحكومة 6 ترليون دينار.
كما يطرح الإنتاج الوفير قضية أخرى لا تقل أهمية، ألا وهي تحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم استيراد منتجات الطحين، خاصةً وأن العراق استورد طحينًا تركيًا بقيمة 500 مليون دولار، وبسكويت بقيمة 260 مليون دولار، ومعجنات بقيمة 180 مليون دولار، خلال العام الماضي وحده.