21 Jan
21Jan

استبعد مختصون بالاقتصاد، أي توجه حكومي بتثبيت سعر صرف الدولار عند ارتفاعه الحالي، وعزوا ذلك الارتفاع إلى خضوع البنك المركزي مؤخرا لنظام الحوالات العالمي، وهو ما لم يكن يطبقه رغم الإنذارات الأمريكية.

ويقول الباحث المختص بالاقتصاد، نبيل التميمي، خلال حديث له، إن "مسألة وجود نية حكومية لرفع سعر صرف الدولار غير واردة، فالذهاب بهذا الاتجاه حدث سابقا بسبب تدهور الموقف المالي في سنة 2020، وإن كانت هذه الخطوة مثيرة للخلاف والجدل".

ويضيف التميمي، أن "الموقف المالي اليوم، مختلف إذ يسجل العراق سابقة تاريخية، فالاحتياطي عال ويقارب 100 مليار دولار مع وجود فائض نقدي حكومي"، مشيرا إلى أن "الموقف المالي من العملة الصعبة ممتاز أيضا، ولكن موضوع سعر الصرف متعلق بقضية الإرباك باستبدال الأموال من الدولار إلى الدينار والعكس، بسبب الحوالات".

وفيما يرى أن "الاتجاه الحكومي هو نحو تخفيض سعر الصرف"، يؤشر أن "هناك عقبات تقف بوجه هذا الاتجاه بسبب زيادة الإنفاق والتعيينات الأخيرة".

ويرجع التميمي انخفاض مبيعات البنك المركزي إلى "وجود مشكلة في الحوالات، فالمبيعات عبارة عن حوالات، والحوالات التي لا تمرر ترفض"، لافتا إلى أن "البنك المركزي لم يهمل الموضوع ودعا المصارف إلى شراء الدولار وإبقائه في البنك المركزي".

يذكر أن سعر صرف الدولار مقابل الدينار، بلغ قبل اليومين الماضيين 167 ألف دينار لكل مائة دولار، بعد أن شهد تذبذبا خلال الشهر الفترة الأخيرة، وتراوح بين 153 – 160 ألف دينار لكل مائة دولار.

وقد أنعكس ارتفاع سعر الصرف، على المواد الغذائية الأساسية، حيث شهدت بدورها ارتفاعا ملحوظا، وبحسب تقرير سابق فأن خبراء بالاقتصاد اقترحوا عودة العمل بالفئة الصغيرة من العملات للتقليل من آثار التضخم.

وخلال الفترة الماضية، خضعت المصارف العراقية، إلى ضوابط صارمة للحد من تهريب العملة خارج البلد، وذلك بإشراف أمريكي، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط، ما تسبب برفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية.

إلى ذلك، تتفق الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، خلال حديث لها، مع التميمي، في استبعاد "أية نية غير معلنة لرفع سعر الصرف، كون العراق الآن يمتلك وفرة مالية، لكن التناغم منعدم بين السياسة المالية التي تخص الرواتب وتعيينات وزارة المالية والسياسة النقدية التي تخص البنك المركزي".

وعن انخفاض مبيعات البنك المركزي، ترى سميسم، أنها "قضية خارجية تتعلق بالعقوبات الأمريكية والتي لم يتابعها البنك المركزي على الرغم من تسلمه أكثر من إنذار ولم يبد أي اهتمام، وكان الأحرى بالبنك المركزي أن يوقف التعامل بالدولار مع هذه المصارف، لكنه فعل العكس، استمر بإعطائهم الأموال ما أدى إلى قطع إمدادات الدولار عن هذه المصارف أو منعها من تداوله من البنك الفيدرالي ولذلك ظهرت هناك تسريبات باحتمالية أن تكون هناك بنوك أخرى فالتزم البنك المركزي بالقوانين الدولية".

وتضيف أنه "على الرغم من نظام الفلترة الالكترونية الذي يعمل به البنك المركزي الآن وهو نظام ألزم على العمل به، لكن مازالت هناك شركات تهرب الدولار ولذلك يجب أن تكون هناك شفافية وحوكمة ولكن مازلنا بعيدين عن ذلك".

ولا تعتقد سميسم، أن "الحكومة تمتلك من الذكاء الذي يجعلها تتخذ هذا المسار من أجل تقليل العجز الذي قد يحصل بسبب التعيينات، وقد تكون وزارة المالية اقترحت هذا، لكنها حتى الآن لم تأخذ الضوء الأخضر من وزارة الخزانة الأمريكية".

وقد كشفت مصادر، في تقرير سابق، أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية.

يشار إلى أن وزير المالية السابق علي علاوي، أعلن في أيار مايو الماضي، أن خفض قيمة الدينار العراقي أدى إلى الحفاظ على احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي العراقي بعد المستويات المنخفضة والحرجة التي وصلت إليها في أواخر عام 2020، كما أن التعافي في أسعار النفط والإدارة المالية "الحكيمة"، ساعد على بلوغ الاحتياطي المالي 70 مليار دولار بحلول نيسان أبريل الماضي، ومن المتوقع أن يؤدي التعافي المستمر لأسعار النفط إلى زيادة هذه الاحتياطيات لأكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية العام الحالي.

من جانبه، يتحدث الخبير في الشأن الاقتصادي جليل اللامي،عن أن "العراق تعرض عام 2020 إلى أزمة مزدوجة اقتصادية ومالية، تأججت طوال العام وزرعت في النفوس مخاوف من أن لا تتمكن وزارة المالية من تأمين رواتب الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، وفي ظل هذه الظروف الصعبة، طرحت الحكومة السابقة برنامجها للإصلاح الاقتصادي والمالي الذي أطلقت عليه في حينها اسم (الورقة البيضاء)، في شهر تشرين الأول من العام 2020".

ويواصل اللامي، أن "الحكومة أعقبت ذلك بتقديمها للبرلمان مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2021 راعت فيه ضغط النفقات وزيادة الإيرادات ورفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي من 1180 إلى 1450 دينارا للدولار الواحد رغم أن تغيير سعر الصرف مبالغ فيه ولا يعكس القيمة الحقيقية للدولار الأمريكي".

ويستدرك أن "تغيير سعر الصرف سيعمل على إعادة توزيع الريع النفطي ‏لصالح وزارة المالية، أما ما يحصل من تذبذب الآن بسعر صرف الدولار بالسوق الموازي (السوداء) الذي أدى إلى اضطراب الحركة التجارية بالبلاد وأسهم في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، كان بسبب استبعاد أربعة مصارف عراقية عن دخول مزاد بيع العملة نتيجة عقوبات دولية بسبب اتهامها بالفساد، فضلا عن بدء البنك المركزي العراقي طريقة تدقيق جديدة ونظام تحويل سويفت (Swift) بأسلوب شبيه بالنظام العالمي بما يتطلب تفاصيل دقيقة عن الحوالات الخارجية، ما أدى لرجوع العديد من الحوالات".

ويتابع أن "الحكومة فشلت في وقف تهريب العملة الصعبة، وأن قرارها خفض قيمة الدينار اتضح أنه كان بطريقة عشوائية من دون مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين، وحتى من دون مراعاة الاقتصاد العراقي الكلي".

يذكر أن الحكومة السابقة وفي أواخر 2020، أعلنت عن تغيير سعر صرف الدينار من 1182 دينارا لكل دولار إلى 1450 دينارا لكل دولار، ما أثار موجة سخط شعبية كبيرة، خاصة بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وتم تثبيت هذا الأمر في الموازنة الاتحادية التي صوت عليها مجلس النواب في 31 آذار مارس من عام 2021.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة