بعد مهاجمة جمهور التيار الصدري لمقرات تابعة لتيار الحكمة، حذر مراقبون من تطوّر الأحداث إلى صدام مسلح، قد يتسبب بتأجيل الانتخابات المحلية المقررة في 18 كانون الأول ديسمبر الحالي، الأمر الذي وصفه قيادي في الإطار التنسيقي بمحاولة "فرض إرادات بالقوة"، مؤكدا الالتزام بإجراء الانتخابات في موعدها.
ويقول رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـه، إن "ما تشهده الساحة السياسية من توتر بين بعض الأطراف السياسية الشيعية، تنذر بتطورات خطيرة في قادم الأيام مع قرب انتخابات مجالس المحافظات".
ويبين فيصل، أن "هناك تخوفا سياسيا وشعبيا حقيقيا من عودة الصدام المسلح بين بعض الأطراف السياسية التي تمتلك السلاح، خصوصا بعد التطور الأخير بمهاجمة المقرات الحزبية بالأسلحة، وكذلك عمليات الاقتحام، فهذه الأعمال ربما تكون لها ردود أفعال، وهنا تكمن الخطورة".
ويضيف أن "تصاعد الصراع السياسي والتحول إلى الصدامات ربما يدفع إلى تأجيل العملية الانتخابية، إذ لا يمكن إجراء أي عملية انتخابية في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني، وهناك أطراف لا تريد أي تصعيد في الشارع وربما يكون خيارها التأجيل".
وشهد فجر أمس الأربعاء، احتجاجات واقتحامات لمقر تيار الحكمة في مناطق "جميلة" ضمن مدينة الصدر، وحي البنوك، والكريعات، في بغداد، وكذلك في ديالى، والبصرة، وإحراق صور بعض مرشحي "الحكمة" للانتخابات المحلية، على خلفية تغريدة منسوبة لبليغ أبو كلل القيادي في تيار الحكمة هاجم فيها التيار الصدري وشبّه موقفهم بـ"موقف الخوارج"، قبل أن يتبرأ منها ويقول إنها مزورة.
كما شهدت ساعات الليل المتأخرة انتشارا كثيفا للقوات الأمنية، خصوصا في العاصمة بغداد، تضمنت إغلاق جسور وطرق مؤدية إلى منطقة الكرادة، حيث مقر عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة.
وفي أعقاب ذلك، وجه العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، أمس، كبار قادة الأمن بمحاسبة كلّ من يعرقل إجراء الانتخابات المحلية، فيما أعلن القضاء توقيف "مجموعة خارجة عن القانون مكونة من 12 متهما في مناطق شرق القناة لقيامهم بالاعتداء على مقرات الأحزاب وحرق وتمزيق صور المرشحين للانتخابات".
من جهته، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـه، أن "الصراع السياسي يصبح أخطر عندما يتم جره إلى الشارع، فهذا الأمر قد يدفع إلى سقوط ضحايا من العراقيين، ولهذا على الحكومة فرض الإجراءات التي تمنع أي صدام شعبي أو مسلح".
ويضيف جودة، أن "الصراع السياسي أمر طبيعي، لكن هذا الصراع لا يمكن أن يتحول إلى صراع مسلح وصراع فرض الإرادات بالقوة، فهنا سيكون الجميع خاسرا ولا يوجد أي طرف رابح إطلاقاً، كما أنه يفتح الباب أمام التنظيمات الإرهابية التي تستغل أي ثغرات للتحرك".
ويشدد على أن "الشارع العراقي متخوف من قادم الأيام، خصوصاً بعد التصعيد مؤخراً ضد المقرات السياسية، فهذا قد يدفع المزيد من المواطنين إلى عدم المشاركة في العملية الانتخابية خشية من تعرضهم إلى هجوم".
وكان رئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم دعا، أمس الأربعاء، إلى تجاهل المنغصات، وذلك بعد ساعات، من ليلة شهدت اقتحاما لمقرات التيار الحزبية، وقال في بيان موجه إلى أتباع تيار الحكمة إن: مشروعكم أسمى من أن تناله المنغصات أو تزعزعه الشائعات أو تثنيه عن مواصلة طريقه.
وفي صيف العام الماضي 2022 هاجم أنصار التيار الصدري 9 مقرات تابعة لتيار الحكمة في مناطق مدينة الصدر والشعب والمشتل والدورة وحي العامل وأبو دشير في بغداد، إضافة إلى مقر في واسط، واثنين في بابل والبصرة، وذلك بعد خطاب لعمار الحكيم انتقد فيه اقتحام المنطقة الخضراء وتأجيج الشارع، فضلًا عن انتقاد طريقة تعامل قوات الأمن الحكومية مع تظاهرات الصدريين والسماح لهم بدخول المنطقة الخضراء.
من جهته، يؤكد القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـه، أن "الانتخابات سوف تجري في موعدها، ولا يوجد ما يدعو إلى تأجيلها لوقت آخر، وكل محاولات عرقلة العملية الانتخابية من خلال بعض الأعمال غير القانونية لن تنفع أبدا".
ويبين الفتلاوي، أن "بعض الأطراف السياسية تريد فرض إراداتها على القوى السياسية والشارع بعدم إجراء الانتخابات أو عدم المشاركة فيها، وهذا يخالف كل القوانين، فالمشاركة والمقاطعة حرية لكل عراقي كفلها الدستور ولا يمكن فرض أي خيار على أي مواطن أو طرف سياسي".
ويضيف أن "الإطار التنسيقي يرفض كل محاولات استخدام الشارع في أي صراع سياسي، كما هو لا يريد أي تصعيد شعبي أو سياسي، ولا يريد أي شيء يزعزع الاستقرار السياسي والأمني الذي يمر به العراق منذ أكثر من عام"، لافتا إلى أن "العملية الانتخابية ستجري والأغلبية السياسية والشعبية داعمة لذلك".
ومنذ أيام، ارتفعت وتيرة حملة مقاطعة الانتخابات من قبل أنصار التيار الصدري وقد أطلقوا وسم "مقاطعون" وفيه عمدوا إلى نشر مختلف الفيديوهات والصور الذي تنال من الإطار التنسيقي، ودعوا إلى مقاطعة الانتخابات بشكل تام.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وجه في منتصف شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، أنصاره بمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، وعدّ ذلك بأنه سيقلل من شرعيتها خارجيا وداخليا، حيث أكد أن "مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً.. ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا.. ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب".
يذكر أن الصدر، أمر بانسحاب الكتلة الصدرية التابعة له والابتعاد عن العملية السياسية في حزيران يونيو 2022، ومن ثم أعلن عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة، وذلك خلال أزمة الانسداد السياسي التي استمرت قرابة عام.